بات في حكم المؤكد، أنّ حكومة الإطاري ستتشكّل آجلا أم عاجلا، لأن الخيارات الأخرى أصبحت صفرية، ذلك أن البرهان وحميدتي، أعقلا من أن يشعلا حربا أهلية، لا تبقِ ولا تذر. فهل تستطيع قيادات "مركزية قحت" أن تمسك نفسها عن شهوة السلطة، وتترك الحكم للآخرين بأمرها؟ أم أنهم يرتكزون على المثل القائل: "إن لم تكفِ الوليمة أهل الدار، تحرم على الجيران". البحّارة يقولون الماء كذّب الغطّاس. إسناد المهام الدستورية، والعمل التنفيذي لتكنقراط، يؤمنون بثورة ديسمبر، ومستعدين للتضحية عن مبادئها إلى آخر رمق، مرتكزين خارج أسوار الأحزاب السياسية، أو محتفظين "بالريدة" في أقماط السر والكتمان على أقل تقدير، هذا الأمر، سيكون أول اختبار حقيقي لتكتل الحرية والتغييرــ المجلس المركزي، وهي الآلية التي ستقطر حكومة الفترة المقبلة، إن نجحت فيه، قد تستمر في المسير، وإن حادت عنها، ليس من المتوقع، أن يقول أحد "جر" لأيّ كلب سلطة، إن شال الحكم منهم في وضح النهار. وإن كرر السيد محمد الفكي عبارته الشهيرة "هبوا لنجدة ثورتكم" لا سمح الله، حينئذ، كأنه كمن يؤذن في مالطة. لسنا مبالغين، أن قلنا، أن انتهاج "المحاصصات" لتشكيل الحكومة الانتقالية الأخيرة، كان من أكبر الأخطاء التي عجّلت بسقوطها انقلابياً، وبالإضافة إلى تلك المنهجية المعيبة، فإنّ "قحت" تصرفت بعدم مسئولية، في معايير اختيار بعض الوزراء الحزبيين، الذين كانوا وصمة عار لحكومة الثورة التي ضحت بأرتالا من الشهداء. وما كانت لتك الفضيحة الوزارية أن تحدث، لو لا ضعف شخصية رئيس الوزراء، وسلبته وقلة حيلته، إمام تجّبُر "قحت". المتمّحص للمشهد السياسي السوداني، يرى أنّ ذات قيادات "قحت" تتصدر الواجهة الآن، وهم شباب بانت عليهم بشائر النضج السياسي، ولا يقّدر تضحياتهم ولا يثمّن بسالتهم إلا جاهد أو مكابر، والعشم ألاّ يهنوا وألاّ يستكينوا لرغبات النفس الأمّارة بالسوء، ويقعوا في أخطاء الفترة الانتقالية الأولى، وأن يلتزموا بما عاهدوا الناس عليه، أنّ قسمة السلطة لا تكون بالمحاصصات الحزبية، كما كانت في حكومتها الأخيرة. المماحقة لغوياً، تعني النقصان والتهلكة أو الاضمحلال (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا) وسياسيا لا يخرج تعريفها عن المراوغة الفارغة "واللف والدوران" حول الذات وحول الأجندات، من أجل تحقيق مكاسب للجهات الاعتبارية، دون اعتبار لمصالح البلاد والعباد، ودون اعتبار للسياق المرحلي الهش، والذي لا يحتمل تأجيل الجداول الزمنية "الإطارية" يوما واحدا. ترث الأحزاب السياسية السودانية، "المماحقات والعكننة" أبٍ عن جد، لم يحيد عنهما جيل من الأجيال، كأنها جينات ترضع مع حليب الأمهات. على مركزية قحت، أن تكون عملية، ترنوا إلى التوافق الخلّاق، فلا مجال "للعكننة"، ولا وقت لإرضاء مدمني الجدال، وهواة التنظير الفطير. لا مبرر لاستحضار نتائج آخر انتخابات شرعية نزيهة بمناسبة وبدونها، وليعلم الجميع أنّ الحكومات الانتقالية، هي حكومات توافقية، تستند على الشرعية الثورية، ولم ولن تحظَ بإجماع كافة قطاعات الشعب، ولابد من تقديم تنازلات، وأن يتواضع الجميع من أجل المصلحة العامة، وتجنب نفش الريش المزيف في غير محله. إن زهدت قوى الحرية والتغييرـــ المجلس المركزي في السلطة، وتغلّبت على المماحقات، وركلت العكننة، نضمن لها العبور، إلى صناديق الانتخابات، وإلاّ فلا يلومنّ إلا نفسها. [email protected] //أقلام متّحدة//
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق March, 10 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة