هذا الممر يمتد من السكن طرىق بحزيزتين تحيط به أشجار عتيقة سكنتها طيور موسمية وبعض القرود، أبواب حديدية أشبه بأسوار الحدائق تنتهى عند طرقة تشق مسطح أخضر تتكسر فيه أوراق الشجر تحت أقدام المارة لتعلن عن القادمين والمغادرين! كانت خطواته تنتهى بعد تناول العشاء الباكر إلى هذه الطرقة بالقرب من مكتبها الذى تدرس فيه ليلا بحكم البدء فى سلك وحدة الماجستير على الرغم من انه كان فى فصله الأول فى مجال لا يمت للمكتب بصلة ولكن ابتدأت صلته حين كان يؤم صف المكتبة المركزية ويتجه إلى الكتبخانة فى أخر طرقات المكتب حيث الكتب التى تثير الحساسية فى الرئة والجلد وتكاد الأوراق تذوب بين يدى القارئ ان لم يكن رقيقا كما رقتها التى أدركها من او ل نظرة فى هذا الجزء من المكتبة حيث لا زحام سوى .زحام الخواطر وضجة السكون الذى يجعل الاعين تلتقى وكانت تلك الاستراحة التى لم يتخللها كوب قهوةة ولكن تخللها الاهتمام بلا تخصص! جاء إلى هذا المحيط ليعمل جناينى فى الحديقة الصغيرة أمام مكتبها أيضا بلا تخصص حاملا هذا الوسم على وجهة الوسيم فكانت مجموع احتمال التلاقى الذى ضرب موعدا يومى عند القدوم والمغادرة عند عتبات المكتب والذى جعله من يومها مهتما بترديد اغانى الوصل والهجران فى يوميته التى اكتفت بيومية تمام الحضور والانصراف !! قطرات الخرطوم المتناثرة فى مجموع الحديقة الصغيرة التى اختلط فيها سحر أصوات الطيور برائحة الأزهار مع إطلالة القدوم جعلت قلبه كما الطفل الصغير فصار يردد الاغانى اثناء عمله إلى أن التقطه المحيط فصار فنان الوسط من نجيلة إلى نجيلة ولكن كل يغنى على ليلاه وليلاه بينها وبينه عتبات ذلك الدرج الذى يخفيها وفوارق علمية واجتماعية وذلك الذى صار يتردد عليها كثيرا عند المكتب وعلى درج المكتبة تجعل تلك المهمة مستحيلة !! ذلك الوسط الذى يدرك كل لغات العالم وحتى لغة الإشارة فكانت الطالبات تردد (ما لو يانادية)!!! على درج المكتبة قالت له غدا الخميس ستكون الرحلة العلمية للمصورات هل سترافقنا ،لم يترك فاصل للإجابة بل قاطعها سريعا قبل اى استشكال سيكون ذلك رائعا وعلى ان أذهب الان لإعداد اغراضى وسأكون عند الثامنة امام درجات المكتب استعداد للإنضمام للرحلة كطالب مدعو من مشرف الرحلة!!! جلس فى المقعد الامامى إلى جانبها فى البص كان الكل يجلس فى ثنائيات يتخللها الهمس وبعض النداءات والضحكات على تعليقات المقعد الخلفي الذى خالف الثنائيات والهمس بمجموعة تمارس القفشات والغناء وسرعان ما ارتفع الصوت (مالو يانادية)!!! اخترق البص المدينة وبدأت القرى تتقاطر معلنة عن مقدمها بتلك القباب فتحول الهمس إلى نقاش عن القباب كنمط متحول للاهرام ونمط المعابد فى الفترة الكوشية كانت فرضيات تعتمد على تاثير العمارة والمرجعية الروحية للبناة كطقس جنائز ى !!! لم تفت الفرصة ذلك الجناينى الذى تعلق قلبه حركاتها وسكناتها فى صمت لا يقطعه الا ارتداد نظرة فكان أن أوجد لنفسه مقعدا فى مؤخرة ذلك البص مع الطباخين بلا تخصص فكان سباق الهواة!!! عند الوصول كانت الدهشة التى التزمت الصمت فوضى تملأ المكان جثث حيوانات ملقاة كأن المكان تحول إلى مكب نفايات تمتد الاهرامات كأنها تصارع الرمال التى تريد ان تطمرها!!! صاح قائلا هذه الاهرام يبدو أنها تمتد بنسب عددية إلى داخل الصحراء كما تثاقل النجوم والكواكب فى السماء اى أنه إذا كان هنا هرم فلابد أن يكون هناك هرم على بعد معين!!! قالت له انت تخلط العلوم الحديثة بهذه الحضارة وتنسي ان هذه الحضارة بنيت على طاقات روحية تختلف عن المادية ولو انك ستعود لتقول ان الروح طاقة وإن الطاقة مادة! كان الحديث طوال اليوم عن النقوش وتمدد هذه الحضارة السودانية شمالا إلى أن وصلت إلى الشام والرافدين وروما حديث الهاوى مع الأستاذ لايقطعه الا النداء للوجبات ونظرات ذلك الجناينى الذى صاح قبل المغيب بالاستعداد للرحيل!! بدأ الصعود للبص بنفس متوالية الصباح مع خفة حدة القفشات وأصوات الغناء والتعليقات فقد بدأ الظلام فى هذه الطرقة الضيقة المظلمة يرسم ملامح التوجس وبعض من الخوف ولكن بقى الهمس!!! قالت له أنها بدأت بالتحضير لإجراءات السفر لإكمال دراسة الماجستير وإن السفر بات قريبا!!! اختلط السمع بالمفاجأة فكان الرد مزيجا من الارتباك والاستدراك حول إعادة ترسيخ مفهوم حضارة وادى النيل حضارة السودان وإعادة كتابة تاريخ الاسر وتثبيت نسبتها إلى السودان مهد الحضارة ومنشاها!! مرت أيام وكان الوداع على على أعتاب الدرجات عند المكتب وعلى عتبات المكتبة وبدأت تلك الطرقة فى اليباس ولم يعد يرى خرطوم الجناينى وذبلت تلك الأزهار وماتت تلك الأفكار وعاد إلى صف الكتب المحجوزة ليلحق امتحانات العلوم التى نال فيها درجات الكربون المشع ومن يومها صار يدور فى تلك الحديقة التى صارت بلا جناينى!!!
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق December, 24 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة