مقدمة : قد يستغرب البعض ماجاء بالعنوان من علاقة بين الحرب الاوكرانية والثورة السودانية . ولكنى اقول ان العلاقة بينهما بدأت حتى قبل نشوب الثورة السودانية وبدأ الحرب الأوكرانية. وان العلاقة بينهما مستمرة اثناء استمرار الثورة ، وستستمر فى المستقبل تأثيرا ايجابيا وسلبيا . وفى الحقيقة خطر ببالى الكتابة تحت هذا العنوان وأنا اتابع سير احداث الثورة المتقدمة والحرب ،التى لايستطيع احد تقدير مداها المكانى ولاالزمانى ، فيخطر ببالى اهمية الكتابة عن احد هذه الاحداث ، ولكنى لااكتب فى وقته لأسباب خاصة بجهاز الكمبيوتر عندى، الذى " حرن " فى هذه الايام ولأنى اعتدت على الكتابة عليه ، فلم استطع غير كتابة عناوين المواضيع الخاطرة وربما ثلاثة الى اربعة اسطر كملخص للفكرة . والآن وقد عاد الكمبيوتر بحمد الله ، فقد وجدت انه من الافضل ان اكتب تحت عنوان يمكننى من اختصار بعض تلك المواضيع لأن الغد قد يأتى بمواضيع اكثر اهمية ، او حتى بحرب تقضى على الاخضر واليابس . فكانت خاطرة هذا العنوان ! علاقة ماقبل الثورة : كلنا لاشك يذكر المنكر الذى فعله رئيس نظام الانقاذ قبل شهور عدة من نهاية نظامه وهو يبحث عن اى ابرة فى اى تبن لأنقاذ مايمكن انقاذه . وكان من ضمن ذلك البحث الذهاب الى الكرملين وشحتة نظام بوتن الحماية ضد امريكا ، هكذا وبالحرف الواحد وامام اعلام العالم ! وكانت فرصة للزعيم الروسى جاءته على طبق من ذهب فأعطى وعد _ مجرد وعد _ بالحماية مقابل قاعدة له على البحر الاحمر ! ولاشك فى ان مثل هذا المنكر العلنى قد أثار الكثيرين من الوطنيين واصحاب المصالح مع جهات مناوئة للروس وايضا من عقلاء النظام الراغبين فى المحافظة عليه بقدر الامكان . وبالتالى فقد كان ذلك الحدث أحد المعجلات بثورة ديسمبر المتفردة . هذا الى جانب ان الطرف الروسى ، وقد اصبح هو الآخر جزء من النظام الرأسمالى العالمى ، لم يعد يطرح شعارات وحدة شعوب العالم ضد نظام هو احد اعمدته ، لكنه كما هو الحال فى انظمة راس المال، ينافس على افضل الطرق لأستغلال الآخرين . العلاقة اثناء الثورة : أما العلاقة اثناء الثورة فقد أكدت سعى الطرفين الى تحقيق مراديهما من العلاقة . فمن ناحية، يؤكد الكثيرون من المحللين الدوليين والمحليين مشاركة شركات روسية امنية خاصة فى محاولة الابقاء على نظام الانقاذ على الاقل حتى انجاز المهمة الكبرى بتنفيذ مشروع قاعدة البحر الاحمر . وبعد نجاح الثورة فى ازاحةالرئيس المعزول استمرت المحاولة من قبل الدولة الروسية نفسها هذه المرة لأقناع اعضاء اللجنة الامنية الذين استولوا على السلطة بخديعة المشاركة فى انجاز الثورة . وهنا كالعادة ، ونتيجة لتناقضات القابضين على السلطة من اللجنة الامنية وسياسيى قحت ، فقد اصبحنا نستمع الى اخبار متناقضة بنفس القدر فى قضايا أخرى مثل العلاقة مع اسرائيل . فمن قائل ان الاتفاق قد تم بالفعل وان المتسلطين قد منحوا الروس قاعدة تابعة للجيش السودانى وان القوات الروسية قد اتت ببعض عتادها الى هناك . ثم يأتى قائل آخر بقول انه لم يتم الاتفاق بعد وان العتاد الروسى قد اعيد الى اهله بعد ورود احتجاجات اقليمية ودولية على وجود مثل هذه القاعدة التى تغوض أمن المنطقة بالنسبة لهؤلاء المحتجين ،فى نفس الوقت الذى تمنح فيه الطرف الروسى مالم يكن يحلم بتحقيقه فى يوم ما. ثم يأتى خبر شبه يقين بعد زيارة الرجل الثانى – الاول – لروسيا وماصرح به بعد رجوعه من ان السودان مستعد للتعاون مع الشيطان نفسه ان كان فى ذلك فائدة له . وذكرت بعد ذلك عدة اخبار متناقضة عن مكان القاعدة ووصول طائرات روسية للسودان ، لاأدرى ان كانت من ضمن عتاد القاعدة ام انها ترمز الى التعاون بين الطرفين فى ظروف الحرب الاوكرانية ، مثلما حدث مع الجارة مصر ، مثلا ، اثناء الحرب الاسرائيلية !كذلك هناك مايشاع عن احتجاج الدول الاقليمية على هذا الوجود الخطير. وعى اية احوال ومن غير اعتبار لصحة او خطأ بعض هذه الاقوال والاشاعات ، الا انه من المؤكد ان الطرفين الروسى والسودانى يريان اهمية وضرورة التعاون فى هذه المرحلة الحرجة بالنسبة لكليهما . وهناك ايضا فى مجال التعاون بين الطرفين ، ماجاء فى بعض الصحف الغربية من اعداد بوتن فى الجانب الاقتصادى لتوقعات العقوبات الغربية على روسيا بتكوين رصيد من الذهب كبديل للعملات الاجنبية ، وذلك بلجوئه الى المصدر السودانى كأحد اهم المصادر لهذا . وهنا ايضا من غير اعتبار لصحة او كذب هذه الادعاءات الغربية ،فان ماكشف ويكشف يوميا عن تهريب الذهب السودانى ، يجعل هذا الامر ممكنا ومنطقيا ، خصوصا اذا ربطناه بضرورات التعاون بين الطرفين فى هذه الظروف لكليهما ! احتمالات استمرار العلاقة فى المستقبل : برغم ان قراءة هذه الاحتمالات يعتمد على تطور الاوضاع لدى الطرفين: الروسى ، وهو يخوض حرب لايستطيع احد ان يتنبأ باحتمالاتها القريبة والبعيدة لتشابك الاطراف والمصالح فيها ، وطرف الثورة السودانية، التى اطمأن اطمئنانا كاملا لنجاحها هذه المرة فى استكمال تنفيذ شعاراتها المطروحة منذ الانتفاضات السابقة،الا ان عدم المقدرة فى تحديد المدى الزمنى الذى ستستغرقه عملية الثورة مع تقدير التغييرات المتوقعة فى الاوضاع العالمية ومن ضمنها الوضع فى روسيا ، كل هذا وغيره من المتغيرات التى يصعب تقديرها ، لاتمكن بالتالى من اعطاء توقع دقيق لاحتمالات استمرار العلاقة فى المستقبل . ولذلك فاننا سنلجأ الى افتراضات نراها منطقية التوقع ونبنى عليها هذه الاحتمالية للعلاقة الثنائية فى المستقبل بعيدا كان اوقريبا : التوقع الاول : ان تنتهى الحرب مؤقتا لمصلحة الطرف الروسى كما يبدو من سير الاحداث وفى نطاقها الحالى . ففى هذا النطاق يبدو ان الروس مصرين على تحقيق اهدافهم الى تبدو منطقية وهى جعل كييف فى وضع الحياد وابعاد الناتو عن حلق روسيا ، خصوصا وان الغرب بشكل عام يصرح بأنه لايريد ان يصل الى حد الصدام المباشر ككتلة مع روسيا لخطورة مثل هذا الامر فى جر العالم الى حرب نووية مدمرة . وكذلك يبدو من بعض التصريحات الغربية للدول الاكثر تاثرا بالعقوبات على روسيا ، مثل المانيا وفرنسا ، ان الوحدة التى تعكس من خلال التصريحات ليست بالقوة المدعاة وفى هذه الحالة فان العلاقات مع السودان ستختلف باختلاف نوعية السلطة التى ستكون فى الحكم : فاذا تم ذلك ولاتزال سلطة الانقلاب موجودة بتشكيلها الحالى ، نتوقع استمرار الطريقة الحالية فى " الدسدسة والغتغتة "من كل طرف فى سبيل تبرير مواقفه حتى لو اصبحت هزلية بالصورة التى اضطر فيها الرجل الثانى – الاول – ان يصحح والى البحر الاحمر علنا عندما صرح الاخير باسم احدى دول المنطقة التى عرف عنها رغبتها العاتية فى الاستيلاء على وضع الميناء الرئيس للبلاد ! وفى هذه الحالة ، فان الامر سيكون مكشوفا لجماهير الثورة الواعية ، مثلما عبر حفيد الثائر عثمان دقنة فى الرد على الرجل الثانى ووالى البحر الاحمر فى المثال المشهود المذكور ! أما اذا تم ذلك والسلطة قد انتقلت الى دعاة الهبوط الناعم ، حسب مازعم التخطيط له بين شركاء ماقبل انقلاب 25 اكتوبر فى احدى دول المنطقة وبمشاركة ثلاثيها ، فالمتوقع ان يؤدى ذلك الى تأخير انتصار الثورة بتحقيق اهدافها المعلنة المخيفة لدعاة الهبوط الناعم . ذلك لأنه من ضمن تلك الخطط ، بل على راسها، سيكون حل المشاكل الاقتصادية المرتبطة بحياة الناس.وكذلك اعطاء السلطة شكلا ديموقراطيا ، بارجاع بعض الشخصيات المدنية السابقة ، التى بدأ تلميعها او اعادة تلميعها بتبرير مواقفها السابقة وشرح بعض ماغمض منها بسبب " الدغمسة والغتغتة "التى كانت نموذجا لتلك الفترة! واذا حدث ذلك بناء على هذا الافتراض ، فان المحاولات الروسية والاقليمية ستستمر لتنفيذ اهدافهما المعروفة ، ومن ناحية اخرى فان ذلك سييضع مزيدا من الوقود على نار الثورة ، فى نفس الوقت الذى يستكمل فيه الفرز بين من يسعون حقيقة لتنفيذ شعارات الثورة فى خلق سودان جديد واولئك الذين يريدون تغييرا محدودا يحول السلطة من الممسكين بها من العسكر والمدنيين اليهم ، او على الاقل ، اشراكهم فى السلطة او الاقل الاقل بخدمة مصالحهم الطبقية ! التوقع الثانى : ان تنتهى الحرب للصالح الروسى مع انتصار الثورة السودانية . وهذه هى الحالة التى اود ان الفت اليها نظر الطرف الروسى والاقليمى بل والدولى ، لأنها تعبر عن المستقبل الحقيقى لمايمكن ان تكون عليه العلاقات لمصلحة الشعوب سواء فى المجال الدولى الاقليمى والمحلى بالطبع . وهوموضوع من الاهمية والتفاصيل ما يجعلنى اتركه لمقال قادم ، ان شاء الله .
وكذلك اعطاء السلطة==
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 03/20/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة