يقال أن فاقد الشيء لا يعطيه. هذه المقولة تمثل وضع جنوب السودان والخلاف المتواصل بين "سالفا" و "رياك مشار" - لكن بالرغم من ذلك آلت "جوبا" على نفسها التقدم بإستضافة المفاوضات والتي أفضت إلى "إتفاقية جوبا". وبالرغم من متابعتنا للأخبار وتناولها للزيارات التي قامت بها الوفود الدبلوماسية ل "حمدوك" - إلا أن التحرك الدبلوماسي الأبرز تمثل في وصول "توت قلواك" للسودان في محاولة لإيجاد مخرج من الأزمة الحالية. "جوبا" تدرك جيدآ وضعية "البرهان وحميدتي" وفقدانهما للغطاء الآمن في حال إنتقال السلطة الأعلى لمجلس السيادة وخضوعها للمكون المدني- وهو ما سيشكل ضغطآ عليهما ويجردهما من تلك الصلاحية التي يتمتعون بها- فالمكون المدني سيحاول سحب البساط من تحت اقدامهما والضغط لمحاولة تجريدهما من المصدر المالي المؤثر والمتمثل في تلك الشركات التي تسيطر على عصب الإقتصاد في البلاد. ولاندري ماهي المغريات التي ستقدمها "جوبا" للبرهان وحميدتي من أجل قبولهما بالتنحي عن سدة الرئاسة في المجلس السيادي- وماهو هامش المناورة في التفاوض؟؟ فهل ستكون هناك ضمانات من جهة اخرى مؤثرة في المشهد ولكن من خلف الستار؟؟ ربما نحن ننظر بزاوية وتنظر "جوبا" من زاوية أخرى ترتكز على مصالحها المباشرة والمتمثله في إعادة فتح صنبور النفط وإنعاش خزينتها الخالية من الموارد الأخرى- وهو درس آخر يتم تقديمه للفئات المتناحرة حول السلطة عن ضرورة تقديم المصلحة العامة عن الرؤية والمصلحة الشخصية. فما هو موقف الحركات الموقعة على إتفاقية "جوبا" من هذا التحرك؟؟ ومن الغريب فعلآ أن نجد تلك الحركات صامتة ولا تقدم اي رؤية للحل- ويكاد يخلو المسرح السياسي من تحرك بإستثناء "مناوي وجبريل" - فأين بقية الحركات المسلحة والتي صوروها لنا وكأنها بمئات الآلاف؟؟ لماذا لم نسمع لها صوتآ ؟؟ وماهي رؤيتها للخروج من هذه الأزمة؟؟ هذه الأسئلة تفتح الباب للتساؤل عن وضعية هذه الحركات الفعلية ووزنها الحقيقي في الخارطة السياسية وعدد قواتها على الأرض و أعداد منتسبيها- وهي إشارة إلى أن تلك الحركات ليست سوى مجموعات قليلة ولكن وجدت المسرح مهيأ لها لإعلاء صوتها في وقت كان فيه الكل يلهث نحو منصة السلام فوجدت لنفسها متسعآ حين أفسح لها الآخرون مجالآ للتموضع في طاولة التفاوض- وأعتقد أن ذلك أحد معقدات الموقف الراهن في "دارفور" وسبب مباشر في تأخر إستتباب الأمن في الإقليم المضطرب منذ أمد بعيد- فمن الذي أعطى تلك المجموعات الصغيرة بطاقة الدخول لمنصة التفاوض؟؟ يبدو أن "جوبا" تلعب دورآ مؤثرآ في المشهد السياسي - قد تكون منطلقاتها مبنية على المصلحة "وهي غير ملامة في ذلك" لكن - وبما أنها قدمت المبادرة - نتمنى أن تواصل الضغط أولآ على تلك المجموعات لوقف مظاهر العنف في "دارفور" ونتأمل أن تضغط في سبيل عودة المكون المدني لقيادة المجلس السيادي حتى الوصول إلى صندوق الإقتراع. فهل تنجح "جوبا" في نزع فتيل الأزمة؟
11-03-2021, 10:15 AM
الشيخ سيد أحمد الشيخ سيد أحمد
تاريخ التسجيل: 07-14-2008
مجموع المشاركات: 2725
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الشيخ سيد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست