11:10 PM March, 11 2016 سودانيز اون لاين
بشير عبدالقادر-
مكتبتى
رابط مختصر
لعل الجملة التي أطلقها رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم في مركز "الشهيد" الزبير، خلال اجتماع مجلس الشورى القومي لحزب المؤتمر الوطني في 03/03/2016 تعبر بشفافية عن الوضع السياسي في سودان اليوم!!! فقد نسبت الصحف الى البشير قوله "باستعداده لمنح العفو ووضع ترتيبات أمنية وفرص للمشاركة في السلطة" !!!"
إذن أمام مجلس شورى قومي لحزب "إسلامي" يعلن البشير تسلطه واستبداده مذكراً الجميع بأنه الحاكم الأوحد، فليس بيده فقط أن يمنح العفو أو يمنع الاخرين من المشاركة في السلطة، بل هو يحرم ويجرد حتى مجلس شورى حزبه والحكومة من مشاركته في ذلك الحق "مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَاد" !!!
سبق لرئيس المؤتمر الوطني البشير أن أعلن للملاء عن استبداده في 14/12/2015 قائلا "...حتى الصحافيين حقننا انقلبوا ضدنا ..سأتولى ملف الإعلام بنفسي "، أي إنه صاحب القرار الأوحد.
ولعله ليس من قبيل الصدف أن ينبه القيادي بحزب المؤتمر الوطني قطبي المهدي ، في شيء من "الدغمسة" لاستبداد البشير و تفرده بالقرار والسلطة بل تسلطه بقولــــــه في يوم 01/03/2016 " الآن الشخص الذي لديه إحساس كامل بالمسؤولية وبالتالي يمارس عملية التفكير هذه هو السيد الرئيس، وطبيعي أن يكون هو المفكر الأول "، رغم أن قطبي المهدي هو ممن رعوا تلك النزعة الإستبدادبة لتصفية حسابات مع أخرين!!! فقال في شهر مارس 2013م " عدم ترشيح البشير يؤثر سلباً على الحزب "!!!
هذه الحالة هي أشبه بدولة الرجل الواحد على وزن مسرح الرجل الواحد، ولكن لما كانت الدولة العصرية هي دولة مؤسسات قائمة على علوم إدارية وتخصصات مختلفة، فلا يمكن لاي رجل مهما أوتي من المعرفة و العلم أن يديرها لوحده، ناهيك عن أن يكون إنسان لا يملك لا المؤهلات ولا الخبرة السياسية ويعتقد أن مسؤولية الحكم تتم من خلال إبراز العضلات "الدائرنا يلاقينا بره" ، "نحن جبناها بالسلاح والدائرها يأخذها مننا بالسلاح" ، وقال في شهر يونيو 2013م " البرفع عينو على السودان بنقدها ليهو، والبرفع أصبعوا أو لسانوا حنقطعو ليهو.".،ومما قال في شهر فبراير 2016م "لا زيادة الغاز ولا البنزين بتشيلنا من الحكم.." !!!
في هذه الأيام العصيبة على الحقل السياسي في السودان تناثرت وتضاربت المقالات والكلمات والتصريحات بعد وفاة الشيخ الترابي"رحمه الله"، وتجدنا من باب الإشفاق على الشعب السوداني وعلى الوطن نحاول أن نستشرف إمكانية إتاحة مساحة لبزوغ الفجر و اختفاء غول الاستبداد الذي يتمدد في البلاد وسيفضي بها الى الكارثة لا قدر الله إذا استمر الأمر كما هو عليه الأن !!!
من بين المقالات التي برزت هذه الأيام، نسب الى الاستاذ علي عثمان محمد طه النائب الاول لرئيس الجمهورية الاسبق مقال بعنوان" حسن الترابي إمام بلا جماعة" و مما جاء فيه "...الترابي يعد من أعظم علماء ومفكري هذا العصر ...والدكتور الترابي بلا شك يعد إستاذاً ومرشداً ومرجعاً لكل الحركات الاسلامية المعاصرة ... ولكن لعل سؤ التلاميذ في مدرسة الدكتور الترابي كان له عظيم الأثر في تشويه التجربة....فرغم القدرات الفذة والعبقرية للترابي فقد لازمه بؤس شديد في تلاميذه فكان كالامام بلا جماعة" !!!
إذن في إسلوب جاف وغير سلس ينتقد الإستاذ علي عثمان رفاقه الاسلاميين ويصفهم بالسيئين!!!
كذلك جاء في مقال منسوب للاستاذ محمد بن المختار الشنقيطي أستاذ الاخلاق السياسية بمركز التشريع الإسلامي والاخلاق بقطر نقلا عن كتاب المحبوب عبدالسلام " دائرة الضوء وخيوط الظلام. تأملات في العشرية الأولى لعهد الإنقاذ" . قوله "...ما يحدث هو مسرحية من تأليف شيطان هازيء ساخر...وذات الذين نشأوا تحت اعيننا سنوات بعثوا لإعتقالنا، لحظتنا هي لحظة الحيرة العظمى...هذه الحكومة لم تكن يوما حكومتنا، لسنا أول حزب عقائدي إنشق على نفسه ، ولكننا ظننا أن عساكرنا خير من أولئك، وأن لهم براءة في الزبر..نحن الذين صنعنا قدرنا ومزقنا نسجنا، ولم تهبط علينا شياطين من السماء ، ولكنها شياطين من صنع أنفسنا" !!!.
يفهم من ذلك، إن أخر ما وصل اليه الرجل الأقرب للمرحوم الدكتور الترابي إن من أتوا بهم وصنعوهم من الإسلاميين أصبحوا شياطين!!!
أما من يظن به خيراً كوارث لميدان التفكير في الحقل الإسلامي أي دكتور غازي صلاح الدين، نجده في مقال له بعنوان" حياة بمذاق خاص "يقول " ظل-الترابي- قريبا من الشباب ملتزماً نحو إعدادهم وتربيتهم وتأهيلهم على يديه حتى الممات، وكثيرون من هؤلاء تأثروا به تأثراً عميقا بل ان بعضهم حاول تقليد إسلوبه بدرجات متفاؤتة من النجاح، بعضهم صار مفكراً بغير قتال، وبعضهم صار مقاتلاً بغير تفكير، بعضهم صار داعية بغير سياسة وبعضهم صار سياسياً بغير دعوة..."!!!
خلاصة مقال المفكر الجديد هي عدم أهلية الإسلاميين في كل الميادين!!! بينما يركز القيادي الإسلامي أسامة توفيق من حزب الاصلاح على التسلط عند الاسلاميين فيقول "...وفق العقلية الحاكمة حاليا التي لا ترى مكانا لغيرها في السلطة أو الحكم أو الأدارة"!!!
إذن الجميع أصبح يخاف من المستبد ومن الإستبداد والتسلط خاصة عندما لا يعرف من هو الذي يمارس ذلك الاستبداد الذي يصل حد القتل كما في مظاهرات سبتمبر2013م . ولم يتم معرفة الجهة التي قامت بإطلاق النار وقتل الشباب المتظاهرين في وضح النهار!!! وتلك هي بداية إنهيار الدولة وممارسة الفوضى!!!
المستبد دائما ما يحيط نفسه بالمنافقين والانتهازيين الذين يزينون له إستبداده ويشغلونه عن رؤية الحقيقة!!! وعندها يسرح ويمرح بدوره كل ذو سلطة أو مستبد صغير أسوة بالمستبد "الكبير" الذي ينافسهم كل يوم في القيام بالمزيد من الإستبداد !!! ومن ذلك قول العميد حميدتي"زي ما قلت ليكم البلد دي بلفها عندنا نحن أسياد الربط والحل مافي ود مرة بفك لسانو فوقنا مش قاعدين في الضل ونحن فازعين الحراية، نقول اقبضوا الصادق يقبضوا الصادق فكوا الصادق افكوا الصادق زول ما بكاتل ما عنده رأي، أي واحد يعمل مجمجه ياهدي النقعه والذخيرة توري وشها نحن الحكومه ويوم الحكومه تسوى ليها جيش بعد داك تكلمنا أرموا قدام بس"!!! وأيضا إعتداء طلاب يتبعون لحزب المؤتمر الوطني بجامعة النيلين في 21/02/2016 على الإستاذ الدكتورحامد الدود مهدي وتهديده بالقتل قائلين له "الزيك نضبحوا ونرميه في الشارع" !!!.
ولعل أخر ما قاله الأمين العام للمؤتمر الشعبي د.الترابي "رحمه الله" في خطبة الجمعة 04/03/2016 ، أي في اليوم السابق لوفاته وبحضور البشير!!! يمكن أن يفهم بأنه وصية ضد الإستبداد، فنجده يقول "...إن العقود التي شرعها الإسلام هي التي تسيّر الحياة السوية، ... أن العقد أياً كان نوعه يتطلب المساواة بين المتعاقدين،... إذا علا أحد على الآخر تحول العقد إلى قهر وظلم". هو رسالة لحكام اليوم بأن استفرادهم بالرأي هو استبداد "إذا علا أحد على الأخر" و تحذرهم بأن ما يمارسونه هو عين القهر والظلم!!!
قال الامام عبدالرحمن الكواكبي "... كل يذهب مذهبا في سبب الانحطاط وفي ما هو الدواء. وحيث إني قد تمحص عندي أن أصل هذا الداء هو الاستبداد السياسي ودواؤه دفعه بالشورى الدستورية. وقد استقرّ فكري على ذلك .... بعد بحث ثلاثين عاما... وإني إراحة لفكر المطالعين أعدد لهم المباحث التي طالما أتعبت نفسي في تحليلها وخاطرت حتى بحياتي في درسها وتدقيقها، وبذلك يعلمون أني ما وافقت على الرأي القائل بأن أصل الداء هو الاستبداد السياسي".
بعد أن أثبتنا بأن البشير قد غرر به وتمت عملية صهره في قالب الإستبداد، وهو لا يجد اليوم مخرج سوى إنتاج مزيد من الإستبداد القولي والظاهري ليزايد على أؤليك الأفراد المستبدون الذين يديرون ويحكمون السودان حقيقةً بواسطة أجهزة أمنية وإستخبارتية رسمية أو غير رسمية، ويرهبون الشعب أفراداً وجماعات!!!
نحن نذكر البشير بأن مسؤولية الحكم أمانة ثقيلة سيحاسبه الله عليها وعلى كل ما يقوم به صغار المستبدين والفاسدين في حكمه بعلمه أو غير علمه، حسابا عسيراً!!! نحن ندعوه أن يستغفر الله ويتوب اليه ويرد الأمر الى أهله بتشكيل حكومة من التكنوقراط والشخصيات الوطنية ويترك لهم القرار.
كذلك تجدنا رغم كل الفتن والقتل والحروب والدماء التي سألت والتشريد والمظالم وغيرها ، نرفض أراء الداعين الى القوة والسلاح والغلبة والمغالبة ضد الإستبداد القائلين" من أتي بقوة السلاح لايذهبه الحوار والكلمات" ، أو "من أتى على ظهر دبابة لا يمكن أن يذهب بالأوراق"!!!.
بل نحن نحلم بأن تكون مخرجات الحوار الحالي وما سيتبعه من الحوارات ليست هي مجرد مناورات لاقتسام السلطة والتمتع بمزاياها بين بعض الافراد والتنظيمات، نحن نحلم بأن تكون تلك المساعي وطنية خالصة، و خطوة نحو إقناع الجميع بإحترام الدستور و "الشورى الدستورية" . وكذلك جمع الكلمة والتوافق على نبذ العنف وإيقاف الحروب، وإطلاق الحريات وتصفية النوايا والقلوب وإيجاد صيغ مقبولة للتعافي والتصافي بين أبناء الوطن الواحد تحت شعار إن المحافظة على دم وروح وحرية المواطن السوداني هي أغلى من كل ما عداها.
[email protected]
أحدث المقالات
القبيلة والسياسة في السودان الشفيع خضر عرض وتعليق د. حامد فضل الله- برلينمقال للوفاء والذكري. عودة جامعة القاهرة فرع الخرطوم ... عودة الروح بقلم صلاح الباشاأغنية للوطن بقلم د.صيدلي/ جعفر محمد عمر حسب اللهيا شعبنا الفلسطيني الأبي .. ارفضوا الفضلات الإيرانية .. بقلم موفق السباعياكبر مقالب الخرطوم (إخلاء بالقوة الجبرية) !!! بقلم فيصل الدابي/المحاميعند حلاق قصة قصيرة من كتاب امدرمانيات امدرمان زمان وقصص قصيرة آخرييهدمون بيت أحمد رامي في القاهرة! بقلم أحمد الخميسي. كاتب مصريأحقاً رحل علاء صبحي ! بقلم ياسر عرمانيوم المرأة العالمى - تبت يدا اله الاسلام وتب بقلم جاك عطاللهالكراهية وثقافة الأختلاف (مأزق) الأسلامويين في منهاجهم التربوي مكانيزمات بقلم المثني ابراهيم بحر الموت في اليوم العاشر بقلم أحمد الملكتمرد ورحله المليون تبدأ بخطوة واحدة ... فانتفضواوداعاً العم محمد خير البدوي بقلم ياسر عرمانتقسيم فلوس... أم تقريب نفوس...؟!! بقلم توفيق الحاجماذا يمكننا الشراء من مواقع الإعلانات المبوبةالترابى فى ذمة الله بقلم نصر الدين حسين دفع اللهامتحان الترابي..! بقلم عبد الباقى الظافرطلاق وحسرة بقلم صلاح الدين عووضةهاشم بدر الدين لا يبكي بقلم أسحاق احمد فضل اللهبين الترابي والشانئين بقلم الطيب مصطفىالترابي بين التفكير والتدمير بقلم مجاهد عبدالله - أسترالياوصية الترابي بقلم شاكر عبدالرسولهزى بجذع ألنخل , مريم ألبتول مناسبة يوم ألمرأة ألعالمى شعر نعيم حافظالثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (99) بقلم د. مصطفىالسيادة المنقوصة : الطائرة الرئاسية – نموذجاً ! بقلم فيصل الباقر