حينما يحدق أوباما في الأفق البعيد راسماً صورة لوالده حسين أوباما..يصف الابن والده بأنه كان شخصاً وافر الذكاء من قرية نائية في كينيا وصل لجامعة هارفارد..لم تكن الصورة ناصعة البياض وفق لمارك أوباما الأخ غير الشقيق للسيد الرئيس..مارك يصف والده بأنه كان سكيراً وعنيفا مع زوجاته..لكن باراك أوباما يقول إنه لا يجهل الماضي، لكنه لا يريد أن يكون أسيراً لذاك التاريخ..لأن أوباما تصالح مع ذاته تمكن من النجاح ..وصل للبيت الأبيض مرة واُخرى..في ثماني سنوات صنع أكثر من ثلاثة عشر مليون وظيفة جديدة..تمكن من إنهاء حروب أمريكا في العراق وأفغانستان ..صنع سلاماً صعباً مع أيران وكوبا..عبر المعجزة الاقتصادية بات واحدًا من أفضل الرؤساء في أمريكا. قبل أيام نشرت قوات الشرطة إعلاناً عن حاجتها لضباط جامعيين ..لفت نظري أن من بين الشروط ما يتعارض مع دستور السودان ويتصادم مع الوجدان السليم..واحدة من الشروط أن يكون المتقدم سودانياً ومن أبوين سودانيين بالميلاد..وإلا يكون حاصلاً على جنسية دولة أخرى..لكن في ذات اليوم كان البرلمان يجيز قانوناً يبيح للمؤسسات العامة ان تستوعب غير السودانيين بين صفوفها..الحقيقة ليست الشرطة وحدها التي تقع في هذا التضارب ..غيرها من القوات النظامية تسير في ذاك الطريق.. عادة مثل هذه الشروط لا تكتب بل يمكن أن تمارس خلال المعاينات ان كان لها ما يبررها. وجه الإحراج أن الدستور والقانون يبيح لأي سوداني تولي الوظيفة العامة.. لم يضع الدستور شرطاً أن يكون رئيس الجمهورية سودانياً أصيلاً..كل ما طلبه الدستور أن يكون سودانياً بالميلاد ..بل إن أحد مساعدي رئيس الجمهورية يحوز على جنسية دولة أخرى ..هل هذا يعني أن وظيفة ملازم شرطة تتطلب مؤهلات لا يجب توفرها في رئيس الجمهورية..أم إن الذين يضعون الشروط المؤهلة ليست لهم سعة الأفق أو ثقافة احترام الدستور الذي جعل المواطنين سواسية في الحقوق والواجبات..الدفاع عن الوطن واجبا لا يحرم منه أي سوداني . في تقديري..أن هنالك روح استعلائية تسود في السودان ..هذه الروح تصور أن الآخر مشكوك في ولائه..هذا الآخر قد يكون فقط من قبيلة تعيش في الهامش ..أو من أسرة تعود جذورها البعيدة الى بلد آخر..لكن أن يصل أمر مخالفة الدستور حتى في شروط الالتحاق بقوات الشرطة التي تشكل واحدة من المؤسسات المنوط بها حماية الدستور، تكون الواقعة أبشع..الاتجاه السالب في هذا التمييز السالب أن يحرم الوطن من جهود فئات كثيرة بحجة عدم الأصالة. لكن مثل هذه التجاوزات تطرح سؤالاً عن غياب المؤسسات التي تحمي الدستور من هذه الانتهاكات..ليست هنالك منظمة مجتمع مدني واحدة متخصصة في الشأن.. مثلاً حينما تم دمج فاتورة المياه مع الكهرباء كان في الأمر مخالفة دستورية..رغم ذلك وجد المواطن نفسه وحيداً أمام عنت الدولة..عريضة واحدة أمام المحكمة الدستورية يمكن أن تبطل أي تجاوز. بصراحة..أطلب من كل واحد منكم أن يتخيل مصير الرئيس باراك أوباما لو أن والده حسين توجه للسودان لإكمال دراساته فوق الجامعية..كل الإجابات ستوضح لكم لماذا نتربع نحن في ذيلية العالم الثالث..نحن لا نحسن تقدير الإنسان لكونه إنساناً..دائماً نركز على خلفيات بعيدة في عملية التقييم. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة