مدخـــل:ــــ ( لفرط ما يعيش الناس في مجتمع مغلق،فقد غدوا هم أنفسهم مغلقين . ولفرط ما يعيشون في مجتمع دونما ثقافة، غدوا ألات او أشياء، انهم يتشيؤون في هذا المجتمع، او يغادرونه إذا اتيحت لهم فرصة العيش في بلدان أكثر ديموقراطية.) ــــ ادونيس ـــ تنطبق هذة المقولة، تماماً علي حالتنا السودانية الراهنة، فحالة الإنغلاق، وهي نتاج الأنظمة الكابتة للحريات، قد تجلت في أسطع صورها في ما يصدر من (فطارة) فكر و أراء و (سذاجة) تصريحات و(ركاكة) لغة، من أولئك المتصدرين للأنشطة السياسية والمجتمعية، في هذا الزمان الموسوم بالخفوت في كل مناحي الحياة . ففي صحيفة المجهر السياسي في عددها 1128الصادر بتاريخ 4نوفمبر 2015م وفي صفحتها الأولي جاء ما يلى: "كمال عمر" الشيوعون يسعون جاهدين لإستئصال الاسلام من الحياة.. (بالبونط العريض) ووصفهم بــ (أصحاب الفكر الرجعى) وهم سبب تأزيم وتدويل أزمة السودان, وتقسيم الحركات المسلحة وقوى الإجماع الوطنى وقال "انا بحذرهم نحن الإسلاميين لحمنا مر .. وليس من مصلحتهم استفزازنا.. وعندنا معاهم تجربة طويلة ممكن نرجع ليها تانى.." واضاف "الحزب الشيوعي سبب تأزيم الوضع السياسي بالبلاد.. والإنقسام الذى حدث بقوى الإجماع الوطني.." و لم يكن للحزب الشيوعي عضوية تساعده على الترشيح للانتخابات الماضية ويريد أن يحكم البلاد عبر (نيفاشا) والمجتمع الدولي وليس لديه اى مشكلة في أن ينهار الوطن, لذلك يزايد على موقف الشعبي.. وأضاف أن الشيوعيون يسعون جاهدين لإستئصال الإسلام من الحياة .... انتهي . نبدآ من حيث بدأ وانتهي العالم العلامة حبر الشعبي وربما ريئس وزراء الحكومة (الخالفة): (الشيوعيون يسعون جاهدين لإستئصال الإسلام من الحياة) الاسلام ـــ يا أيها الاسلاموي ـــ أحد المكونات الثقافية للشعب السوداني ومُشكِّل وجداني اساسي للإنسان السوداني ــ مع مجموعة من الأعراف السابقة له والمتهاجنة معه. فكيف يستطيع حزب صغير لا يمتلك حتي كوادر للإنتخابات ــ حسب زعمكم ــ من إستئصال (الاسلام) من الحياة كلها هكذا، وكأن الأسلام ــ الذي تدعي معرفته ــ زائدة دودية بين يدي (جراح) !! لا اريد الخوض في الرد علي مثل هذه الترهات و (دعاية ستينات القرن الماضي) فقط استعرض مقتطفات من برامج الحزب الشيوعي السوداني المجازة في المؤتمرين، الرابع والخامس (اصبح الزاما على حزبنا إن ينمى خطه الدعائى حول قضية الدين الاسلامى وعلاقته بحركة التقدم الاجتماعي ولا تقتصر أهمية هذا الخط العميق على الردود على ما يثار من قبل أجهزة الدعاية الرجعية بل يتعدى ذلك لجعل الدين الاسلامى عاملا يخدم المصالح الاساسية لجماهير الشعب لا أداة في يد المستغلين والقوى الرجعية التي لاترتبط بثرى هذا الوطن) . الشهيد/ عبد الخالق محجوب (الماركسية وقضايا الثورة السودانية) تقرير اللجنة المركزية للمؤتمر الرابع 1967: و في برنامج الحزب المجاز في الموتمر الخامس بند(6):ــ يطرح الحزب أمامه مهمة قيام منبر واسع لتوحيد قوى الاستنارة في النضال من اجل الدولة المدنية ومواجهة الهوس والتطرف الديني ، استناداً على الخلاصات التى راكمتها خبرات شعبنا حول المخاطر الناجمة عن الدولة الدينية وإقحام قدسيه الدين في السياسة . هذا هو رأي الحزب الواضح والمعلن، اما رأيي الشخصي ـــ كمواطن سوداني ان الحركة الإسلامية هي التي تسعي جاهدة، بوعي او بلا وعي، في (تكريه) الشعب السوداني للإسلام ــ وليس إستئصاله لانها لن تستطيع ذلك كما أسلفت ــ وذلك من خلال ممارسات (شيوخها) و (كوادرها) منذ سبتمبر1983م وحتي كتابة هذه السطور !! اما وصف الشيوعيين ب(أصحاب الفكر الرجعى)، فأنت محق في ذلك بإعتبار ان (التقدمية) ــ حسب تصوركم ــ هي : (المنجهة) و(الإستهبال) و (الفهلوة) و (الجلاليب الرهاف) و(الذمم الخفاف) وبما ان كل مظاهر (التقدم) ــ سالفة الذكر ــ لا تخطر علي بال الشيوعيين اذن، هم اصحاب فكر رجعي !! اما قولك : "الحزب الشيوعي سبب تأزيم الوضع السياسي بالبلاد.. والإنقسام الذى حدث بقوى الإجماع الوطني. كل الشعب السوداني يعلم موقف الحزب من الحوار حيث وضع شروط محددة لتهيئة مناخ الحوار، ولم يحدث انقسام في قوي الإجماع الوطني ، نتاج طرح شروط الحوار بل ان هناك قوي توصلت لما توصل اليه الحزب، بعد أقل من شهر من إعلان الوثبة، الا الذين لهم أجندة خاصة بهم وهم أحرار في قراراتهم . والحقيقة التي يهرب منها سيد/كمال هي ان قوي الإجماع الوطني أصبحت اكثر قوةً وتوحداً بعد ذهاب (الشعبي) لتؤمه، و وجوده داخل منظومة قوي الاجماع كان حجر عثرة لكثير من القوي الوطنية والشبابية . اما "الحزب الشيوعي سبب تأزيم الوضع السياسي بالبلاد.. دي انا الماقادر افهما ؟؟ و يقول : الحزب الشيوعي ليس لديه اى مشكلة في أن ينهار الوطن, لذلك يزايد على موقف الشعبي ! مفهوم الوطن لدينا ... ولدي الحركات الاسلامية: ـــ الوطن ــ كمفهوم إجتماعي ــ يعني الأنتماء لرقعة جغرافية محددة ــ بما فيها من موجودات وانسان، بماضيه وتراثه وحاضره ومستقبله، وما يقتضي ذلك الأنتماء من حقوق وواجبات وما يتبع ذلك من مشاعر وأحاسيس وجدانية، قد تصل لدرجة المشاعر الأسرية او (الأمومية) ــ من الأم ــ وكلما تعمق وتعملق هذا الإحساس بالإنتماء في فرد ما، او جماعة من أفراد المجتمع، نسبت اليه/اليهم او وصف/وصفوا بصفة (الوطنية) كصفة إيجابية تقريظية . والعكس كلما كان إهتمام الفرد او الجماعة بذاته/ذواتهم ــ فوق إهتماماتهم بالوطن وصف/وصفوا بــ (اللاوطنية). هذا التعريف ــ كما أسلفنا ــ خاص بالمجتمعات العصرية أو المتمدنة/ المتحضرة اما مفهوم الوطن/الوطنية في المجتمعات الرعوية والزراعية التقليدية، فلا زال ملتبساً وخاضع لكثير من المغالطات والتخريجات الفلسفية والعقائدية، ففي كل الأدبيات الخاصة بمدارس الإسلام السياسي لا نجد كلمة (الوطن) بذات الفهم سالف الذكر . ففي الأدبيات الأسلامية نجد مفردة (ديار) و(بلاد) منسوبة للــ (مسلمين) ودار(سلام) أو (دار حرب)، وهي بهذا الفهم تعني الأنتماء لـ (عقيدة/ معتقد) دون الأشارة لرقعة جغرافية محددة او ارض او انسان . وذات الفهم عبَّرتم عنه ــ في اكثر من موقع ــ بعد (انكباب) وتهافت الشعبي في الحوار حيث قل : ان الاسلام اصبح محاصراً ولابد من الوقوف ومساندة الوضع الاسلامي (الفضل) في السودان، وان السودان اصبح (المعقل) الوحيد للحركات الإسلامية، بعد مصر وتونس، بمعني ان انخراطكم في (الحوار) جاء نتاج موازرة وتعضيد للاسلام السياسي ووفق إملاءات التنظيم العالمي للاخوان ، وان الوطن والإنسان السوداني لم يكن ابداً في أجندتكم علي الاطلاق . هذا هو أخر مواقف (الشعبي) حيال القضية الوطنية، ولا نريد التغلغل بعيداً في مواقف وممارسات الحركة الإسلامية حيال (تشظي) الوطن ! فمن هم الذين لا يهمهم ان ينهار الوطن ؟ أأنتم، ام (رفاق) الشهيد/ عبدالخالق الشمس الحية، ذلك الذي يداعب السياف ويزدهي، ويعتلي منصة الخلود وهو يهتف بحياة الشعب والوطن ! بل يُصِرّ وهو ذاهب الي المشنقة ان يظهر بمظهر (وطني) لائق . من هم الذين لا يهمهم ان ينهار الوطن ؟؟ من ذبحوا الثور الاسود (كرامة)، بعد انفصال الجنوب ؟ ام (زملاء) الراحل العظيم/ نقد : الذي قال في أخر ندوة له بالحصاحيصا (أتمني الا اعيش حتي اري السودان مقسماً) وقد كان ..... لم يعش حتي يري .... !!! وقال المحامي/ كمال عمر:ــ "انا بحذرهم نحن الإسلاميين لحمنا مر .. وليس من مصلحتهم استفزازنا.. وعندنا معاهم تجربة طويلة ممكن نرجع ليها تانى.." لقد أدبنا وربّانا شعبنا وحزبنا وأحسن تربيتنا، ولذي لا يمكن الخوض في تلك المستنقعات الأسنة، من سفه القول و ضحالة المفردات، ولكن، نحاول الرد عليك، بأدب ــ رغم انه صعب ــ اولاً : لحمكم مر دي ماعرفنها، لاننا لم نتذوقه ولاننا لسنا من أكلة لحوم البشر لا حقيقة ولا مجازاً، ولكننا نعلم جميعاً ان جلدكم تخين !! اما عن (الإستفزاز) فإن كنت تري تبصير الشعب السوداني، او تذكيره بسياسات الرأسمالية الطفيلية ومألات البلاد، تحت (هجير) نظام حكمكم ، فهذا دونه أرواحنا، ولو أنا علي حجر ذبحنا لن نقول لكم: سمعاً وطاعة يا(مولانا). ان الإستفزاز الصارخ لكل الشعب السوداني هو (أنتم) بكلياتكم، مأكلكم، وملبسكم، ومسكنكم،وحتي نظرتكم ومساهماتكم (الفكرية) في قضايانا الوطنية والحياتية والمعيشية، فهل هناك إستفزاز يضاهي تصريح الزعيم/حسن الترابي و وصاياه الناجزة حول الضائقة المعيشية : ـــ عليكم بالإستغفار !! مما حدا بأحد البسطاء من المصطلين بالضايقة، بالرد عليه بذلك الرد الواعي/ الساخر : ــ ستثمار برااااكم .... إستغفار تجونا !!! والجزء الاخير : وعندنا معاهم تجربة طويلة ممكن نرجع ليها تانى.." لاحظ اسلوب التهديد (الفاتي) ! نعلم تماماً ان لكم معنا ومع كل الشعب السوداني (تجربة) طويلة ــ اطول من الأفكار وبدن النيل ــ ومريرة جداً أمر من (الحميض)، أما انكم ممكن ترجعوا ليها تاني؟؟ هذا أقصي أقاصي الوهم ؟؟ عموماً لاتعقد او تتوهم ان (تجربتكم) ماضي يمكن الرجوع له ولكنها مستمرة، مع اختلافات طفيفة في (مكياج) الممثلين وتغيير بعض (الكومبارس). ما يجب أن تعيه جيداً ان ما بينكم وبين جماهير الشعب السوداني، هو غبن مكبوت، وجراح غائرة، وثأر مؤجل ! عموماً إن عدتم اورجعتم، سوف تجدوننا، وان لم تجدونا سوف تجدون (جِنياتنا) اوبعض من (جيناتنا) ........
عثمان عبد الله الحصاحيصا 6/نوفمبر2015م
من قصص المطالعة الأولية: ــ يحكي أن هناك أسداً تسلل ليلاً من الغابة، الي إحدي القري وعند مشارف القرية سمع صياح ديك فهرب، فرأه الحمار جارياً فظن ــ من بلادته ـــ ان الأسد خاف منه، فجري خلفه، التفت الأسد فوجد الحمار/ الضحية/ الغنيمة، فحدث المحتوم، وهلك الحمار جراء بلادته ــ او تقديراته الخاطئة ــ مهما أسئت الظن بهم تجد أنهم فوقون سو الظن العريض
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة