مخطئ من ظن ان الحرب الروسية الاوكرانية ستنتهي بدون اي تغير في اوروبا والعالم فتاريخيا كانت الحروب التي تدور رحاها في اوروبا خصوصا حروب ما بعد عصر النهضة الاوروبيا كانت ما تنتهي بتغير في خارطة اوروبا السياسية فالمانيا التي كانت مجرد امبرطورية تضم اقليمي بفاريا وبروسيا وسعت حدود في القرن التاسع عشر وضمت اليها اراض من بلجيكا وبولندا وفرنسا وايطاليا وذلك في نفس الزمن الذي كانت اوروبا تتقاتل في بقية قارات العالم حول المستعمرات
بينما الحرب العالمية الاولي عندما انتهت اختفت من الخريطة الامبراطورية البولندية النمساوية التي كان مقتل ولي عهدها سببا في اندلاع الحرب العالمية الاولي
اما الحرب العالمية الثانية فقد شهدت ضم الاتحاد السوفيتي لدول البلطيق وتقسيم المانيا الي شرقية وغربية
بينما حروب البلقان في اواخر القرن الماضي ولدت دول كرواتيا والبوسنة والهرسك وصربيا التي انقسمت بدورها الي صربيا والجبل الاسود
اما حروب القرم التي انطلقت بعد حروب البلقان فاوجدت دولا مثل ابخاذيا واوستيا وملدوفيا في شرق اوروبا
لذلك فان حرب بحر ازوف بين روسيا و اوكرانيا لن تختلف عن بقية الحروب الاوروبية التي دارت في القرنين الماضيين في تغير الحدود السياسية ومساحات بعض الدول في اوروبا فقد تولد دولة دومباس كدولة مستقلة او اقليم ذو حكم ذاتي اقرب الي الدولة المستقلة
بينما التغير الذي سوف يتم فهو علي مستوي العالم هو عالم متعدد الاقطاب فامريكا والاتحاد الاوروبي واستراليا واليابان في معسكر ومعسكر التناقضات الذي يضم روسيا والبرازيل والمكسيك والهند والصين وبسبب الاخيرتين سيكون المعسكر الثاني اضعف ذلك لان الخلافات بين الهند والصين عميقة جدا وجرت بينهما حروب صغيرة ومحدودة في الثمانين عاما الماضية وهذا ما سيضعف التحالف الاخير اذا لم يتم وضع اسس سياسية واهداف واضحة لهذا التحالف اضافة الي تعدد المدارس القتالية والعسكرية لهم
علي الصعيد العسكري تختلف الاستراتيجية العسكرية لروسيا عن التي يخوض بها حلف الناتو حروبه فالناتو يعتمد علي الضربات الجوية المكثفة والحرب البرية المحدودة مع السيطرة علي المدن دون السيطرة ضواحيها واريافها وكل ما طال امد الحرب كلما اذدادت الضغوط العسكرية والسياسية علي قياداته وعلي العكس فإن استراتجية روسيا الحربية تقوم علي سياسة النفس الطويل ونهج الذئاب القائم علي الحصار وتكثيف الوجود لانهاك الطرف الاخر قبل القضاء عليه عسكريا لذلك تستخدم القوات البرية بشكل مكثف مع القليل من الضربات الجوية لذلك يعتمد علي حصار المدن وعزلها عن بعضها البعض لقطع طرق الامداد الغذائي والعسكري قبل سقوطها
مما سبق وما سيلي حرب بحر ازوف عند انتهاءها لن يكون العالم سياسيا كالعالم الذي عرفناه بعد حروب البلقان وسنشهد سقوط النظام العالمي الجديد الذي اطلقه جروج بوش الاب في بداية تسعنيات القرن الماضي بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك حلف وارسو وإنضمام دول منه كبلغاريا ورومانيا الي حلف الناتو العدو السابق لهم
فالمؤكد سنشهد عالم متعدد الاقطاب متنافس علي قارة افريقيا ومواردها بشكل اساسي وتقاسم النفوذ علي بقية العالم مع اعادة انتاج الحروب بالوكالة بين القطبين ودعم الانقلابات العسكرية وتوفير غطاء سياسي لها واعتراف دولي بها
ان اول ضحايا نهاية حرب بحر ازوف بين روسيا واكورانيا هي الديمقراطية في دول العالم الثالث في افريقيا واسيا و امريكا الوسطي والجنوبية نتيجة للصراع المحموم بين رأس المال الشرقي المدعوم من روسيا والصين والغربي المدعوم من الناتو
ثالث التغيرات هو عودة سباق التسلح وإنشاء القواعد خصوصا حول الطرق البحرية الحيوية ومصادر الموارد الخام والطاقة
ونتيجة لهذا ستنشأ مدن مالية علي قرار دبي حول هذه الممرات البحرية وقرب مصادر الطاقة والمواد الخام لتكون ملاذات شبه امنة لرؤوس الاموال العابرة للقارات
اخيرا قد يحدث تغير طفيف داخل الامم المتحدة عبر بعث دول عدم الانحياز مجددا بقيادة إندونسيا لتشكل قطب ثالث منزوع الانياب لافتقاده لحق الفيتو في مجلس الامن لكنه سيكون له تأثير داخل الجمعية العامة للامم المتحدة
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 03/20/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة