لأصحاب الجلحات، والشعر المتساقط والذي يتبعه غالباً انحسار المد الشاعري وما يحدث بعد حالة التوهُّج، توهج العُمر.. لأصحاب البطحات التي تبرق في ضوء الشمس كأنها مرايا، نقول لهم إن المزاج الثقافي العام قد جعل من الصلعة موضة عالمية، وانكفأ غالبية عشاق المايكرفون الصاعدبن على المسارِح، البارعون في التمثقُف داخل الوطن او في الشتات، تلك الغالبية اختارت بمحض إرادتها، أن يكونوا في عِداد (الأكرتين).. أن تكون أكرتاً، وترضى بالقِسمة، فذاك هو الصبر الجميل.. في مقابل ذلك الصبر نشأت أحوال، منها أن مؤشر الجمال لدى البشرية قد انحدر – ربما لأول مرة - باتجاه الذين جار عليهم الزمان. ومن تلك الأحوال أيضاً، نشوء حالة من المتاجرة بأماني من تساقطت شعورهم ومشاعرهم... لهؤلاء قدّمت الرأسمالية محاليل وكريمات ودهانات وأصباغ، قيل أنها تعيد بصيلات الشعر إلى سابق عهدها. ظهرت طائفة من الإعلانات التلفزيونية والملونة على الصحف وفي الشوارع تتحدث عن لغة التحكم في الشَّعَر.. إعلانات ضخمة تروِّج لمحلول أو مسحوق، يجعل العجوز صبياً، والأصلع يسبِّل خصلاته ويتنزه في الشوارع، وكأن شيئاً لم يكن..! كأن شيئاً لم يكن..!طائفة لا بأس بها يعتقدون الآن في تلك الدعاية المشفوعة بأحلام العودة إلى سنار..! هؤلاء، ربما لم يدر في خلدهم، أن بيوت الخبرة والتجميل تتحاشى التعاقد مع أصحاب الصِلع والجلحات المشهورة – أبو اللمين مثلاً - لأن نوعية صلعة الفنان تستعصي على المعالجات، ولأن استدارة الزمان إلى الوراء في مثل هذه النماذج مستحيل. ليس هذا بعيداً عن دائرة السياسة، فالسياسة تدخل في كل شيء، في الإعلانات، وفي الموضة، وفي العلاقات البينية بين الحركات المسلحة، وبين فرق الفنون الشعبية وفي علاقتي مع صديقي عبد العظيم صالح.. أبْ صلعة اسم كودي للدولار، وأبْ صلعة اسم لسجاير البنسون، الصندوق أبو عشرين سيجارة.. وأصحاب الصِلع من منظور نساء بعينهن - وهن أقلية - رجال فيهم جاذبية،،، و قيل في الموروث: دا شعراً ما عندنا ليهو رقبة..وهناك من يقول لك إن أبْ صلعة صاحِب فِكِر، ومن هنا تم الربط بين الصلعة والعبقرية. لأجل الحقيقة والمصارحة، ولكشف زيف شعارات هذا الزمان، فإن العقل البشري لو أنتج آلة للزمن، تفعل فعلها بمجرد أن تغمض عينك اليسرى مع فتح اليمنى، فإن أصحاب الصِلع عليهم أن يستيقنوا، و (ما يمشوا بعيد).. فالتاريخ ماض إلى الأمام، معتدِل مارش، والكمية محدودة - كمية الكريمات- وللحصول على المنتج السحري، سيتصل بالمنتجين كم هائل من المجربين، أطفالاً، أو أغنياء أو أغبياء.. يحدث هذا و أصحاب الشَّعَر الوافر المسترسل من أمثالنا، في شغل شغيل. وكل زول في الدنيا دي عاجبو الصّارو.. واحد بلدياتنا، يعتقد انً اي أصلع يمتلك مؤهلاً ضخماً أو وظيفة كبرى... طوالي تلقاهو يقف مرحباً بأبو صلعة، أو يقوم ليهو في المًواصلات عشان يقعد محله.. طوالي شغال مع ناس الصِلع بالصورة دي.. اتفضل، تعال،مرحب، أهلاً.. ذات يوم لقيه أصلع خمسيني وجيه.. سأله: إنت شغال شنو؟ رد عليه الأصلع بأنو شغال جزَّار.. طااااخ خبطو في فاخورتو وقال ليهو: هسي دا موضوع عايز ليهو صلعة قدُر دي..؟ (فاهمين حاجة)..؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة