المصيبة الكبرى.. التي تفتت الأكباد.. وتمزق الفؤاد.. أنه لا يزال كثير من السوريين.. لم يتعلموا الدرس.. بعد.. ولم يغيروا ما بأنفسهم شيئاً.. حتى يغير الله أحوالهم.. حسب وعد الله الصادق:
وزين لهم الشيطان أعمالهم.. وصدهم عن السبيل المسقيم...
وقال لهم:
اركضوا إلى مكة سريعاً.. ودعكم من الفقراء.. والمساكين.. فقد تصدقتم عليهم الكثير..
ولهم رب يطعمهم..
ثم..
غداً تدعون الله عند الكعبة.. وفي عرفات.. فيتنزل عليهم.. الطعام.. والشراب.. من السماء.. فلا تشغلوا بالكم..
هذا هو تدليس إبليس اللعين.. ليضل الناس عن المنهج الصحيح...
فهم لا يريدون وجه الله حقاً..
إنما يريدون النزهة.. والسياحة.. والسمعة.. والشهرة.. والتفاخر أمام العبيد.. أنه حج كذا.. وكذا من الحجج!!!
وقد ينبري أحدهم.. وقد أخذته الحمية.. حمية الجاهلية..
وهل شققت على صدورهم.. حتى تقول عنهم هذا؟؟؟!!!
العمل الظاهر.. يدل على ما في السرائر..
كما قال البدوي قديماً:
البعرة.. تدل على البعير...
والأثر.. يدل على المسير..
وسماء ذات أبراج.. وأفلاك.. تدل على الخالق.. المبدع.. القدير..
وقد قيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:
هل رأيت الله؟؟؟
قال: كيف أعبد ما لا أراه؟؟؟!!!
أرى الله في كل ركن من أركان هذا الكون الفسيح.. أرى آثاره.. ومقاديره.. وخلقه...
وهكذا...
لو كان هؤلاء القوم.. يريدون وجه الله..
لوجدوا الله في المخيمات المهترئة.. الكئيبة.. التعيسة.. عند الأطفال الرضع.. والأيتام البؤساء.. والأرامل المنكوبات.. والمستضعفين من الشيوخ والنساء والولدان..
ولوجدوه أيضاً عند المجاهدين الذين يتطلعون.. وينتظرون أحياناً.. رصاصة واحدة.. ليطلقوها على أعدائهم فلا يجدوها.. فيضطروا إلى الإنسحاب...
إمرأة غير مسلمة.. كانت تعمل بالفن.. تدعى ( جولي ) زارت المخيمات جميعها في تركيا.. والأردن.. ولبنان.. عشرات المرات مواسية أهلها.. ومدافعة عن حقوقهم.. ومهتمة بشؤونهم لغاية شريفة.. ونبيلة.. في نفسها!!!
والسوريون المنتسبون إلى الإسلام.. ولديهم المال والغنى..
أليس أولى لهم.. أن يحجوا إلى المخيمات والأراضي المحررة.. وينقذوا أهلها من الجوع والمرض والفاقة .. ويتبركوا برعايتهم لها.. خير بمليون مرة من الذهاب إلى مكة.. وعرفات.. والتبرك بأحجارها التي لا تضر.. ولا تنفع ..
وهذا شيء معلوم من الدين بالضرورة..
إلا عند مشايخ السوء.. المتخلفين القاعدين.. الملتصقين بالأرض.. الذين لا يقرأون إلا الكتب الصفراء.. ولا يفقهون في ( علم الواقع ) ولا ( علم الأولويات ) ولا ( علم الجهاد ) ولا ( علم المجتمع ) ولا ( علم الحركة ) شيئاً.. أولئك هم شر البرية.. يُضلون.. ويَضلون..
والأدلة الشرعية.. الحركية.. التفاعلية مع الواقع.. ومع النفس البشرية.. والقصص.. والأحاديث الشريفة المثبتة.. لوجوب.. وفضلية.. إنقاذ النفس المؤمنة من الموت.. على الحج.. كثيرة...
يقول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:
( الأكباد الجائعة أولى بالصدقة من بيت الله الحرام )..
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والحج على الوجه المشروع أفضل من الصدقة التي ليست بواجبة. وأما إن كان له أقارب محاويج، أو هناك فقراء تضطرهم الحاجة إلى نفقة: فالصدقة عليهم أفضل".
وأما قصة ( عبد الله بن المبارك ).. فهي وحدها كفيلة.. بمن يزعم أنه يريد وجه الله في حجه.. أن يتأسى بفعله.. ويدحض زعمه الباطل..
وقصته بشكل مختصر:
في يوم تجهزه للحج.. رأى إمرأة تأخذ دجاجة ميتة.. من صندوق الزبالة..
فلما سألها عن سبب هذا التصرف الغريب.. قالت:
لدي أربع بنات يتيمات.. جائعات.. وليس لدي مال أشتري لهن الطعام.. والله تعالى قد أباح لنا أكل الميتة..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة