فما حيلتنا ..فلا يزال يربطنا به حبل سري ..كالحبل الأثيري ..
الذي يربط أرواحنا بأجسادنا ..عند الموتة الصغرى..
فكلما أخذنا التطواف بعيدا ..نجد أن أرواحنا لا زالت تهفو إليه بحنو عجيب ..
تغذيه تهاويد الحبوبات ..وذكرى الأمهات ..
وكومات التراب تلك ..التي تضم رفات الأسلاف ..وتذكرنا أننا من ( هناك ) ..
وأن بضع منا هو مكون لذلك التراب الخليط الهجين المتجانس حينا ..والذي يلفظ بعضه بعضا حينا كأنه لا يطيقه ..!
إذن ..فهو شأن عضوي قبل أن يكون روحي ..فأين المفر ؟!
......
أمي ولدت على تلك الأرض ..فى مغاربها ..قبل أن تكمل تسعة أشهر ..
فقد كانت طفلة خديج ..ولدت قبل أن تكمل شهرها السابع ،
ونشأت فى مشارقها طفلة وضاحة ذكية العقل والروح ..
وقد رقصت فى عرسها على مشارق تلك الأرض أيضا ..وزعمت لنا أننا حضرنا عرسها البهيج
وشهدنا رقصتها المجيدة تلك ، فلقد كنا نتفرج عبر (ثقب سرتها) على العرس والمعازيم وعلى المغنية والشيالات ..وشهدنا والدي وهو يبشر مستشبرا ..بعرسه والعروس الجميلة المضمخة بالعطر والبخور .
نعم ، كنت وأخواتي حاضرات فى ذلكم اليوم البهي ..وأمي ترقص على أنغام أغنية ( يا اللابس البمبي ) ..للمطرب الشاب حينها ..وأحد أعاجيب وطني ..العجيب فى حد ذاته !
هذه الأعاجيب ..التي قد تفك لي جزء يسير من سر تشبثي به ..
وقد أقر والدي أكثر من مرة ..بأنه كان يوما مجيدا ..
وأقر أيضا ..بأنه قد سمح لوالدتي بأن تهزمه المرة تلو المرة فى الرقصات ..وتجيب فيهو أقوان..
لأن جمالها وروعتها كانا يستحقان الهزيمة ..
(جميلة هي أمي ورائعة كالوطن ..كلما هزمنا نحبه ونعشقه ، الفرق إن أمي لم تهزمنا أو تخذلنا أبدا حتى رحلت ) !
هو الوطن ..حتى لو تقسم قسمين أو مليون قسم ..هو هو ..(نفس الملامح والشبه والمشية ذاااتها وقدلتو ..) ..
وكان ما مصدقني ..إتفرجوا على الفضائيات ..!
فهو كالبصمة ..كالجين الوراثي ..كالشامة الكحلاء على صدري التي ورثتها عن جدتي لأمي ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة