أدعو أصحاب الذاكرة المُتقِدة التي لا تشيخ ، لفتح صفحة تاريخ الحركة الإسلامية منذ قيامها بإنقلابها المشئوم في 1989 ، ثم القراءة في باب (قتل الشباب اليُفع) ، ليعرفوا ويتأكَّدوا أن ما يُحدث الآن من قتل لشابات وشباب الثورة الشُرفاء ليس مُجرَّد صدفة تتقاذفها أحكام الظروف والإضطرار ، فهذه منهجية فكرية وتنظيمية فحواها (أن لا ينجو) شاب له القدرة والطاقة في بذل الجهود من أجل التغيير ما لم يكُن (مُستلباً) ومُقيَّداً داخل حظيرة تنظيمهم الإرهابي الذي لا يعترف بالآخر من حيث المبدأ ولا بالديموقراطية ولا تعددية الثقافات والأعراق.
قبل عشرون عاماً ونيف وفي بدايات إنقلابهم الذي أطلق يد العُنف والموت المجاني في 1989 ، ساقوا الشباب قسراً وإجباراً إلى حرب الجنوب دون تدريب ولا أُسس فنية عسكرية تقيهم شر الموت الذي غالباً ما كان يحدث في أول ساعات وصولهم إلى المعسكرات الميدانية في أرض الجنوب التي باعوها فيما بعد بأبخس الأثمان ، أذكر كيف كانوا يسوقون اليُفع من شباب أوائل التسعينات عبر إنزالهم من حافلات المواصلات والمُطاردات الميدانية في شوارع الخرطوم والمدن السودانية المُختلفة ، ليضعوهم في معسكرات السوق الشعبي والقطينة وغيرها ، ليُرحَّلوا بعد 48 ساعة إلى غابات الجنوب ، حتى شاع بين الناس أن قوُّات الدفاع الشعبي والجيش السوداني الذي كان قد بدأت إرهاصات إستلابه سياسياً منذ ذلك الحين ، يستعملون أولئك الأبرياء كدروع بشرية في الخطوط الأمامية عبر تمشيطهم الإستباقي لحقول الألغام تمهيداً وتأميناً لدخول القوات التابعة لتنظيمهم السياسي البغيض في أشكاله ومضامينه التي تتنافى مع كل القيَّم والأخلاقيات الإنسانية التي إتفق وتواثق حولها العالم أجمع في كافة الوقائع بما فيها الكوارث والحروب ، ثم ونكايةً في الشعب السوداني وإستحقاراً لهُ ، يأتون لبيوت المآتم على أكناف الهُتافات والزغاريد وينصبَّون أولئك الضحايا (عرساناً) في زفة الجحيم والموت الزؤام ، عزاءنا في هذا المضمار أن شيخهم الذي مضى وفي عنقهُ خزائن كل تلك الآثام والمرارات وصف كل من قضوا نحبهُم في حرب الجنوب بـ (الفطائس).
الجيش السوداني لم يكُن بأية حالٍ من الأحوال ليسلم ويُستثنى من هجمة التمكين الكيزاني التي عمَّت البلاد منذ 1989 على الأقل في مستوى قياداته العُليا ، لذا هم الآن يستمرون في الخطة القديمة لتنظيم الحركة الإسلامية التي مفادها محاربة أيي (مستقبل) لهذه البلاد لا يجدون أنفسهم على رأس آلة الطغيان والجبروت في أركانه ، ولما كان شباب اليوم هم من يصنعون المُستقبل و يقفون على بناء أركانه برؤيةٍ جديدة مفادها عدم وجود الكيزان في المشهد السياسي وربما الإجتماعي ، كان لا بُد لهذه الطُغمة الغاشمة من الإستمرار في القتل والسحل والتنكيل ، ليس بغرض القضاء على جميع شبابنا لأنهم يعلمون إستحالة ذلك ، ولكن هم يُراهنون على القضاء على عزيمتهم وصبرهم وقُدرتهم على الإحتمال ، يحلمون بـ (تخويف) الشباب من الموت ليتراجعوا رويداً رويداً إلى أن تتلاشى إحتجاجاتهم لتصفو لهم شوارع السودان من جديد ليستمتعوا بها نهباً وتبديداً وبطشاً وفجوراً ، لكن هيهات فهذه الثورة لايزيد إشتعال نارها سوى هذا الإستشهاد المُقدّس وتلك الجراح المُثخنة بعشق الوطن وأرتال التضحيات التي تفتح كل يوم باباً جديداً للإنعتاق والحرية والمساواة وتباشير التنمية المُستدامة ، اللهم أرعى شبابنا بعين عنايتك الإلهية التي لا تغفو ولا تنام ، حسبي الله ونعم الوكيل.
<هيثم الفضل.jpg>
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/24/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة