راعي الغنم في الخلاء يعلم ان ماحدث بالسودان في الثلاثين من يونيو 1989 هو انقلاب عسكري من تدبير الحركة الاسلامية وذلك باعتراف عرابها وزعيمها الراحل الدكتور حسن الترابي صاحب التجربة السياسية الكبيرة مقارنة بالبشير والذي لم تتجاوز حدود تجاربه الا عبر العمل العسكري ومن ثم اكتسب الخبرات السياسية علي مدار الثلاثين سنة من الحكم ولكنها لن تجعل منه خبير قادر علي الوصول الي ربع ما عند الراحل الترابي من دهاء سياسي،
بعد كل تفاصيل سقوط النظام وانهيار مشروع الاسلاميين الحضاري بهروب بعضهم صوب تركيا وماليزيا ومصر والامارات سبقتهم اموال طائلة من عائدات النفط والذهب وغيرها من الموارد التي ما كان ليحصلوا عليها الا عبر اتباع سياسة التمكين والتي نتجت من انقلاب 30يونيو 1989
لقد كانت البلاد تدار في عهد البشير بواسطة الاسلاميين وكان البشير مجرد رمز ولم يحرك ساكناً لكبح جماح المفسدين من اعضاء تنظيم الاسلاميين الا بعد فوات الأوان وعندما حاول اصطياد رجال الاعمال الاسلاميين (القطط السمان) من اصحاب الاموال المكدسة وجد منهم حرب اقتصادية ضروس وقد كانوا اشطر منه فاستغلوا حراك الشارع عبر ثورة ديسمبر ليضربوا نظام البشير في مقتل ليجد نفسه في الحادي عشر من ابريل 2019 مابين مصدق ومكذب حبيسا في الجهة الشرقية من سجن كوبر يندب حظه
عمر البشير لم يرزقه الله ابناء حتي نقول انه رجل محمول ويريد تربية اولاده حتي نجد له مبرر في اعترافه الاخير امام المحكمة و تحمل كامل المسؤولية عن تدبير وتنفيذ انقلاب 30 يونيو 1989 اذا بالتالي لماذا يتحمل البشير اخطاء الاخرين ويتستر عليهم وهو يعلم ذلك لذلك يجب علي هئية الاتهام وليس الدفاع شرح الامر للبشير علي ان هذه المحكمة هي للتاريخ وان التستر لا يفيد خاصة وان الجميع يعرف الحقيقة فقط كانت سوف تكون اجمل عندما ترد بلسانك يا رئيسنا المخلوع وان اختلافنا او اتفقنا معك فان الضمير الإنساني يحتم علينا الاعتراف بان لك جانب مشرق خلال فترة توليك السلطة خاصة علي مستوي التنمية في البنية التحتية بالتحديد في تحسين قدرات الجيش السوداني حتي صار من افضل الجيوش في افريقيا ان تلك الانجازات يحق للبشير ان يفاخر بها ولكن ان يفاخر بانقلاب لم يكن له فيه دور خلاف تسجيل بيانه الاول فان ذلك يعد غير مقبول
مرحلة المفاصلة بين الاسلاميين في الرابع من رمضان 1999 كان يمكن ان نعتبرها مرحلة تحرر حقيقي للجنرال المخلوع عمر البشير من سلطة الراحل الشيخ حسن الترابي وكان بامكانه الانطلاق ولكنه استبدل شيخ مكان شيخ اخر فكان الاستاذ علي عثمان محمد طه هو من حل مكان الراحل الترابي في ادارة نظام الحكم بينما اكتفي البشير بالرقص والقاء الخطب الحماسية ان علي عثمان محمد طه ظل هو المسيطر على الوضع السياسي حتي بعد تكليف الراحل الدكتور جون قرنق ومن ثم الفريق اول سلفاكير لتولي منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية قبل انفصال جنوب السودان وحتي مفاوضات اتفاقية السلام ما بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان كانت تجري مابين الراحل دكتور جون قرنق وعلي عثمان وكان البشير يكتفي بالتوقيع علي الاوراق وكان ينبغي عليه ان يتواجد في اروقة جلسات التفاوض بحكم انه رئيس الجمهورية
هل يتحمل البشير باعترافه الاخير امام المحكمة كل شي ؟ فهل يتحمل اعدام ضباط انقلاب حركة رمضان 1990 والجميع يعرف انه كان غير راضي عن اعدامهم عندما قالوا له وقع يا سيادتك خلاص الحكم اتنفذ وهل يتحمل البشير اخطاء فترة ثلاثين عاما الماضية من الصعب احصاءها في مقال واحد
انا شخصيا اعتبر البشير في وضع نفسي غير مستقر بسبب وضعه الصحي لذلك يجب علي المحكمة عدم اعتماد هذه الاعترفات لسبب بسيط وهي انها بذلك تكون حجبت حقائق عن تاريخ السودان ومن حق الاجيال الجديدة معرفة تفاصيل كل شي
ان محكمة البشير الحالية لن يستفيد منها الوطن و المواطن الا رد الاعتبار عن ما حدث من اجهاض لانتفاضة السادس من ابريل 1985والتي كان حلم يداعب السودانيين بمستقبل مشرق من خلال ممارسة تجربة ديمقراطية حقيقية بعد ستة عشر عاماً من حكم الرجل الواحد بقيادة الراحل جعفر النميري والذي هو ذاته وصل الحكم مسنود علي اكتاف الحزب الشيوعي في 25 مايو 1969 ولكنه تمكن من التخلص منهم عقب فشل انقلابهم في 19 يوليو1971 لينفرد بعدها النميري بحكم البلاد كديكتاتور حقيقي عكس عمر البشير الذي لم يكن في شخصه ديكتاتور حقيقي وانما كان رجل بسيط علي راس نظام ديكتاتور يمارس ببواسطة الاخرين بينما هو الغائب الحاضر وعندما استيقظ وحاول ان يمارس دوره كديكتاتور وجد نفسه خلف القضبان
رسالة الي الجنرال المخلوع البشير انت في مرحلة متقدمة في العمر ولا اعتقد ان هناك اي سوداني يريدك ان تكون معلق علي حبل المشنقة فان الغاية من العدالة ليست في التعطش للدماء بقدر ماهي الاصرار علي كشف الحقيقة وان يعرف السودانيين ماحدث خاصة ضحايا القتل والاباده و المعارضين وماتعرضوا له تعذيب وسجن وكشف من يقف خلف الدمار الذي اصاب الوطن وكشف اضابير انفصال جنوب السودان وغيرها من الأمور اما الحكم القضائي الذي ينبغي ان يصدر في حقك اعتقد ان انسب عقاب لك هو تركك لضميرك فالضمير عندما يستيقظ يعتبر اصعب علي صاحبه من حد السيف اذا عليك الاعترف بالحقيقة كاملة بدون التستر على احد وحاول طلب السماح من الشعب السوداني وخاصة من اسر ضحايا فترة الثلاثين عاما الماضية لعل وعسى يرتاح ضميرك حينها سوف يحترمك الشعب وربما يطالب باطلاق سراحك
*المتاريس* *علاء الدين محمد ابكر* .𝗮𝗹𝗮𝗮𝗺9770@𝗴𝗺𝗮𝗶𝗹.𝗰𝗼
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق December, 24 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة