أكاد أجزم أن العنصرين الاساسيين ،اللذين ساهما في كوارث المنطقة الراهنة, هما الكيان الصهيوني و»ثورة الخميني» في ايران ، وكلاهما قام على أساس ديني. اسرائيل تزعم أنها دولة اليهود وتطالب الفلسطينيين بالاعتراف بها على هذا الاساس، ما يعني تكريس نهج إقامة دول دينية وطائفية في المنطقة ، و مصادرة حق الفلسطينيين الثابت بأرضهم، أما «ثورة الخميني» فقد نشرت «فيروس» الطائفية في المنطقة ، وأحيت أحقادا وضغائن تاريخية تجاوزها الزمن ، ورفعت شعارات طائفية بغيضة لتصدير الثورة ، وكان أول كوارث هذا النهج إشعال شرارة الحرب العراقية الايرانية. لقد سرقت «ثورة الخميني» نضالات الشعب الايراني التي استمرت عشرات السنين ضد نظام الشاه ،وفي مقدمة القوى التي قدمت تضحيات هائلة في هذا الاطار، منظمة « مجاهدي خلق « التي تمتلك رؤيا سياسية وفكرية تقدمية واضحة ، تقوم على أساس فصل الدين عن الدولة ، وإقامة علاقات طبيعية بين ايران وجيرانها ،وأن تكون عامل استقرار تسهم في تعزيز التعاون البناء في المنطقة. من المفارقات أن العاصمة الفرنسية باريس ،التي كان الخميني لاجئا سياسيا فيها، تستضيف اليوم العصب الاساسي للمقاومة الايرانية المتمثلة بمنظمة « مجاهدي خلق « ، وهي منظمة تكافح لتخليص ايران من ديكتاتورية ولاية الفقيه ، ويوم السبت المقبل 9 تموز–يوليو ستستضيف باريس أكبر تجمع للمقاومة الوطنية الايرانية ، يشارك فيه مئات الالاف الايرانيين الأحرار الملاحقين من قبل نظام الملالي، سيكون بمثابة تظاهرة سياسية ضخمة تحمل رسالة قوية للعالم ، تؤكد أن الخلاص من هذا النظام أصبح ضرورة. ان انعقاد هذا التجمع بحضور عربي ودول واسع ، يتمثل بعدد كبير من السياسيين والمثقفين والبرلمانيين والحقوقيين والاعلاميين وممثلي منظمات دولية ، يشكل اعترافا بشرعية المقاومة الايرانية ، لكن المشكلة في مواقف الحكومات التي تتعامل مع هذا النظام الفاشي ، رغم الجرائم الفادحة التي يرتكبها داخل ايران وخارجها ، فنحن نعيش في عالم المعايير المزدوجة، وتغليب المصالح على المبادئ. لقد تجاوزت تدخلات نظام «ولاية الفقيه» في شؤون الجوار العربي كل حدود، فأصبح مشاركا أساسيا في تغذية الحروب والصراعات الطائفية ، خاصة في العراق وسوريا واليمن ولبنان والبحرين ! والتي تسببت بإعادة عقارب التاريخ مئات السنين ، حتى مخيم ليبرتي للاجئين الايرانيين قرب بغداد ، تلاحقهم جرائم هذا النظام عبر الضغوط التي يمارسها، لمواصلة فرض الحصار الغذائي والصحي على المخيم، واستخدام بعض الميليشيات الطائفية لقصف المخيم بين فترة وأخرى ! يحدث ذلك في ظل تخاذل الامم المتحدة والادارة الاميركية. عن الالتزام بتعهداتهما وفق الاتفاقات الموقعة منذ سنوات ، التي تضمن توفير الحماية والسماح بوصول الاحتياجات الاساسية والخدمات لسكان المخيم. «نظام الملالي» يشكل حالة استثنائية في العالم ، حيث يفرض «ديكتاتورية دينية « ويصادر الحريات ويعتقل ويعدم آلاف المعارضين ، وينتهج سياسات إفقار للشعب الايراني، وتبذير الموارد النفطية على حروبه الخارجية ،ومشاريع فاشلة كان أحدها البرنامج النووي الذي كلف مليارات الدولارات ، وبالنتيجة تخلت طهران عن البرنامج ، في الاتفاق مع «الشيطان الاكبر «. ثمة تداخل معقد في خريطة المشكلات التي تعصف بالمنطقة ، فهناك مصالح مشتركة بين المحيط العربي الذي يحترق بنار تدخلات نظام الملالي ، وبين المقاومة الايرانية التي تناضل لتخليص الشعب الايراني من جحيم هذا النظام ، وهذه معادلة تتطلب تحالف القوى العربية، المتضررة من سياسات هذا النظام مع المقاومة الايرانية ، وضرورة دعمها ماليا وسياسيا وإعلاميا ، ردا على تدخلات هذا النظام في الشؤون العربية ! وجرائمه بحق الشعب الايراني وقواه الطليعة. ان « ولاية الفقيه « تنفق مبالغ كبيرة من أموال الشعب الايراني، لتغذية الحروب الأهلية العربية ، وتدريب وتمويل وتسليح الميليشيات الطائفية التي ، تقوم بدور شيطاني في العديد من الدول العربية ، كما يحدث في العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان ، وقبل أيام أعلن حسن نصر الله بالفم الملآن ، بأن موازنة ورواتب حزب الله وأكله وشربه مصدرها ايران !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة