حالة من الاضطراب والشد والجذب تكتنف الساحه السياسيه وقواها الفاعله بعد قرار رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان بإبتعاد المؤسسه العسكريه عن أي فعل سياسي فيما تبقي من عمر الفتره الانتقاليه..راميا الكره في ملعب القوي السياسيه ومحققا لها مطلب البعض منها في لاآتها الثلاث التي رفعتها (لا..تفاوض..لاحوار..لامشاركه)..وكما فعل هذا البعض سابقا.. بدايات الثوره فعندها كان هو المتصدر للمشهد ورافعا شعار(تسقط بس).. وعندما حانت ساعة الحقيقه ..وتحقق السقوط..حار بهم الدليل.. كأنما تفاجأت هذه القوي به ولم تتوقعه أو تتحسب له..ويتكرر نفس المشهد الآن.. ترتبك نفس القوي السياسيه وتضطرب في تحديد موقف قوي وواضخ وبحيثيات منطقيه من خطوه قياده الجيش ..فتعددت الالسنه المعبره عن المواقف.. وتناقضت التصريحات بين مرحب ورافض ومتحفظ ومهرج..ليقف كل ذلك شاهدا ودليلا علي اضمحلال وتردي اداء القوي السياسيه وفقرها السياسي والفكري..فالسياسي الذي لايقرأ واقعه ولايدري مواطن القوي والضعف في ساحته ولايبتدر ولايتوقع ولايمتلك ادوات فاعله لمعرفة محيطه الداخلي والاثر الاقليمي والدولي علي توجهاته..سياسي بهذه المواصفات عليه أن يطرق مجالا آخر يستوعب قدراته الفطيره وإمكانياته المتواضعه هذه..حتي لاترد البلد وضعا مترديا اكثر مما هي فيه...لماذا نقول هذا؟..نقوله لأن السياسه فعل مضني وشاق..وذو مسار طويل و مستمر مادامت هنالك حركة حياة وبشر يتحركون..وكل حركه وسكنه هي فعل سياسي..تريد من يتصدي له أن يكون واعيا متيقظا مستوعبا لما يدور حوله من أجل أن يغيير واقع من ائتمنوه وقدموه لقيادتهم..فقضيه التغيير قضيه كبري ومفصليه..وهي قضيه مركبه و شائكه وشديدة التعقيد لشموليتها واحاطتها بكل تفاصيل حركه الحياه..ويبدو هذا العسر جليا عندما يحين موعد تنزل الشعارات التي رفعت من أجل التغيير للواقع العملي الحياتي..فتتنزل المطلقات والكليات للواقع المحدود و النسبي..الذي يفرض تحديه ومنطقه..فيتقدم شعار..ويتأخر آخر..وتتعارض بعضها..وتتلاشي آخري..هذا هو منطق الواقع بنسبيته وقصوره وافرازاته..فالسياسي والقائد الحصيف والحاذق الواعي .. يخبر أتباعه ومواليه ويدربهم علي هذه الحقيقه.. ان ثمة فارق بين الشعارات المطلقه والواقع النسبي..فالشعارات قيم مطلقه ونبيله..فالحرية قيمه مطلقه..وكذلك العداله..وحتما السلام كذلك..ولكن عند تنزلها علي الواقع العملي يجب الإجابة علي جملة من الاسئله الحتميه التي تتري متتاليه منتظرة الابانه او الإجابة..مثلا..من اين تبدأ الحرية والي اين تنتهي؟..ومامفهومها في أذهان مروجيها والداعين اليها؟ اين تكمن علاقه التماس والتقاطعات بينها وبين القيم الاخري سائده كانت أو وافده؟وعند ذهابنا لنستنطق قيمه العداله..العداله لمن وعلي من تكون ؟ وهل هي منحازه ام انتقائيه ام شموليه؟ هل مبدأ العفو والسعي للصلح فيه من العدالة شئ.؟ ونعرج كذلك علي قيمة السلام..ما المقصود به؟ واي المجالات هو اولويه قصوي بالنسبه له؟ وماهي ادوات تحققه واستمراره وديمومته؟ ..وهكذا.. اسئله يستولدها الواقع وتكثفها الممارسه والحركه والدخول الي عمق المجتمع..والإجابة علي هذه الاسئله وغيرها كثير ..هي التي تنشئ جيل جاد ذو تربيه سياسيه راشده..جيل يدرك أن الفعل السياسي هو فعل جدلي مركب.. له طرف آخر..نعم ربما يكون مناوئ لك في الفكره أو التوجه أو المزاج السياسي..لكنه آخر مختلف له نفس حقك في التعبير وتقديم الرؤي و الافكار لخدمه مجتمعه كما يري هو..كما انت لك نفس الحق..ولهذا علي القاده السياسيين أن بقي فيهم شئ من رشد أن يحسنوا التربيه السياسيه لهذا الجيل ويجنبوهم المزالق والمهاوي التي وقعت فيها الاجيال السابقه واوصلتنا لما نحن فيه..عليهم أن يعلموهم أن: _ أن هذا الوطن للجميع وان الكل شركاء فيه. _ والا صكوك غفران تمنح وتمنع بواسطه فئه مهما ادعت من الاحقيه والتمييز. _ وعليهم أن يعلموهم أن لهذا الوطن قيما سائده وعادات راسخة يجب أن تحترم وتوقر..وان الخروج عن المألوف والاتيان بالشاذ من الأقوال والافعال محاكاة لمجتمعات لاتمت إلينا بصله يضرب اسفينا بينهم وبين هذا المجتمع..فالسودان ليس المدن الكبري..فهنالك في القري والأمصار البعيده..من يستطيعوا أن يغيروا المعادلات ويربكوا الحسابات بشكل غير متوقع ولايخطر علي بال احد . _اخبروهم أن البلاد تبني بسواعد أبنائها وبعقول رجالها ونسائها و شبابها..وأنه ما حك جلدك مثل ظفرك..وان هذا لايتأتي بتخريب وتدمير ماهو قائم من منشأت ومباني..فالذي يبني لايدمر ماهو قائم..فللتعبير عن الاحتجاج السياسي اكثر من وجه..ليس من ضمنه بالطبع الدمار والتخريب..الذي لايضر الا البسطاء وأصحاب المهن والحاجات الضعيفه والمرضي..ولايتضرر المستهدف منه شيئا. _علموهم أن يتجنبوا كل مايغيب العقل ويهبط بالوجدان..فصاحب العقل المغيب وفارغ الوجدان..يكون نهبا لشهواته ونزواته..وقبل ذلك يكون هدفا وصيدا ساهلا لاصحاب الاجنده و المصالح..فنحن نعيش في عصر تحكمه الذئاب.. هذه خطوط عريضه وعناوين كبري يمكن أن يتحدث بها كل صاحب مشروع سياسي جاد..للقاعده الشبابيه..التي هي جزء مقدر من الحاضر وكل المستقبل..يحدثهم بهذا وأكثر منه..لعل الله يجعل لهذه البلد مخرجا من عمق الجب هذا الذي مكثت فيه ردحا طويلا من الزمن.. يكون نجاتها علي يد أحدهم وماذلك علي الله بعزيز.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق July, 13 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة