كما هو متوقع تماماً ، جاءت مليونية الثامن من ديسمبر ٢٠٢٢م مؤكدة لرفض الشارع للتسوية و اتفاقها الإطاري ، و على مطالبته بعدم التخلي عن المبادئ التي اوصى بها الشهداء، و التشديد على القصاص و عدم التخلي عن شعار العدالة المؤسس للانتقال. و كما هو متوقع أيضاً ، ووجهت المسيرات بقمع مفرط و عنف شديد ، في تأكيد لطبيعة السلطة التي ليس لديها وسيلة أخرى لفرض تسويتها. و لكن (قحت) لديها بلاشك وسائل اخرى لفت عضد الثوار ، ليس من بينها استخدام العنف ضد موكب باشدار و لا مواكب ام درمان او حتى مسيرات مدني. و الوسيلة الاولى هي محاولة قصف العقول عبر تكتيكات متعددة ، نذكر منها ما يلي: أولا الزعم بأن ما قامت به هو مجرد اجتهاد في التكتيك للوصول إلى ما يطمح له الثوار ، لذلك يجب الإبتعاد عن تخوينها و البحث عن المشتركات لتحقيق الاهداف. و الغرض من هذا الحديث المضلل، هو محاولة إخفاء الفرز الواضح الذي حدث ، و الذي لا يصح الحديث معه عن أي مشتركات. فالتيار الثوري يرى الا مشتركات مع العسكريين المجرمين يمكن البناء عليها من اجل الانتقال من دولتهم لدولة كل المواطنين. و هذا هو أصل الخلاف. لذلك لا توجد مشتركات بين من يرى إمكانية التسوية مع الانقلابيين ، و بين من يرى اسقاطهم و محاسبتهم ، بين من يرى ان الإنتقال من دولة التمكين يتم بالشراكة و التسوية مع ذراعها الضاربة ، و بين من يرى ان شرط الانتقال هو اسقاط هذه الذراع و قطعها. ليس هناك مشتركات لأن بناء أي إستراتيجية يحتاج لتحديد العدو اولا. فإذا كان العدو بالنسبة لقوى التغيير الجذري هو الذراع الضارب للإنقاذ المتمثل في العصابة الحاكمة ، في حين ان هذه الذراع هو الشريك بالنسبة ل (قحت)، ما هي الإستراتيجية التي يمكن الإتفاق عليها في هذه الحالة ؟ هل يمكن الإتفاق على إستراتيجية الإسقاط استنادا لرؤية قوى التغيير الجذري ، أم إستنادا إلى التسوية القائمة على الشراكة التي تصر عليها (قحت) ؟ بما انه ليس هناك اتفاق على تحديد العدو ، لا يوجد مشتركات تؤسس عليها إستراتيجية او مشروع سياسي موحد لقوى متباينة تباينا جذريا ، مشاريعها السياسية متعارضة تعارضا جوهريا. ثانيا ينادي بعض المثقفين السودانيين بالانتظار لحين تعيين رئيس الوزراء و الوزراء لمعرفة مدى مصداقية العسكريين ، و كأن الاتفاق الإطاري ليس فاضحا بذاته لطبيعة التسوية التي استمرت في تمكين العسكريين من اجهزة العنف و تجريد الحكومة المدنية المزعومة من حقها في احتكار استخدام العنف الذي يعتبر السمة الاساسية للسلطة ، و سمحت لهم بالافلات من العقاب. و الافلات من العقاب يبدأ بعدم المحاسبة على الإنقلاب. فالإنقلاب جريمة تصل عقوبتها للاعدام وفقا للقانون الجنائي و قانون القوات المسلحة. لذلك لا داعي لاي إنتظار ، لان هذا الإتفاق واضح لكل ذي عينين ، و هو إطاري فقط لن يتم على اساسه أي تعيين. المفروض أن يتم بعده توقيع اتفاق تفصيلي. و ربما يتم القفز على الإتفاق التفصيلي لرفع الحرج، و عمل دستور إستنادا إلى المشروع المنسوب للجنة تسيير نقابة المحامين، الذي وافق عليه طرفا التسوية. الخطوات الطبيعية هي ان يتبع الاتفاق الاطاري ، إتفاق تفصيلي ، ثم دستور على أساسه يتم التعيين، و لكن الإتفاق التفصيلي قد يتم تجاوزه في الوضع الراهن لتسريع فرض سلطة امر واقع جديدة. و لهذا المطالبة بالانتظار، هي تحقيق للغرض المقصود من الإتفاق الإطاري مهما حسنت نية من يطالب، لأنها تنقل المبادرة ليد اصحاب التسوية ، وتضع قوى الثورة في حالة انتظار و تعطلها و تحتويها. الشارع يتنبه لمثل هذه المناورات التي مصيرها الفشل لا محالة ، فهو واع لوجوب إسقاط التسوية و شراكة الدم الجديدة في مهدها و قبل ان يشتد عودها ، و هو قادر و بأسه شديد. و قوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!! ٨/١٢/٢٠٢٢
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق December, 07 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة