ادعى شخص أنه راصد جوي، وبدأ في توقع الإرصاد الجوي من أمطار وهبوب ودرجة حرارة. تقريباً كانت كل توقعاته صحيحة. الغريب أن الشعب السوءداني الذي كان يغلق التلفزيون عندما تبدأ النشرة الجوية اصبح مهتماً بها فضل هذا الشخص. انتشرت صفحته على الفيس وأصبح لها آلاف المتابعين، وكل هذا والهيئة العامة للارصاد الجوي التي لم نسمع عنها منذ تاريخ التلفزيون أبو إيريال (صامتة) إلى أن بدأت بعض الشركات ترعى صفحة الراصد الجوي (الحكاية بقت تجيب قروش، وتمطر من غير براق). وبالتأكيد اثار ذلك حسد جماعة الهيئة، التي لم تستطع ابداً أن تجد لنفسها إعلاناً تجارياً واحداً أثناء نشرتها الجوية الكئيبة والمملة في التلفزيون. فأصدرت بياناً، وأخذت تتحدث عن المؤهلات والمعرفة وغير ذلك من هذا الهراء، في الحقيقة هو هراء لأن الإرصاد الجوي الآن أصبح عبر مواقع على الانترنت. تدخل الانترنت، وتكتب على قوقل الكلمات المفتاحية: حالة الطقس الخرطوم. ستأتيك مواقع عالمية، وبرمجيات كثيرة، تحدد لك حالة الطقس لسنة كاملة. الحسد سبق الرجل الراصد بفتاة العقارب، فتاة العقارب هذه كانت تصدر العقارب للصين، فكانت أول من اكتشف أن العقارب تدر رزم الآلاف الدولارية الكثيرة، وعندما علمت الحكومة شنت حرب شعواء على الفتاة لتوقف تصديرها للعقارب (العقارب ثروة قومية). وبدأت المعرقلات تماما كما يحدث في كل شيء، وبدأ تعطيل المصالح، والحكومة ليست كياناً حقيقياً بل هي حيلة قانونية، أما واقعياً فهي مجرد أفراد يديرونها في الدول المحترمة بحسب مصلحة الجماعة وفي أشباه الدول غير المحترمة بحسب مصالح فئة، وبحسب أطماعهم ورواسب من يديرونها، رواسبهم النفسية والمفاهيمية وغير ذلك. لذلك فالسودان يحتاج إلى تعطيل ذلك الواقع وتعزيز الحيلة القانونية عبر المؤسسات. والتحول إلى المؤسسات يحتاج لقانون إداري حقيقي وليست هذه القوانين الضعيفة، مع تطوير القضاء الإداري الأكثر ضعفاً من تلك القوانين. ولكن.. من يضع هذه القوانين؟ إنهم نفس أولئك الأفراد المشبعين بالبغض للآخر والمتمركزين حول انفسهم، والمشبعين بالحسد. لذلك لن يتم أي إصلاح للقوانين. الحكومة بلاء الشعب: لم أجد في حياتي حكومة تمثل عبئاً ثقيلاً على الشعب كالحكومات السوءدانية. حقاً، فهذه الحكومات دمرت كل روح الاقدام عند الشباب، وروح الحكمة عند الشيوخ، وروح الابتكار والابداع عند سائر المواطنين. فأنَّى كانت هناك حكومة كانت هناك مشاكل. والطامة الكبرى، أن الحكومات لم تفعل ذلك فقط، بل أضحت اليوم تثير الصراعات القبلية والحروب الأهلية، وتساعد على الفساد والإفساد. أصبح المواطن يبحث عن النظام، لكن الحكومة تقول له: إبقَ في الفوضى. تخيل أن تذهب لتقنين أراضيك، أي ان تخرج من الفوضى للنظام، فتقول لك الحكومة: لا (خليك في الفوضى). وفي أزمات الخبز ينتظم المواطنون في الطوابير بكل احترام، فيأتي بعض العساكر ويمارسون الفوضى ليأخذوا خبزاً بدون الوقوف في الطابور، وهكذا هو الحال في صفوف البنزين والغاز. أتذكر أنني كنت أقف في طابور العيش فجاء شرطي واخترق الصفوف فتشاجرت معه: ولأن صاحب الفرن يخاف من الشرطي منحه خبزاً قبل الآخرين. صاحب أحد الأفران يبيع الخبز منذ الفجر لبعض النظاميين. وكذلك في صفوف الغاز. وعندما تذهب لأي مصلحة حكومية تعاني من الفساد، رغم أنك تذهب للحكومة لكي تكون كل انشطتك قانونية، لكن الحكومة بسبب وساخة من يديرونها تريدك أن تبقى دائماً في الفوضى. قبل أيام انتشر في مواقع التواصل منشوراً موجهاً يقول صاحبه بأن قيادات الحركات المسلحة فاسدين. والحقيقة أن صاحب المنشور قبل أن يقول ذلك كان عليه أن يسأل نفسه: لماذا هناك حركات مسلحة أساساً؟ أليس بسبب فساد الحكومات وأكلها لأموال تلك الشعوب المهمشة منذ الاستقلال؟ هل لو كانت حكومات الشمال قد أسست لدولة عادلة، هل كنا سنسمع عن الأنانيا والحركة الشعبية والعدل والمساواة وتحرير السودان والخلاص والتحرير الوطني؟ بالتأكيد لا.. كل التمرد الذي حدث في السودان حدث نتيجة فساد الذين حكموا السودان ونتاج عقلياتهم الخربة البائسة. ولو كان من كتب هذا المنشور قد سأل نفسه: من أين بنى من حكموا هذا البلد وأهلهم وقبيلتهم قصورهم في دولة ليس فيها انتاج حقيقي سوى المواشي والمحاصيل، لعلم إنهم إنما بنوها بالعطاءات المضروبة التي وزعوها على شركات أولادهم وأهلهم، وأقول مضروبة لأننا حتى الآن لم نشاهد أي عطاءات تم تنفيذها بحسب المواصفات، فالطرق التي يتم منح عطاءاتها لشركات أولادهم تذوب مع أول مطرة خريف، والجسور تأكلها الفئران، النفرات الزراعية التي تنفق عليها المليارات في العطاءات المضروبة كلها فشلت، وقس على ذلك في تصاديق الفساد، تصاديق البنزين والدقيق، وقس على ذلك التعامل في العملات الأجنبية، وقس على ذلك...الخ. هذا الفساد وهذه الأوساخ منذ الاستقلال وحتى اليوم. وحتى عندما تتمرد مجموعة، تتم محاولات تقسيمها عبر منح البعض من قياداتها وزارات ومناصب ليعلمونهم الفساد، ألم يحدث ذلك مع الجنوبيين ومع أهل الشرق والغرب؟ فإذا كان البعض من الهامش قد فسد فسببه حكومات الشمال الفاسدة. فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا الآخرين. يعتبر السوءدان دولة عجز، وسبب عجزها هو حكوماتها الفاسدة المشكلة من أسر شمالية فاسدة حكمت هذا البلد، نشرت الفساد في السوءدان كله منذ الاستقلال، وزعوا كل المناصب على أولادهم من الرئاسة حتى القضاء والخارجية والداخلية وباقي الوزارات وجاءوا بالقليل من الهامش كترميز تضليلي. فلا تعزب عن أكماكهم وليمة إلا أكلوها. ولم يتركوا حتى الفتات للآخرين. وعندما ظهر البترول، أكلوا ملياراته، ولم يستفد معهم باقي الشعب، والآن عقودهم مع الروس في اليورانيوم وغيرها يأكلونها وحدهم. فهؤلاء فاسدون بطبعهم، فكيف للحرامي أن يصف شخصاً آخر بالحرامي بالله عليكم. والمشكلة انهم ليسوا لصوصاً فقط، بل هم مدمرون، وفوضويون لأن الحشرات والبكتريا لا تعيش إلا في القاذورات، ولذلك لم يضعوا قوانين محكمة ولم يشيدوا مؤسسات حقيقية، لأن القوانين والمؤسسات ستضرب مصالحهم وستقوض سيطرتهم المستمرة منذ الاستقلال على كل موارد الدولة، وهم فوق هذا كله أشخاص غير منتجين، فلا هم ابتكروا صناعات فاغتنوا منها كما يفعل الرأسماليون في أمريكا مثل بل جيتس وآيلون ماسك وغيرهم، ولا هم تركوا للآخرين حرية الابتكار، فأصبحت الدولة فقيرة تعتمد على صادرات تقليدية كالمحاصيل والمواشي. أما هم فاغتنوا بالعطاءات الفاسدة، التي نهبوا بها أموال الدولة التي تأخذها من الضرائب وباقي الجبايات من المزارعين والرعاة والحرفيين الفقراء. ولا أحد من هؤلاء الفاسدين يعمل وهو ينظر لحقوق الآخرين. أحد معتمدي الخرطوم، جاء من خرارات القرير إلى الخرطوم ليمنع بائعات الشاي من بيع الشاي في الشارع بحجة أن منظرهم قبيح. وهو لم يفكر ولم يسأل نفسه: لماذا تترك امرأة منزلها لتبيع الشاي في قارعة الطرقات؟ نساء إما أرامل أو مطلقات أو ربات بيوت من الفقراء يعلن أطفالهن في حكومة ذلك المعتمد التي لا تقدم لهن أي مساعدات، بل تلاحقهن بالشرطة والضرب ومصادرة كبايات الشاي والبرادات وكنكات القهوة وآخر بدعة نشر شائعات بأنهن بائعات مخدرات وهوى، فأي روح خبيثة عند هؤلاء. فبدلاً عن يكون ذلك المعتمد عادلاً رؤوفاً رحيماً، فيحاول أن يمنعهن من ببع الشاي عبر منحهن مساعدات، قام بحظر بيعهن للشاي. بالله عليكم ماذا لو كان هذا المعتمد لم يولد في خرارات القرير بل ولد في دبي ولا الشارقة من أحد أمراء الخلايجة او كان سويسرياً او سويدياً، ماذا كان فعل بنا نحن الفقراء. طبعاً هو ادخل ولديه ضباطاً في الجيش وقام البشير بتزويجهما، ولكن أردول المهمش فاسد.. اذهبوا قبحكم الله وزاد في قبحكم.. لن تصبحوا بشراً أبداً.. اقول قولي هذا واستغفر الله لي وليس لكم، وندعوا الله ان يخرجنا من هذا المرحاض بأسرع ما يكون قادر يا كريم.. الوحا الوحا.. العجل العجل..الساعة الساعة..
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق September, 28 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة