لو نطق مالكوم إكس بكلمة ضد البيض اليوم فيمكن الزج به في السجن بتهمة خطاب الكراهية، ولكن ربما سيكون هذا أقل احتمالاً في أمريكا، لأن القضاء هناك يملك الخبرة الكافية ليحدد عناصر الخطاب المقاوم للعنصرية من الكراهية غير المبررة سوى بالتمييز العنصري. إن خطاب الكراهية هو في الواقع سلاح ضد العنصرية، مقاومة وكشف للمسكوت عنه، فضح لما يقوم به العنصري من تزييف لحقيقته على العلن وممارسة التمييز في الخفاء. لذلك أنا لست ضد ما يسمى بخطاب الكراهية عندما يكون الخطاب صادراً من شخص يتعرض باستمرار لانتهاك حقوقه، فخطاب الكراهية في هذه الحالة هو خطاب حقوقي بامتياز، وإلا كان أي خطاب ضد الكيزان هو ايضاً خطاب كراهية يجب تجريمه. لا؛ فمن يناهض الأنظمة الشمولية الفاسدة لا يمكن أن يكون ممارساً لخطاب الكراهية، بل خطاباً للمقاومة واسترداد الحقوق، وذات الأمر عندما تستلب فئة أخرى حقوقه لأسباب تتعلق باللون أو العرق أو الجنس. فمثلاً، دعنا نسأل أنفسنا، إذا كان الناس اليوم يتباكون على وفاة الفنان الكابلي ويشيدون بدوره الثقافي، فلماذا (طوال الحكومات المتعاقبة) لم يتم تعيينه وزيراً للثقافة؟.. في حين أنهم خلقوا من "شمو" عبقرية من عبقريات الزمان، رغم أن رصيده من نقل الثقافة السودانية للعالم لم يتعد لقاءه بأم كلثوم وبكائها المصطنع الذي فرح به أهل شمو ومن في شاكلته؟ هذا ليس خطاب كراهية، وكذلك الحال عندما يتحدث أهالي جبال النوبة ودارفور والشرق..الخ. إنهم يتحدثون عن حقائق بل يجب أن يمنحوا الحق في الحديث عنها، لأنهم يمارسون خطاباً مقاوماً، خطاباً حقوقياً بإمتياز، مهما كان انفعالياً، مهما تشرب بالغضب، مهما تطاير البصاق من فم قائله. إن على من يصرخ بأن هذا خطاب كراهية أن يخجل من نفسه، ويعترف بذنوبه طيلة سبعين عاماً وأكثر ضد هؤلاء البؤساء، الذي لم يحصلوا على قسط من التعليم إلا قبل خمسة عشر عاماً فقط، ولم يحصلوا على التنمية حتى اليوم، لم يحصلوا على الكهرباء والماء النظيف ولا المستشفيات، ورغم ذلك يتعرضون لحملات تبشيع وشيطنة أذا حاولوا فقط أن يصبحوا مثل البني آدمين الآخرين. فلنراقب انفسنا ولنراقب إعلامنا ولنراقب الجداد الالكتروني الذي يعيث فساداً وإفساداً وطعناً في هؤلاء المضطهدين. إن حميدتي مثلاً والذي يصفونه بأنه فريق خلا، هو في الواقع ضحية لإضطهاد استمر لسبعة عقود ضد مناطقه وأهله، إنه مقاتل وربما أكثر شجاعة من البرهان الذي لم يخض حرب عصابات كما خاضها حميدتي. غير أن المعايير ليست واحدة والكيل بعشرات المكاييل ديدن هؤلاء. حتى عندما فرحوا بانقلاب البكراوي، ثم تداولوا صورة صاحبهم الغلبان كرار ومن قبله ود إبراهيم، فإنهم يتداولنها بإعزاز وإكبار. رغم انهم جميعا إنقلابيون، ولكن يحق لهم الإنقلاب، أما دون ذلك فلا. فحرام على بلابله الدوح. إذاً؛ علينا أن نكون واضحين، وأن نتحدث بشفافية. إن الإتيان بوجه أو وجهين كواجهة في الوزارات أو السيادي لا يعني نهاية التمييز العنصري بل يؤكده. لذلك يجب أن يتم إعادة هيكلة كل مؤسسات الدولة برمتها، بجيشها وقضائها وشرطتها، ومدارسها ومستشفياتها، وجهاز مخابراتها، ووزاراتها وشركات القطاع العام، وحتى أراضي الدولة، ومراحيضها العامة ومساجدها بل وأئمة مساجدها. يجب أن يعاد هيكلة هذا البلد، وإعادة بنائه بمعايير عادلة ومتساوية، مساواة حقيقية، وأن يتم تأسيس جهاز كامل (سلطة رابعة) ليهيمن على العملية الرقابية على تلك الهيكلة وتحسينها وتجويدها، ومنح المزيد من الحقوق للكافة، بغض النظر عن تباياناتهم الإثنية والثقافية. هذا أو الطوفان..
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/03/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة