ليس لليسار ذنب يا أستاذ علم الهدى

ليس لليسار ذنب يا أستاذ علم الهدى


01-24-2022, 12:38 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1643024332&rn=0


Post: #1
Title: ليس لليسار ذنب يا أستاذ علم الهدى
Author: أمل الكردفاني
Date: 01-24-2022, 12:38 PM

11:38 AM January, 24 2022

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




أورد الاستاذ علم الهدى أحمد عثمان مقالاً نال فيه من اليسار، وخاصة اقترافهم في فترة الثلاث سنوات الماضية لخطيئتي الفساد والتمكين.
والحق أقول أن ذلك غير صحيح، وخطأ الأستاذ علم أنه نظر إلى قصاصة من قصاصات الصورة الأكبر، فالفساد والتمكين ليس وليد اليسار ولا حتى الكيزان، إن الفساد والتمكين امتد منذ الإستقلال وحتى اليوم. إن الذين تسنموا السلطة في السودان لم يخلُ منهم فساد ولا تمكين منذ الاستقلال.
إن دوائر المهدي والهندي والميرغني كانت أكبر فساد وتمكين، وما بين فساد هذه البيوتات التي نهبت ثروات الشعب عبر تسخيرهم كما فعل عبد الرحمن المهدي مع الأنصار، وعبر بناء شبكة علاقات أنتجت حقيقة واحدة وهي:
أن السودان لم تحكمه أكثر من خمس وسبعين أسرة، ومع كل نظام تظهر أسرة أو أسرتين جديدتين. هؤلاء يسيطرون على السوق، ويبنون الصروح الشاهقة ويركبون السيارات الفارهة وينفقون إنفاق من لا يخشى الفقر، كل الصفقات والعطاءات تذهب إلى شركاتهم لأنهم أهل بعضهم البعض. وليس منهم من يعاني من التهميش، حتى على مستوى أهم أربع مؤسسات في الدولة محتكرة منهم، وهي القضاء ومستتبعاته، والأمن، والجيش والبنوك.
أنا شخصياً أمتلك ملفات فساد كبيرة وخطيرة من اقترفوها ليسو كيزاناً بل (وللعجب العجاب) كيزانا وشيوعيين وغيرهم. تحالف فساد الشماليين لا يعرف الآيدولوجيا، في الواقع لا الإسلام ولا الماركسية كانت جل اهتمام هؤلاء بقدر ما كانت تستخدم تلك الآيدولوجيات والعقائد في الصراع الفوقي، أما (من تحت تحت) فكانت الصفقات المليونية (بالدولار)، تبرم وتنفذ بين شيوعيين وكيزان وغير كيزان. فعندما ينطق المال تسكت الآيدولوجيات. في الواقع ظلت كل مؤسسات الدولة خاضعة للتمكين منذ الاستقلال، ولكن كانت القوى المقاومة لا تبحث عن تغيير الأنظمة من أجل تحقيق العدالة والمساواة، بل من أجل فتح (نفاجات) لشركاء جدد في الفساد وتوسيع شبكة التمكين.
ولذلك عندما يظهر لاعب جديد مثل (آل دقلو)، فإن هذه الشبكة كلها تنتظم في خط دفاع ضده وتبدأ في تقليم أظافره.
دعونا نحسب عدد الأسر المهيمنة على النفوذ في السودان، إنها أسر معروفة وكما قلت قد لا تتعدى الخمس وسبعين أسرة. وعندما أقول التمكين فإننا نتحدث عما لا يتجاوز ثلاث أو أربع قبائل، أو حتى ليس قبائل بل مناطق داخل أقاليم تستحوذ على مؤسسات الحكم، وتتوسع من خلال تعيين الأهل والأقارب، لتعزيز الشوكة.
لذلك فمشكلة السودان ليست في فساد وتمكين الكيزان أو اليسار، إنها مشكلة عقلية أو ذهنية أو ثقافية.
وأعتقد أن هذه المشكلة الذهنية ناتجة من عدة أسباب من ضمنها أن السودان قبل الاستقلال لم يكن دولة لها تراكم حضاري، فأغلب قاطني أرضه عبارة عن قبائل متفرقة أو سلطنات بدائية، ولذلك جاء البريطانيون ورسموا حدودا جمعت هؤلاء البدائيين دون أن تؤهلهم -وهم بلا أي تراكم حضاري- ومنحتهم دولة. والدولة عبارة عن مفهوم سياسي له ثقله، هذا الثقل الذي يحتاج لأن تترسخ مبادئه عبر تجارب مدنية حضارية طويلة، كما حدث في الصين وتركيا وسوريا والعراق ومصر والمغرب واسبانيا وإيطاليا..الخ. هذه دول لديها ثقل حضاري، يلقي بظله على مستوى الإحساس بال(دولة) ككتلة تتمتع بالسيادة. لذلك فأنا أجد العذر لما يفعله الشعب الآن من خضوعه للخارج باستمرار، فليس هذا بعمالة، لأن العمالة تفترض وجود دولة ذات ثقل حضاري، اما السودان فرقعة أرض بائسة صنع منها البريطانيون دولة، ثم غادروها دون أسف.
قرأت قبل سنوات، أن ضابطاً بريطانياً تعرض لأزمة مالية فأرسل للسيد عبد الرحمن المهدي طالباً ديناً؛ قال الضابط البريطاني بأن السيد عبد الرحمن أرسل له مبلغاً من المال يكفيه هو وأحفاده وأحفاد أحفاده.
فهل هذا مستغرب؟ أي هل من المدهش أن يقوم الخاضع للاستعمار بتسليف الضابط المستعمِر المفلس؟
لا ليس غريباً، لكنه يكشف لنا عن أن أشباه الدول غالباً ما يفتح فيها المستعمرون أبواب الفساد، لكي يخلقوا حلفاء لهم في الداخل. فالضابط البريطاني يعمل عبر دولة محترمة ولها مؤسسات، أما عبد الرحمن المهدي فيعمل داخل رقعة ارض بلا مؤسسات ذات تقاليد ونظم عريقة بل شبه دولة مصطنعة.
إن من يريد أن يصبح مليونيراً عليه أن يذهب إلى أشباه الدول، كالسودان والصومال وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وخلافه، ففيها يستطيع أن يجد كل شيء حيث القانون لا يطبق ضد من يدفع ولا ضد اللصوص والإنتهازيين.
إنني لا الوم اليسار ولا الكيزان، إنني ألوم البريطانيين فقط.


عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/23/2022


عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 01/23/2022



عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/23/2022