إن كنا اكاذيب فنحن أكاذيب من صنع أنفسنا. . الطيب صالح السلطه المطلقه مفسده مطلقه . . ابن رشد السطله مفسده والسلطه المطلقه مفسده مطلقه . . لورد أكتون علي عجل قضينا سائر اليوم الذي تلي قرارات الرئاسه بإعلان حالة الطورائ وحل المجلس الوطني لاستيفاء الأجل في إخلاء المنزل المستأجر بحي الزمالك في مدني والذي كان يمثل الدار التي كانت تضم أمانة العمل التنظيمي في الجامعه من كل الموجودات القيمه من وثائق وتقارير وأوراق أخرى مهمه ، ونحن في زهول تام ضمنا ليل الترقب والانتظار ما بين مصدق ومكذب للأخبار التي حملتها لنا التقارير من الخرطوم . . . أصدر رئيس الجمهوريه قرارا وأعقبه بترتيبات شكلت القطيعه والإنقلاب التام علي الحركه الاسلاميه وأمانتها وعهدها . . ( إن الشريحه القياديه الذين ولتهم الحركة المناصب الأعلي في الدولة والحكم ، قد خانوا أمانة التكليف وغدروا بعهد الحركة الإسلاميه وعطلوا الدستور ) كانت تلك ديباجة البيان اللاحق الذي صدر من الغرف الملحقه ببيت الشيخ الترابي في المنشيه والذي شكل رد الفعل الأول علي قرارات الرئيس ( الحاضرين لحظتها زكروا أن يد الترابي الذي طالما صاغت البيانات والديباجات توقفت عن هذه فلم تكمل الكتابه ) . . كان ذلك القرار هو قمة جبل جليد الخلافات التي التي بدأت منذ زمن بعيد قبل الرابع من رمضان ، منذ الوقت الذي رفض فيه المتدثر بالزي العسكري خلع بزته تحديا لقرار الحركه وخطتها ومتزرعا بشتي السبل ليحافظ علي قيادته للمؤسسه العسكريه ، الذين تحلقوا حول الجنرال منذ البيان رقم واحد في عمر الإنقاذ ( صنيعة الحركة الاسلاميه ) عمقوا داخل الرجل الاحساس بالأهميه الزائفه ، وتوهم هو أن الذين حملوه الي القصر هم رفقاء السلاح وليس جهاز الحركة الخاص البارع ، وعندما كان يبصم بالموافقة علي خطة الحركه وأجالها لم يكن الرجل والذين من حوله يظنون أن فتنة السلطان ستكون اكبر من أي قيد قطعه الرجل علي نفسه حتي وإن وثقته الأوراق والشهود . . ثم كانت مزكرة العشره التي حيكت ما بين هيئة الاعمال الفكرية ومركز الدراسات الاستراتيجيه في ديسمبر 1998 بعد صيحة الترابي في الذين اجتمعوا به في منزل علي كرتي ( ما تدستدسوا في البيوت ، أمرقوا السهله ) ، المزكره التي وزعها علي الحضور المندهش حرس الجنرال الرئاسي بوجوه صارمه ، ارتفعت يد محمد حسن الامين بنقطة نظامه المشهوره ضد التعدي علي اجراءات الإجتماع ولكن بإشاراة حازمه من الرئيس الذي شهد الاجتماع ببزته العسكريه المرصعه بالانجم والنياشين انزوي محمد حسن الامين علي كرسيه صامتا يشارك الامين العام الترقب والانتظار . . بدأ الترتيب للمزكره إثنان وربما ثالث لم تزكره التقارير ( علي كرتي وسيد الخطيب ) إنضم اليهما بهاء الدين حنفي وصاحبه غازي صلاح الدين الذي تصادف وجوده في مركز الدراسات الاستراتيجيه ثم وقع عليها الجنرال بكري حسن صالح الذي رفض إدخالهم الي الرئيس إلا بعد الاطلاع علي فحوي المزكره ثم إنضم اليها الاخرون بتوصية من الرجل الذي ظل خلف الكواليس يدير كل شئ ولا يظهر أبدا ، انضم الي المزكرة الشيخ أحمد علي الامام ، القياديان إبراهيم أحمد عمر وعثمان خالد مضوي ، حامد تورين ونافع علي نافع . . جردت المزكرة الأمين العام التاريخي من معظم الصلاحيات وأحالتها لرئيس الجمهوريه رئيس المؤتمر الوطني ليصبح بعدها الترابي مجرد مقرر في إجتماعات لا يملك فيها أي نفوذ أو تأثير . . عاش الترابي والمجموعه التي حوله تراجيديا الازمة بكل فصولها وهم لا يكادون يمسكون بالاحداث المتلاحقه التي حملت تصديقا لخلاف استطال بين معسكري الرجلين كانت مادته الرئيسه هي الحريات العامه وتدوال السطله بين الناس ، مضي العشره وقد اجيزت مقترحاتهم يرددون صدي الكلمات التي قالها مارتن لوثر ( إني لأفضل أن أحتمل أميرا يرتكب الشر علي شعب يفعل الصواب ) ضاربين عرض الحائط بكل نظرية أو مثال اتفقوا عليه أو عهد قطعوهوا علي انفسهم أو تجاه الامانه العامه وأمينها التاريخي . . لكن الترابي المشهور بقدرته علي أمتصاص الاحداث والإستفاده منها قام هو ومجموعته وبعد عام واحد باخراج هؤلاء العشره إلا واحدا منهم من هيئه شوري المؤتمر الوطني بالانتخاب والتصويت ، قبل الرجل وتعايش مع ظروفه الجديده مدة عام كامل طاف فيها كل ولايات السودان مبشرا بالمؤتمر العام ثم عاد وأنتفض في أكتوبر من العام 1999 لينزل بهم جميعا العقاب علي رؤوس الأشهاد مجردا لهم من كل أمتياز يستأهلونه بالشوري العامه ، ثم انتقل بعد شهرين من ذلك ليحسم معركته مع الجهاز التنفيذي للدوله ورئيسها ، فبعد إجازه مشروعه للتوالي السياسي تحول للمجلس الوطني الذي كان يرأسه لإجازة التعديلات الدستوريه التي كانت ستسلب الرئيس حق تعيين ولاة الولايات . . لكن الجنرال الذي لم يعتد صبر الديمقراطيات وألاعيب الساسه وحيلهم الواسعه حسم ذلك كله بالطريقه التي يعرفها ويبرع فيها كقائد للجيش وبقرار جمهوري هد فيه المعبد علي رؤوس الكل ، علق البرلمان ثم حله بزريعة أنتهاء الأجل ، وأعلن حالة الطوارئ العامه في البلاد وطلب فيه من الجميع ان ينحازو إلي صفين لا ثاني لهما : إما خياره أو خيار المعارضين له وكل ذلك مصحوبا بالتهديد الجهير والواضح : فكما أن لكل خيار عواقب فإن عليهم كذلك أن يعلموا جيدا عواقب أي خيار يتخذون . أنتهي مشروع الحركة الذي قدمت لاجله الكثير من التضحيات ، وأنتهي حلمها الكبير إلي قرار من الجيش يجهض كل أمل للاصلاح فقد كانت لحظة فارقه في مسير طويل بدأته الحركه منذ السبعينات تقلبت فيه مواقعها من جماعة ضغط صغيره الي حزب يشارك في تكوين الحكومه إلي إنقلاب قادت فيه وحدها مقاليد البلاد والعباد في السودان ، وبينما أنحاز جل الطلاب والقطاعات الحيه الي صف الامين العام كانت فجيعة الحركة أكبر في قاداتها الذين أنحازوا الي صف العسكر خاصة نائب الأمين العام الذي أتجهت اليه كل الايادي بالاتهام ، لكن في كل الحوال كانت الحركة فعلا قد دفعت ثمنا باهظا وحصدت الكثير من الندم والخيبه . . وحينها فقط تحسس الجميع طعم الكلمات المره التي كتبها الطيب صالح ( أي ثمن باهظ يدفعه الإنسان ليعرف حقيقة نفسه وحقيقة الأشياء ؟ لو ان كل إنسان عرف متي يمتنع عن إتخاذ الخطوة الأولي لتغيرت اشياء كثيره ( .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة