! الاثنين, 15 أغسطس 2016 08:07 أعمدة الكتاب - تراسيم - عبد الباقى الظافر إرسال إلى صديق طباعة PDF يعتبرونه مجرد خفير.. ولكنه كان بالنسبة لي أكبر من ( أمين) المواقع ..عشرة أعوام ظل يرافقنا من موقع إلى آخر لم يكلفه الترحال غير (لحاف) بلا مخدة وشال ورادي وصباع معجون وقليل من التمباك كان كل متاعه (معرفة) الناس وكثيراً ما تقف له عائقاً في الرحيل.. (سيد الدكان) جيران الموقع ( بتاع المكتبة) بتاع الطبلية (ست الشاي) رواد النادي كلهم يسألونه ألا يرحل .. يقضي بيتر يومه متنقلاً بينهم يبادلونه نفس الإحساس يرسم ملامح الحوار في جلساته ببساطة وبصوت هادئ يدخل في قلوب الناس. رياضي مريخي ومن صفوة المدرجات يحتفظ بإرشيف لصحيفة الصدى يشعل سجارته عند كل هزيمة أو نصر، يبدأ يومه بأقوال الصحف لم يسرف في السياسة كثيراً لم يبحر فيها أبعد من نشرة العاشرة وأقوال الصحف.. يستقبلني في كل صباح الباشا سلام دا (ماتيم دا )عندما يلعب المريخ ويخسر.. يحدثني دايماً عن فشل المدرب وموهبة العجب.. يؤرخ للفشل من عهد وارغو وحتى النعسان يتابع بيتر الدوري الأوربي ويعشق الريال. كثيراً ما تنبأ للوضع الراهن لحكومة الجنوب .. قبل الانفصال لم يذهب للاستفتاء وكان دايماً ما يرمي الساسة الكبار والنخب بالفساد الإداري والأخلاقي.. يتحدث بيتر باسم المهمشين لم يسلم من لسانه الساخر حتى الراحل (جون قرن) ..يكره الانتباهه وصاحبها .. يتحدث الإنجليزيه بطلاقه وله ذكريات عن المدن والمدارس يستحضرها من وقت إلى آخر .. واو الثانوية واطلع بره .. يمتدح الراحل أرك طون الذي يحسبه مثقفاً ودوداً .. بيتر ياسادة مخلص في عمله صادق لدرجه أي حديث معه بمسابة ( عقد غير مكتوب). كان بيتر يزورني كل يوم جمعه في بيتي.. فقير في مايملك ولكنه غني في مشاعره.. أشعر نحوه بمودة يتحدث إلي كصديق لا رب عمل .. مؤدب ويعرف (الأوتكيت).. قبل رمضان بأسبوع ذهب بيتر إلى معسكر النازحين وكان دائماً يذهب إلى هناك.. له هنالك صديق واحد اسمه سايمون ..طوال العشرة سنوات لم أهاتف بيتر ..صدقوني لم يكن يملك هاتفاً طول هذه السنين .. حينما احتاجه أجده أمامي.. وحينما يحتاجني يهاتفني من هاتف ما.. في إيجاز وأدب يخبرني بما يريد. في رمضان الماضي هاتفني بيتر.. أخبرته أنى خارج البلد.. نقل لي ما ساءني.. إنه مريض يتألم ويريد مساعدتي أخبرته بمكان كان يعلمه في قواه..بنك (الجروره) و (السلفيات) كما كان يحب ان يسميه.. في نهايه الشهر الماضي اتصل علي مرة (أخيرة) لم أعرفه من صوته لأول مرة.. وصلت إليه في مكان معلوم بيننا وجدته قد أخذ منه المرض ولم يبق من جسده الفارع غير (الملامح ) .. أمرني بما يريد ثم طلب مني ألا اتبعه وهو ذاهب إلى سايمون .. اختار الوداع هكذا على طريقته ..تركني على هذه (العشره) ولم أتركه لحظة من الدعاء . قبل أسبوع بحثت عنه في كل الأماكن التي كان يرتادها سألت منه معارفه ولم أجد لبيتر أثراً.. كنت أمني نفسي لعلي أجده داخل أحد أندية المشاهدة خاصة أن ذاك يوم ( السوبر) الأوربي وريال مدريد يقسم الليله نصفين.. أو ربما انشغل بدورة أولمبياد ريو دي جانيرو ..أو في (سهرة ) خرسانة وهو يجيد العمل ( الخرساني المسلح).. فشلت مجهوداتي في العثور على صديق وفي. كررت جولاتي البارحة ..أخيراً وجدت سايمون ..استقبلني بدمعة (طايشة) والعبرة تحول بينه والحديث لحظتها أيقنت أن الموت قد خطف بيتر.. دقائق معدودة نعى سايمون رفيق دربه بكلمات لن تمحوها الأيام حتى وصل آخر ما قاله الراحل في حقي .. قلت لسايمون كان دائماً وفياً يعطينا أكثر مما نستحق. رحل بيتر ولم يترك لنا عنواناً في هذا الدنيا غير هذه الذكرى والعشرة النبيلة .. رحل بيتر بعد أن رحلت الإنسانية.. رحل ولم يكترث لهذا الغياب غير نفر قليل.. ولم ينتبه لهذا الفقد غير (زولين ) أنا وسايمون.. يموت بيتر و( بيترات) كتاااار في كل يوم يذهبون من بيننا ونحن لا (نشعر) ...لم أجد في كل معاني الحزن أبلغ مما كتبه ( حميد) نشيد جمهورية المهمشين ... جاري في الأرزاق يحاوش رب وقع بيناتا دايش هو مات بين المعايش مات وما طقالوا صايح لاخبيرو طقشلو رادي هو مانعتو الأنادي مات وقت ماتت مثلنا واقفه لحيله وتنادي مات إنسان وسطنا يوم صبح عالمنا مادي < محمد البشير السادات.. شركة برجمان الهندسية
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة