لم يقم أي شعب من قبل من بين رماد الانقراض وشيك ليشكل بلدًا ويحقق ذروة التطور في كل مناحي الحياة مثل إسرائيل. هذه الإنجازات العظيمة تشوبها الآن بشكل مأساوي صراعات مشحونة داخليًا تقوض وجودها بشكل ينذر بالسوء.
تصحيح الخطأ
تعتبر إنجازات إسرائيل منذ قيامها رائعة. في العلوم والتكنولوجيا الإلكترونية والطب والهندسة الزراعية والابتكار العسكري والطيران وريادة الأعمال تفوقت إسرائيل بينما وصلت إلى ذروة البراعة العسكرية التي لا مثيل لها من قبل ولم تصل لها أي قوة إقليمية أخرى. وعلى الرغم من هذه الإنجازات الرائعة ، فشلت إسرائيل في أن تصبح الدولة التي كان يتصورها ملايين اليهود. فعلى الرغم من أن إسرائيل مهددة من قبل الفلسطينيين المتطرفين والجماعات الإسلامية الراديكالية وإيران ، إلا أنها تتمتع بالقوة العسكرية الكافية لمواجهة مثل هذه التهديدات والانتصار. الخطر الحقيقي الذي تواجهه إسرائيل هو إلى حد كبير مصنوع ذاتيّا ً وينبع من جبهات متعددة فشلت الحكومات المتعاقبة في معالجتها.
وتشمل هذه الإخفاقات استمرار الاحتلال ، والتمييز الذي لا ينتهي ، والفقر المتفشي ، وتنامي الخلاف الاجتماعي ، والعلاقات المضطربة مع يهود أمريكا تشير جميعها إلى واقع قاتم وتشكل خطرًا جسيمًا على بقاء إسرائيل كما نعرفها.
. انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة بخلاف التعطش لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية والمعارضة الشديدة لإقامة دولة فلسطينية ، فإن استمرار الاحتلال يهدف إلى إبقاء الصراع محتدماً وتقديم الخلفية المنطقية وراء “المخاوف” الإسرائيلية بشأن الأمن القومي. من المحزن الاعتراف بأن اليهود الذين عانوا من ويلات التمييز والعزل والاضطهاد المستمرة التي بلغت ذروتها مع الهولوكوست التي أدت إلى قيام دولة إسرائيل ينتهكون حقوق الفلسطينيين الإنسانية إلى هذه الدرجة.
كيف يمكن لأي إسرائيلي أن يبرر الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان للفلسطينيين التي يتعرضون لها يوميا ؟ السجن لفترات متعاقبة ، هدم المنازل ، الإخلاء القسري ، المداهمات الليلية ، الفصل العنصري ، والحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، ناهيك عن الاعتداءات والمضايقات المستمرة على الفلسطينيين الأبرياء من قبل المستوطنين لإجبارهم على ترك أراضيهم وممتلكاتهم. وكما قال أمنون راز كراكوتسكين في “حنا أرندت في القدس” ، “… علينا أن نلاحظ أنه في النقاش العام الإسرائيلي ، لا يزال مصطلح” السلام “لا يعني في المقام الأول إستيفاء الحقوق الفلسطينية ، بما في ذلك حقوق اللاجئين ، بل بالأحرى مبدأ الانفصال…..”
صرحت بتسيلم في كانون الثاني (يناير) 2021 أن “النظام الذي يستخدم القوانين والممارسات والعنف المنظم لتعزيز سيادة مجموعة على مجموعة أخرى هو نظام فصل عنصري”. وأعربت منظمة العفو الدولية عن نفس الشعور في وقت سابق من هذا الشهر.
مهما حاولت إسرائيل الدفاع عن نفسها ، فإن الواقع على الأرض في المناطق يتحدث عن الكثير من سوء المعاملة الوحشية للفلسطينيين من قبل إسرائيل. وفقًا لمنظمة بتسيلم ، قتلت إسرائيل في العام الماضي أكثر من 300 فلسطيني ، أكثر من خمسهم من الأطفال – وهو العام الأكثر دموية منذ عام 2014. يجب أن يعيب هذا كل يهودي إسرائيلي يشعر بالرضا تجاه الاحتلال البشع الذي يقوض مكانة إسرائيل الأخلاقية بشكل بشع في أعين المجتمع الدولي. وعلى الرغم من أن معاداة السامية كانت تلعب دورا ًمنذ زمن بعيد ، فهل يمكن لأي شخص أن يقول أن معاملة إسرائيل للفلسطينيين لا تساهم في صعود معاداة السامية ؟
لذا من بالغ الأهمية أن يتم حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني لأنه طالما استمر الاحتلال ، فلن يؤدي فقط إلى تقويض حق الفلسطينيين ، بل سيزيد من حدة مشاكل إسرائيل الداخلية.
التفاوت الاقتصادي نماعلى مدى العقدين الماضيين الاقتصاد الإسرائيلي باضطراد مما يجعله واحداً من أكثر الاقتصادات استقرارًا داخل المنطقة وخارجها. متوسط دخل الفرد هو على قدم المساواة مع معظم دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ولهذا السبب ، من الصعب فهم سبب فشل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فشلاً ذريعًا في معالجة الفوارق الاقتصادية الشاسعة بين السكان الإسرائيليين ، اليهود والعرب على حدٍ سواء. فكما صرح توماس جيفرسون ببلاغة ، “تتطلب التجربة أن يكون الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يلتهم نوعه ، لأنني لا أستطيع أن أستخدم مصطلحًا أكثر اعتدالًا لفريسة الأغنياء بشكل عام على الفقراء.”
ووفقًا لدراسة أجريت في كانون الأول (ديسمبر) 2021 ، يعيش أكثر من 2.5 مليون إسرائيلي – بما في ذلك أكثر من مليون طفل – في فقر مع 932000 أسرة تعيش في حالة ضائقة اقتصادية. إن الدولة التي تنفق المليارات على بناء المستوطنات والبنية التحتية الضخمة في الضفة الغربية إضافة إلى مليارات أخرى تُنفق على الأمن ، تسمح لأكثر من مليون طفل بالجوع ، خاصة في المراحل الأولى من نموهم المعرفي. هذا ليس فقط غير معقول ولكنه إجرامي. إن الاعتقاد بأن هذا يحدث لشعب يتوق إلى العيش بكرامة بين إخوانه اليهود يتحدى السبب الأساسي وراء إنشاء دولة إسرائيل.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 03/01/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة