قبل انقلاب 25 أكتوبر كان الحديث عن شركات الجيش يثير غضب الانقلابيون وعلى رأسهم البرهان ،وكلما تحدث وطني غيور من الشعب عن ضرورة تصفية هذه الشركات لصالح الوطن والشعب ،انبرى هو شخصيا لدفاع عنها وتحويل المعركة إلى مؤامرة ضد جيشنا العظيم يقوم بها من يعتبرهم أعداء للوطن وهو يعلم انهم اهل وطنية وشرف. عندما قال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أن قضية استعادة الشركات الاقتصادية من القطاعين الأمني والعسكري تحظى بأولوية لدى الحكومة الانتقالية لإخضاعها لوزارة المالية، انفجر البرهان غاضبا ووجه انتقادات عنيفة لحكومة حمدوك ،وقال هناك جهات تعمل على إحداث قطيعة وجفوة بين القوات المسلحة ومكونات الشعب السوداني، وتعلق إخفاقاتها الاقتصادية على شماعة شركات واستثمارات القوات المسلحة، من خلال ترويجها لبعض الأكاذيب حول هذه الشركات واستحواذها على مفاصل الاقتصاد، ومن يومها لم يهدأ له بال حتى نفذ الانقلاب ليوقف اخضاعها للمالية لمعالجة خطأ وجودها الذي تسبب في تدمير الاقتصاد. اصرار الحكومة الانتقالية على ولاية المالية على شركات الجيش، هو الذي دفع البرهان لتنفيذ الإنقلاب متامرا مع حركات النهب المسلح واحزاب الفكة وجماعات الفتة والولائم ،فالأمر لم يكن رغبة في تصحيح مسار الثورة (الكان ماشي عديل) وانحرف به هو لانه يخشى قيام دولة مستقيمة . شركات الجيش هي أزمة الاقتصاد السوداني الأولى، فحسب المعلومات يبلغ عددها حوالي 200 شركة تعمل في (مجالات حيوية) ، (يعني ما خلت للمواطن حاجة)منها 34 شركة تابعة لوزارة الدفاع تشمل شركات الأمن الغذائي، الكيماويات والخدمات التقنية الطبية المحدودة، التأمين وإعادة التأمين، البحر الأحمر للملاحة والخدمات، النيل الأبيض للصناعات الجلدية، بروج المحدودة، اليرموك للخدمات الصناعية المحدودة، زادنا العالمية للاستثمار المحدودة، أميال للإنتاج الاعلامي، وشركة جياد لإنتاج السيارات القائمة لا تسعها هذه الزاوية، اضافة إلى عدد من البنوك طبعا، وتقدر قيمة استثمارات الجيش بحوالي 100 مليار دولار خارج ولاية الدولة تخيلو . هذا ليس كل شيء فجيشنا العظيم يستحوذ على أكثر من 80%من ميزانية الدولة والتي هي عبارة عن جبايات يدفعها من أجل أن تعود عليه في شكل خدمات ، الغريبة كل هذه الأموال لم تظهر في شكل القوات المسلحة السودانية، فهي ما زالت واحدة من أضعف الجيوش في العالم وجنودها الصغار يكابدون الفقر مع الشعب فأين تذهب أرباح هذه الشركات وفيما تصرف ميزانية الدولة. يوم الاثنين الماضي نقلت الصحف أن المجرم جبريل إبراهيم المسمى وزيرا للمالية ، قال أنّ حكومتهم تتجه نحو خصخصة شركات الجيش، ضمن مساعٍ لتخفيف حدة الأزمة المالية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، ، مشيراً إلى أنّ الحكومة ما تزال في طريقها لإغلاق العديد من الشركات المملوكة للدولة البالغ عددها 650 وخصخصة شركات أخرى و أنّ “جميع الشركات التجارية ستُطرح للاكتتاب العام، باستثناء الشركات المنتجة للأسلحة”، وأنّ الأمر سيكون قريباً.(وهذا موضوع سنعود اليه لاحقا ). ماقاله الانقلابي جبريل يؤكد حقيقة مهمة جدا ظل البرهان ينكرها دائما ،وهي أن شركات الجيش جزء من الأزمة الاقتصادية،وأن معالجة أمرها يسهم في الحل ،ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يخرج البرهان ويهاجم جبريل مثلما فعل مع حمدوك مع انه قا نفس هذا الكلام وبطريقة أجمل ؟ أقول لكم لماذا؟ لان الأمر مجرد مسرحية لخدعة الشعب وكلف جبريل بايصال الكذبة ،فالبرهان و( ومجلسه العسكري) لن يسمحوا أبدا بمس هذه الشركات ،وهو سيصفي الشعب حتى لا يتم تصفية هذه الشركات ،وهو الأمر ماض في التصفية ليس بالقتل فقط بل وباستمرار الأزمة الاقتصادية التي استفحلت جدا لدرجة ان العالم حذر من مجاعة وشيكة. ما أود أن اقوله هو أن شركات الجيش لن تعود إلى الشعب السوداني قبل أن يعود الجيش نفسه ، فهو ايضا اختطف منذ أكثر من ثلاثين سنة واصبح في عهدة عصابة الحركة الإسلامية التي انتجت العديد من العصابات السياسية و الاجتماعية التي يستقوي بها الجيش الان ،ولا حل بالتفاوض والشراكة والمساومة لأنها تبقي البلد داخل هذه الدائرة الخبيثة.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق June, 18 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة