بعد خروج الاستعمار الأوربي وجلاء قواته طواعية عن افريقيا لم يجد الأفارقة عذرا على ان يجعلوا من الغرب شماعة لاخفاقاتهم؛ مسؤولية الفشل تقع على عاتق الأنظمة التي ورثت السلطة عن المستعمر وظلت تتشبث بها إلى اليوم.
اوروبا التي تسعى للوحدة وإلغاء حدودها الجغرافية درجت على تقسيم افريقيا الى دول وفقا لمصالحها، لتسهيل نهب الثروات والكنوز بغرض ترحيلها خارج القارة ولذلك يتعين على الأفارقة ان أرادوا النهوض باوطانهم إعادة النظر في سياسة المستعمر التفتيتية والتي تضر بمصالحهم.
وطالما آثار المستعمر ومخلفاته الثقافية والفكرية مازالت باقية وتتحكم في حركة الشعوب الإفريقية التي تعاني حالة اغتراب ذهني وثقافي مزمن فلا معنى للاستقلال في ظل وجود الأنظمة الديكتاتورية التي سياستها أسوأ مقارنة بالمستعمر.
ولم تتطور أوروبا إلا بعد فصل الدولة من الدين ومقاطعة الغيبيات التي عجزت لعدة قرون عن توفير النعمة التي تحياها الجزيرة العربية اليوم بفضل البترول ولذلك يجب على الأفارقة الانشغال بقضاياهم ورعاية مصالحهم بدلا من الإهتمام بالغيبيات.
وعلى عكس طبيعة العرب الذين مازالوا يعاملون السود باعتبارهم عبيد، تخلى الغرب عن تجارة الرق وقدم اعتذارا للافارقة الذين يتمتعون بحقوق وواجبات أسوة بالمواطن الغربي في الدول الغربية، إلا ان الاستعمار يصر على إبقاء أدواته بالدول الأفريقية الغنية بالكنوز والثروات الطبيعية حتى يتمكن من نهبها واستنزافها كي يستمر تدفق العمالة إليها.
الإسلام لم يلغ العبودية التي مازالت سائدة في البلاد العربية ولايحتاج الأمر لامثلة او جدال فالحقيقة واضحة كالشمس في رابعة النهار.
معاناة السود في موريتانيا على سبيل المثال لا الحصر في مايعرف بقضية الحراطين، حملة الابادة والتطهير العرقي المستمرة منذ عقود ضد السكان الأصليين في السودان ومصر وغيرها من البلاد العربية والإسلامية التي لاتعترف بانسانية السود.
العنصرية ظاهرة طبيعية مرهونة بوجود إختلاف الاعراق والشعوب وهي لن تنتهي طالما الحياة مستمرة. مسؤولية محاربة العنصرية وتطبيق العدالة تقع على عاتق الدولة التي أسسها ويديرها الإنسان لخدمة مصالحه.
ممارسة التمييز العنصري لايختصر فقط على البيض ضد السود او العكس بل هنالك عنصرية تمارس بشكل صارخ حتى داخل العرق الواحد سواء كان أسود أو أبيض او بين بطون القبيلة الواحدة او بين طوائف نفس الدين.
المهم في الأمر، نبذ كل أشكال التفرقة والتمييز العنصري وذلك بتطبيق العدالة على جميع المواطنين كما في الدولة الديمقراطية التي يتساوى فيها الخفير والوزير أمام القضاء في حين تعجز الأنظمة التي تتخذ من القرآن والسنة مصدرا للتشريع عن تحقيق العدالة والمساواة.
ليس المهم مايرد في القوانين والتشريعات ولكن الأهم مانفعله نحن وما نبديه من إستعداد وجدية في محاربة ظاهرة قميئة وسلوك غير إنساني مثل العنصرية والتفرقة بين الناس على أساس الدين والعرق او القبيلة وحتى الدولة.
وظل الأفارقة ضحية للاستغلال حتى في بلادهم لعدة قرون ومازالوا يعيشون حياة العبودية والاسترقاق كما لو كانوا من قبل في ظل سيطرة الغرباء وسيادتهم.
ويدفع الأفارقة ثمنا باهظا عندما يواجهون الموت في عرض البحر ومخيمات اللجوء من اجل التسلل إلى أوروبا بحثا عن الأمن والاستقرار في حين أنهم فقط بحاجة إلى الوقت لبناء أوطانهم التي هجروها هربا من الحرب والفقر الناجم عن غياب الديمقراطية والحكم الرشيد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة