رغم استشراء الفساد في مصر من القمة الى القاعدة ورغم البيروقراطية الشديدة إلا أن هناك عدال اجتماعية في مصر .. وخاصة في عهد حسني مبارك. لم تتمثل هذه العدالة في التموين الكامل الذي يقدم للفقراء مجانا ومجانية التعليم وغير ذلك ولكن من اهم المشاريع التي قدمت خدمات جليلة للفقراء هي مشروع الاسكان ، فقد انشأت الدولة مئات الآلاف من الوحدات السكنية التي تتضمن عشرات الشقق بالوحدة الواحدة وقدمتها بسعر رمزي قرابة مائة جنيه في الشهر ، تدفع لأعوام وتكون ملكية الشقة للفقير ويتم توارثها .. ، مئات الآلاف وقد تكون ملايين من الوحدات السكنية تم بناؤها في محافظات مصر المختلفة ، وحدات كثيرة في القاهرة وأكثر منها في الجيزة وستة اكتوبر ، تذهلك هذه الوحدات بكثرتها وقوتها ومتانتها ، وقدرتها على استيعاب ملايين من الأسر شديدة الفقر ، ففي مدينة ستة أكتوبر تكاد تكون أحياء كاملة مخصصة لذوي الدخل الفقير ، وتتميز الوحدة السكنية بالتكاملية ، فهناك دكاكين مخصصة لكافة انواع الانشطة من حلاقين وخبازين وبقالات وصيدليات ونجارين وسباكين وبائعي خضار وجزارين وخلافه ، أكثر سكانها من كانوا يعملون بوابين وأعمال هامشية ومهنيين فقراء ، ويستطيع مالك الشقة تأجيرها لمن يشاء بأسعار جيدة بالنسبة للفقير ، ولكل وحدة سكنية عمال للنظافة يتقاضون أجرا رمزيا لنقل النفايات وكنس الشارع يصل هذا الأجر في أقصاه الى ثلاثة جنيهات لكل شقة في الشهر ، وهو مبلغ بسيط ، واستطاعت هذه الطبقة شديدة الكدح من تبادل خبراتها البسيطة في عمليات البيع والشراء وتبادل احتياجاتها عبر تجارة صغيرة تقوم بها كل أسرة ، رغم ظروف مصر الاقتصادية السيئة إلا أنها أفضل من كثير من الدول فيما يتعلق بالخدمات المقدمة للطبقة الكادحة ، خاصة مع التعداد الكبير للسكان فيها ... حسني مبارك رغم مساوئه الكثيرة إلا أنه قدم للشعب المصري استقرارا سياسيا واقتصاديا خاصة منذ توليه وحتى نهاية التسعينات حيث بدأ المشكل الاقتصادي في بداية الألفية الثانية ..استطاع حسني مبارك ان يدير سياسات خارجية متميزة مع امريكا واوروبا واسرائيل ودول الخليج ، وكانت لديه القدرة على مد ذراعه إلى كافة الدول للحصول على تحالفات في القضايا الإقليمية على وجه الخصوص والقضايا الداخلية ، لم تتجرأ الكثير من الدول على استعداء مصر أو تهديد مصالحها إلا بعد تنحى حسني مبارك وضربت مصر موجة الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتخبط الدولة في قراراتها وتغيير الحكومات بعشرات من رؤساء الوزراء دون جدوى ... حسني مبارك كان صمام أمان فلم تكن أثيوبيا مثلا في عهده قادرة على بناء سد النهضة وكانت تؤجله بسبب التحالفات التي أجراها حسني مبارك مع اسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى كالصين لديها تبادل تجاري عال في أفريقيا مع مصر .. الآن هناك أخبار عن تقليص دور الدولة في دعم الفقراء وهذه بداية قد تكون مبشرة لنا كليبراليين لكن أظنها يجب ألا تكون نقلة سريعة وغير مدروسة لأن الطبقة الكادحة لا يمكن مفاجأتها بقرارات اعتزال الحكومة عن لعب دورها في دعمها دون أن تترتب على ذلك آثار اجتماعية بالغة السوء ، الانتقال إلى اقتصاد السوق ودور الدولة الحارسة يجب ان يتم على نار هادئة في دولة كمصر حتى لا يحدث انفجار.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة