*عبودي كان أصغر (شلتنا) ونحن صغار.. *كان أصغرنا عمراً وحجماً وعقلاً ، وشأناً.. *وفضلاً عن صغره هذا كان مسكيناً (الغنماية تاكل عشاه).. *ورغم مسكنته هذه كانت عنده (حاجات عجيبة).. *فما أن يمشي إلى النيل- دونما سبب- حتى تقع مصيبة في أهله.. *هو لم يكن يسبح بعد (حتلة) نجا منها بأعجوبة.. *كان يجلس فقط على الشاطئ يبحلق ببلاهة في الموج والطيور والمراكب.. *وعند رجوعه عصراً يُفاجأ بوفاة قريب له مثلاً.. *أو حريق محدود في البيت جراء لعب أشقائه بالنار.. *أو أخذ فرد من الأسرة إلى الشفخانة بسبب لدغة عقرب.. *ومع أن هذه محض مصادفات قدرية إلا أن أهله تشاءموا من مشوار النهر.. *تشاءموا منه بعد ملاحظة بعضهم هذا التزامن.. *كانوا يصيحون فيه كلما انتوى الخروج عصراً (أوعك تمشي البحر).. *واستغل هو التشاؤم هذا استغلالاً طفولياً خبيثاً.. *فلا أحد يُغضبه، أو يحقره، أو يحول دون تحقيق رغباته.. *ومن أهم رغباته هذه شراء (الطحينية) التي يحبها.. *فإن حدث ذلك صاح مهدداً (والله أمشي البحر).. *وكاتب هذه السطور لم يسبق له أن (مشى مصر) إلا ووقع أمر جلل في السودان.. *وغالب الأحداث هذه جرت في عهد الإنقاذ الآن.. *فما أن وصل القاهرة حتى حدثت محاولة اغتيال حسني مبارك.. *وما أن مشى مصر حتى تمت ضربة مصنع الشفاء.. *وما أن استقر في مصر حتى تحطمت طائرة ببعض رموز الإنقاذ.. *وما أن هبط من مطار القاهرة حتى صدر قرار من المحكمة الجنائية.. *وما أن توجَّه لمصر حتى حدثت غزوة خليل.. *وأخيراً- وربما ليس آخراً- ما أن ذهب لمصر حتى توفي الترابي.. *ولكن الأهم من ذلكم انقلاب الإنقاذ نفسه.. *فحين وقع- في مثل يومنا هذا- كان هو بمصر.. *كان في الإسكندرية وجاره زميل الصحافة مُحيي الدين تيتاوي.. *وبرفقته زميل الدراسات العليا النجومي بشرى.. *وكلاهما ينتميان إلى الحركة الإسلامية.. *ثم كلاهما كانا يعرفان أنه انقلاب الجبهة القومية الإسلامية.. *فتيتاوي أتانا الصبح مستبشراً.. *والنجومي قال لنا وهو يضحك: (ديل جماعتنا).. *وسفراء دول العالم بالخرطوم- عدا الشربيني- كانوا يعرفون.. *فهو الوحيد الذي خُدع بمسرحية (القصر والسجن).. *وخدع رئيسه حسني، ليخدع بدوره آخرين (شرقاً).. *والآن وقد كشف صاحب هذه الزاوية (سره) فهو يريد استغلاله.. *يريد تحقيق رغبته في توافق وطني عاجل.. *وديمقراطية حقيقية غير ذات (دغمسة) ولا (مجمجة).. *وإلا صاح (والله أمشي مصر !!!).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة