كل من يحدفه موج السياسة المتلاطم ورياحها ذات العواصف الهوجاء الي سواحلنا يقف امامنا متبحجا وناصحا ومرشدا ويصم آذاننا بكثرة كلام لايسمن ولايغني من جوع ويزينه بجمل ومصطلحات خادعة حتي تزدان تلك الوعود الجوفاء الخاوية الوفاض، لقد ظللنا نسمع جعجعة ولا نرى طحينا، فقط مجرد مثالية يتقمصها هؤلاء الساسة ودهاقنة المكر واصحاب الكلمات المعسولة والوعود الخاوية، وفي حقيقة الامر ان مايجري في الشأن السياسي من ازدواجية المعايير وتخبط يشبه خبط الناقة العشواء من هؤلاء السياسين وقادة الاحزاب وغيرهم فقط يريدون منا وابنائنا ان نضحي بالغالي والنفيس ارواحا ودماءا من اجل مصالحهم هم فقط حتي تتهيأ لهم كل اسباب الوصول الي كراسي الحُكَم ثم الثشبث به ودون اي استعداد منهم لتقديم اي تضحية حتي ولو من ممتلكاتهم واموالهم، بل يظلون في غيهم وضلالهم يعمهون وفي بحر خلافاتهم سادرون ويصدعون رؤسنا بنصائهم العقيمة التي هم في امسى الحاجة لها قبل ان ينصحونا بها، وهذا يذكرني بقصة يرويها الاستاذ الجامعي الاردني "نارت قاحون" من اصل شركسي يحكي عن ازدواجية المعايير في الحياة الدراسية حيث يقول كثيرٌ ممن يستكملون دراساتهم العليا، ولا سيّما الإنسانيّات كاللّغة والشّريعة والتّاريخ، يفعلون ذلك وهم يعملون "معلّمين" في مدارس، وهذه كانت حالتي قبل سنوات، اللّطيف أنّنا كنّا نمارس "ازدواجيّة" عالية المستوى بين "عقليّة المدرس"، و"عقليّة الطّالب" فمع تلاميذنا في المدارس، نتقاطر "حكمة"، و"نصائح"، و"لوماً وعتاباً"، يصل إلى "الغضب" من تكاسل التّلاميذ، وتفضيلهم "حصص الفراغ"، وفرحتهم حين يغيب أحد المعلّمين، وتراكم الدّراسة، وتأجيلها حتّى آخر لحظة، و"التوسّل" للمعلّمين ليخفّفوا من المادّة حذفاً، والمراعاة في الأسئلة والتّصحيح والعلامات، ومحاولات "الغشّ"ولكنّنا مع أساتذتنا في الجامعة، نصير "طلبة" بكلّ ما تعنيه الكلمة؛ فنمارس كلّ ما ننهى تلاميذنا عنه، ولكن بقدرٍ أكبر من "المعلَمة والأستذة"؛ فأعذارنا أحكم إتقاناً، ولمسوّغاتنا أسباب "وجيهة"، فمشاغلنا أكثر، وأوقاتنا أضيق، ومسؤوليّاتنا أكبر؛ لذلك نسلّم أبحاثنا "المسلوقة" مع الرّمق الأخير، وفي اليوم التّالي، أو السّابق نقف "واعظين" تلاميذنا: نظّموا وقتكم، وخطّطوا جيّداً، ولا "تسلقوا" واجباتكم سلقاً! حين نكبر لا نترك "ازدواجيّتنا"، بل نمارسها بإتقان أكبر..
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق March, 02 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة