صبيحة اليوم التالي مضى اليوم دون أن يلتقي أمير بأي من أصحاب السمر الليلي فقد كان متلهفا لأن يلتقي بهم، فهو لم يكن سميرهم في ليلة الأمس. متلهفا لأن يروي لهم وقائع تلك الليلة الليلاء. ولكنه وجد نفسه في دوامة من الأشغال المتتابعة. جاء من الجروف فوجد أن عليه أن يذهب للدكان لقضاء بعض النواقص. ثم عليه أن يذهب لبيت جدته لكي يحمل عنها الماريق ليذهب به للطاحونة. وفي تلك الرحلات لم يصادف في الطريق أيا من أصحابه.
في اليوم السابق، لم يكن من عادة أبي القاسم ان يقدم دعوة لليلة سمر مع شخص وحيد بل كا يدعو أصحابه للسمر ولكنة كان قتورا لايحب الصرف البذخي كما كان يقول.فتكفي زجاجة واحدة وحلة كمونية مع قراصة او فطير. وكان كثيرا من الجلساء الذين لاتكفيهم زجاجة واحد للبحث عن أخرى في جنح الدجى، مع مخاطرة كبيرة من قبضة العسس. وأولهم كمال الذي لايحب مطلقا جلسات ابو القاسم.
يوم أمس كان الحر قائظا وخمارة الغيظ في اشدها في شهر مايو كان أمير عائدا من الجروف والحر قد بلغ مداه. وحماره متعب جدا مما وضعه على ظهره، أشفق أمير على الحمار فترجل وتركه يسير الهوينا وهو يتبعه ماشيا في ذلك الحر الشديد. وفي الطريق قابل أبا القاسم. بادره ابو القاسم بلهفة وشوق قائلا والله ود حلال انا من الصباح افتش ليك حسع دربي ده جيت من (واطاطك)* كايس ليك. إن شاء الله خير اها تراكا لقيتني. لم تتوارد خواطر جمة في ذهن أمير فهو يعرف أن أبي القاسم لايهتم كثيرا بأحد إلا إذا كانت له مصلحة وملحة عنده. - الليلة يا زول قعدتك معاي في ديوان عمي الطاهر. - عديل تب اها كلمت الجماعة كلهم؟ - لا ولا اداير اكلم واحد فيهم. انا وانت راس. وما تكلم اي واحد فيهم. انا وانت بس.
وفي عصر ذلك اليوم واما الطاحونة يجتمع عدد من الخلق للمؤانسة وفجأة وبدون مفدمات حسن الجزار يقول الليلة يا جماعة خلوا بالكم ابو القاسم اشترى اتنين كيلو لحم ضان الليله اظنه داير يموت. لم يصدق أيا من الحضور كلمات حسن الجزار وظنوه يتهكم على أبي القاسم.إلا أمير فقد كاد ان يخبرهم بما قاله ابو القاسم، لولا انه تذكر اوعك تكلم فيهم زول. وصمت في انتظار أن يفك اللغز الليلة لماذا أشترى ابو القاسم تلك الكمية من اللحم وهو الذي عرف عنه أنه لايشتري مثل تلك الكمية. حل المساء ذهب أمير بعد أن استبدل ملابس الزراعة بجلابية ناصعة البياض وذهب لديوان عمي الطاهر وذلك بعد صلاة المغرب يقليل ووجد أن الديوان غاية في النظافة والحوش مرشوش والملايات كيف مغسلة ومكوية. ورائحة عبق البخور تملأ الخياشيم بلطف رائحتها الندية. يا زول نصلي العشا ونبدأ. كويس لكن والله الجماعة كلن حقوا يكونوا معانا. - يا اخي سيبك منهم الليلة. مرة تانية. بدات الجلسة حميمية وتخللتها ونسه طيبة وامتدت عبر مئات بل آلاف السنين وعمر بن كلثوم ينشد الابصحبك فاصبحينا وابي نواس اذا مسها حجر مسته سراء وامتدت ليلة الليالي وعندما إمتلأت الرؤوس وغابت في سرمدية الزمان متحدية المكان للخلود اللا محدود. توقف الزمان هنيهة ولربما تصلبت وتكلست تلك اللحظات. قال أبو القاسم لأمير - يا أمير نحن طبعا ناس أهل وقرائب دحين أنا عند طلب يعني لو تكرمت بطلبك ليه. - قول يا ابو القاسم والله لو حاجة بقدر عليها من عيني الاتنين. يا اخي انا داير أطلب منك تقبل طلب ايدي لي أختك اميرة. ـ شوف يا ابو القاسم والله اختي اميره ما بنديك ليها والله لو تكلنا بيها الباب والله لو سويناها شعبة للمرق ما نديك ليها. ومرة لحظة صمت. قوم يا ابو القاسم جيب لنا عشاك خليني النقوم انا باكر عندي موية. عشا شنو ما عندي عشا ولا زفت بعد قزازتين عرقي دنقلا كمان عايز عشا.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق December, 11 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة