قبل بضعة اشهر رشحت انباء مضحكة عن محاولة إنقلابية في فرنسا. أما اليوم فالأنباء لم تكن مضحكة، إذ تم القبض على خمسة وعشرين من الألمان خططوا للاستيلاء على البرلمان وتكوين امبراطورية الرايخ الثاني بحسب البي بي سي. والعملية ليست مضحكة لأنها جادة ومن ضمن المتآمريين عسكريون قدامى، وربما هناك أيضاً عسكريون في الجيش الألماني. وقد تم القبض على بعضهم في النمسا وإيطاليا. وهذا مؤشر خطر، على بدء عد تنازلي للدموقراطيات المسيطر عليها في أوروبا من قبل القوى الرأسمالية الليبرالية وتحت حماية الولايات المتحدة الأمريكية. فانقلاب فاشل اليوم ربما سيكون ناجحاً غداً أو بعد غد.. المسألة تتعلق بعوامل كثيرة تعصف بالتصورات المثالية في أوروبا، أبرزها حرب روسيا التي كشفت عن ضعف الدول الأوروبية. بالإضافة إلى هزيمة المنتخب الألماني في المونديال والتي أحدثت صدمة لدى الشعب الألماني الذي أخذ يطعن في القيم الليبرالية ويؤاخذ المنتخب على ذهابه من أجل الدفاع عن المثليين لا عن ألمانيا. وكرة القدم الألمانية ليست مسألة سهلة، ليست لعبة رياضية، إن لها تاريخها بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. وأعتقد أن محاولة الانقلاب جاءت في هذا الوقت لتستغل شعور الشعب الألماني بالامتعاض من هزيمة المنتخب نتيجة خضوعه للتسييس الليبرالي. هذا كما قلت ليس إنقلاباً وهمياً بل تعبيراً عن غضب يجتاح الشعب الألماني يوما بعد يوم، وخاصة مع زيادة اللاجئين في هذا البلد وسياسات ميركل السابقة، وتداعيات حرب أوكرانيا الاقتصادية. ألمانيا هي بلد الفلسفة، كانط وماركس وهيجل ونيتشه وهايدجر، واليوم تغرق في الأمركة، تعاني من تردي وضع اللغة الالمانية مقابل الإنجليزية. يتجاهل البريطانيون تاريخها ومعهم الأمريكيون. ولا شك بأن هناك المان لا زالوا يؤمنون بالقومية والسيادة وسيتمردون، كما تتمرد روسيا اليوم على النظام العالمي الجديد.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق December, 05 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة