ذكرت فى مقال سابق ان انقلاب البرهان ومن ورائه قد كان كاشفا لكل النوايا ، الظاهر منها مثل تمنى البيان الاول والخفى منها من عناصر داخلية وخارجية ، مثل الرغبة فى اعادة النظام القديم ، او الرغبة فى حكم عسكرى ضعيف يمكن توجيهه حسب ارادة اقليمية ودولية لاتريد السماح بنظام ديموقراطى حقيقى يكون عصيا على التوجيه ولا يعطى نموذجا للاخرين . اضاف الفريق البرهان الى ذلك الوصف وصفا آخر يبرر به فعلته ، وهو انه اراد بانقلابه تصحيح مسار الثورة المجيدة ! ومن جانبي اؤيد اضافة هذا الوصف وان يكن لاسباب تختلف تماما : فأولا : بمجرد قراءة البيان الاول ، اتضح للبرهان ان اعتصام القصر لايمكن ان يدعم الانقلاب ذلك لان الموجودين فيه لايعبرون عن اراء قادتهم وانما يعبرون عن رغبات شخصية صرح بها بعضهم ابتداء من ملا البطون بمالذ وطاب وانتهاء بملا الجيوب بما كثر من المال الحرام . ثم بعد خروج المليونيات الرافضة اتضح له انه حتى موقف القادة الذين طالبوا بالبيان الاول قد اختلف تماما بصورة جعلت البعض يصفه بالقفز من السفينة ! ولم يقف الامر عند هذا الحد بل ان الموقف الاقليمى والدولى قد عبر عن اختلاف جوهرى عما قد يكون اتفق عليه مع القائد . ولكل هذا بدأ تصحيح حقيقى يحاوله القائد هذه المرة دون مشورة من الدافعين الى الموقف فى الداخل والخارج . لذلك كان التخبط الغريب فى القرارات : حل حكومة حمدوك ثم الطلب اليه بأن يكون رئيسا للحكومة الجديدة ! اطلاق سراح جماعة من النظام الانقاذى ثم اعادتهم للاعتقال ! و .. ثم .. و.. ثم ثانيا : بدا تصحيح موقف د. حمدوك فهو من طالب الجماهير بالخروج الى الشوارع لحماية ثورتهم برغم انهم طالبوه فى عديد من مليونياتهم السابقة بتنفيذ شعارات الثورة فى السلام والحرية والعدالة ولو كان فعل لما حدث الانقلاب اصلا ، ولو حدث لكان قد اجتث من داخل القوات المسلحة ذلك لأن من طالبت جماهير الثورة بارجاعهم الى الجيش هم من كانوا سيفعلون . ومن تصحيح مواقف السيد رئيس الوزراء مطالبه الثلاث التى اشترطها للعودة واهمها فى تقديرى طلبه ابتعاد الجيش عن السياسة ، الذى هو فى تقديرى السبب فى كل مصائب مابعد الاتفاق المعيب مع لجنة الانقاذ الامنية على انها تمثل المكون العسكرى وذلك مباشرة بعد اعتراف اللجنة بانها من فض اعتصام القيادة ! ثالثا : بدأ تصحيح مواقف من وعى من قادة اعتصام القصر، فقد صرح السيد مناوى بأنهم اجتمعوا مع الفريق (أ) من قحت واتفقوا على سبع نقاط قد تؤدى فى رأيه الى حلحلة الوضع . كذلك صرح السيد وزير المالية بمواقف تناقض مواقفه السابقة المعلنة عن الانقلاب . غير ان تصحيح هذه المواقف لن يكون مقبولا الا بعد تبيان موقفهم من وجهة قائد الانقلاب ومؤيده الاول مغلق ميناء البلاد ، من تكوين حكومة تكنوقراط ، بما يعنى تخليهم عن مناصبهم الوزارية ولو لتكنوقراط من بنى تشكيلاتهم! رابعا : مواقف قحت ( أ) التى يبدو من مواقفها بعد البيان الاول انها استوعبت كثير من الدروس ، ليس اقلها ان احتكار السلطة ، او حتى الوجود فيها باى نسبة لايكون ذا جدوى مع تسلط العسكر البين على كل الامور التنفيذية ، كما اتضح ، وكذلك ان "الصهينة "عن بعض الامور الاساسية من مثل وجود عدد من الجيوش داخل الخرطوم وعلى راسها جماعة الجنجويد التى مثلت الشريك الخفى والفعال حتى فى اعتقال الوزراء وتعذيبهم ، لايؤدى الا الى مزيد من سيطرة هذه الجماعات . هذه بعض النماذج التصحيحية من اثر الانقلاب ، غير ان التصحيح الاكبر الذى يجب ان يكون فهو للخطأ المبدئى الذى حدث فى القبول باللجنة الامنية كممثل للمكون العسكرى وكذلك القبول بالوثيقة الدستورية برغم ما قيل عنها من بعض منشئيها من تزوير ، وكذلك القبول بالتعديلات التى تمت عليها والتى من ضمنها احد الاسباب التى يستند اليها الانقلاب وذلك فى تحديد فترة تبادل رئاسة المجلس السيادى! ربما يكون هناك اختلاف على توقيت هذه الاجراءات ، غير ان البداية المنطقية تكون فى اعادة الامور الى ماكانت عليه قبل البيان الاول ومن ثم يكون التصحيح من الاهم فالمهم ، ويكون عندها لكل حادث حديث . وأخيرا شكرا للانقلاب الذى اعادنا الى نقطة كانت فارقة فى مسيرة الثورة، انتهزها العسكريون الانقاذيون لوضع ارجلهم على طرف السلطة الانتقالية ومن ثم عملهم الدؤوب بدون انقطاع ولاكلل للاستيلاء على كامل السلطة وقد فعلوا ، غير انهم لم يقدروا بشكل صحيح نقطة الهجوم النهائي بعد استخدام كل الوسائل المجربة فى اماكن اخرى ولدي شعوب مختلفة من تجويع متعمد وافقاد للامن بصورة ممنهجة ، فكان ان ادخلوا انفسهم فى هذا الجحر . فهل تنتهز القيادات الثورية ماحدث لتصحيح الامور وتنفيذ مبادئ الثورة بشكل فعلى ؟!
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 11/01/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبد المنعم عثمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست