بدءًا و قبل الخوض فى موضوع الإتفاق الإطاري علينا أن نقر و نعترف بأن الوضع فى السودان لم يعد يحتمل معيشيًا، إقتصادياً، أمنيًا و سياسيًا. كما أن علينا ان نعلم أن ليس هناك دولة على وجه الأرض قامت لها قائمة فى ظل الحروبات و النزاعات و المشاكسات السياسية. أن من أخطر المعضلات التى تواجه السودان الآن، و تقف حجر عثرة أمام إى إتفاق سياسي لتسيير الوضع الانتقالي هى إنعدام صوت الوطنية، و تقديم المصلحة الذاتية و الشخصية و الحزبية على المصلحة الوطنية، و بالتأكيد ليس الهدف من هذا الحديث التخوين او المزايدات، و لكن ذكر لعل الذكرى تنفع المؤمنين.
أيضًا الحديث عن ما هو الضامن؟ فالضمان بكل بساطة هو الارادة الوطنية الصادقة، أنت من تصنع الضمان، لتجعل الحلم حقيقة و ممكن بصدق الإرادة و الرقى لمستوى المسؤولية، و تقديم التنازلات فى سبيل مصلحة الوطن.
و الحديث عن الالتفاف حول المطالب؟ إن أحد وسائل تحقيق المطالب هو "الحوار و التفاوض"، الأخذ و العطاء، لغة التمدن و العقل و الحكمة ضالة المؤمن، و التفاوض و الجلوس لا يعنى التنازل عن المطالب بقدر ما يعنى التمهيد لجعلها ممكنة و تنزليها على أرض الواقع بالنقاش حول ما هو ممكن و موضوعى، علمًا بان المطالب لا تأتي بالضربة القاضية، لكن إذا اردت أن تطاع فأطلب ما يستطاع. لكن اى تعنت زيادة عن اللازم يضر بالقضية و يصبح نوع من المتاجرة بها لاغراض ذاتية و شخصية و حزبية .
أما من يتحدثون عن الثورية!!! فهل لهم ان يعرفون عليها؟ هل لديهم تعريف ثابت غير متحول للثورية؟ ان الثورية مفهوم يختلف و يتفاوت من شخص لأخر ، فالثورية لا تعنى فقط لا، ثم لا، ثم لا، و الثورية ليست هى التعنت، بل قد تكون الثورية فى أبهى صورها هى المرونة و الاصاغ للآخر أيضًا، فخصمك او نقيضك هو فى الاول و الاخر انسان مثلك، و الحوار لغة الانسانية، و الحرب المستمرة لغة الغابة.
ان الثورية فى أسمى معانيها هى التسامح و التجاوز حتى مع الخصم، و لكم في الأب مانديلا أسوة حسنة، فقد ترفع عن الانتقام، و الانتصار للذات، و إنتصر لقيمة أسمى هى الإنسانية فى أسمى معانيها عندما بسط يده للسلم و السلام و التسامح . و هنا لا نقول لينهى مسيرته بالسلام و لكن نقول حتى تظل مسيرته النضالية متجذرة راسخة فى صفحات التاريخ للاجيال القادمة، لذلك فضل ختمها بالتسامح و السلام و العفو و الصفح.
ثم ان إي حديث عن تدخلات أجنبية، و فرض أجندة خارجية هو فرض من التوهم، و يدور حول فلك المؤامرة لانه فى المقام الأول و الأخير ، السودان جزء من هذا العالم الكبير الشاسع الواسع، و لا يمكن ان يعزل السودان عن العالم فى قرية لوحده، و طالما أنه جزء من هذا العالم، فالعالم يتاثر بما يحدث فيه داخليًا خاصةً أمنيا و استراتيجيا…إلخ ، و ينعكس عدم استقراره فى اشتعال أزمات داخلية ينتج عنها الإرهاب و الهجرة و تهديد أمن الجوار، و بما أن أمن السودان من امن الجوار و الإقليم و ألعالم باكمله، فأن نظرية المؤامره هذه تجاوزها الزمن و الحديث عنها يصبح شئ من الوهم.
و ختامًا أن حسن النوايا يكون بالجلوس مع الخصيم و النقيض قبل الجلوس مع الصديق و الحليف، هذه هى السياسة و الدبلوماسية، لغة الحوار . و الإطلاع على الاتفاق الإطاري، و التشاور حول ما يمكن تعديله او اضافته او حذفه.
و مع العلم بان الحديث عن القضايا العالقة و الشائكة لا يمكن ان يكون خلال الفترة انتقالية، لآنها "فترة انتقالية" لا يمكن من خلالها حلحلت جميع مشاكل السودان و لكنها تمهد لضمان الحكومة المنتخبة التى تقوم بهذه المهمة ، اما تكرار الحديث عن المواضيع الشائكة و العالقة هذه سياسة "وضع العقدة فى المنشار".
نواصل للحديث بقية
٠٧/١٢/٢٠٢٢
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق December, 05 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة