لفت انتباهى بالصدفة مشهد صادم لم أجد له كلمة أو جملة بقاموس اللغة العربية لفنانة بأحدى الحفلات الشعبية وهي تهرطل بالغناء الهابط الغير المستتاق ومن حولها أشكال أشباه رجال تجمهروا حولها يمنة ويسرا .... ما أثار استغرابي كمية المبالغ المالية المهمرة كالأمطار على رأس الفنانة فيما يعرف "بالنقطة" من فئات مالية مختلفة بدأ ب100 جنيها مرورا ب500 و1000 جنيها وانتهاء بالدلاور واغلب" المنقطيين" أن جاذ التعبير هم من العامة أي أن إعلاهم شأنا تاجر قطاعي واقلهم عامل يومية...
ظاهرة انتشرت بصورة مزعجة وسط المجتمع السودانى المعروف بأخلاقه وتدينه والمحافظ على التقاليد والعادات السمحة ألتي بدأت تندثر رويدا رويدا ....
ظهور مثل هذه الظواهر الشاذة والمنتشرة بصورة مزعجة بالعاصمة والولايات يوحى بهشاشة الوضع الأمني وغياب دور الدولة متمثلة بالأجهزة الأمنية والمجتمع والأسرة وترك الأبناء والأطفال وسط وحوش وارزال المجتمع ليغتاتوا على أحلام وطموحات الشباب اليافع وجعلهم فريسة سهلة يسهل استغلالهم والمتاجرة بهم....
قضية يجب أن ندق لها ناقوس الخطر ويجب تداولها ومعالجتها بكل السبل بدأ بالإعلام الموجه المقروء والمسموع والمرئي لوقف جباح الظاهرة ألتي بدأت تتأكل داخل المجتمع كالسوس ...
غياب واضح للشرطة المجتمعية والدولة فى ظل إنتشار الظاهرة بل أن الأوجع أن ترعى بعض المؤسسات مثل هذه التفاهات لكى تحقق الربح السريع وإرضاء مزاج الزبون والمشاهد....
مشاهد لو شاهدتها فسوف تقف متحسرا للحال البائس الذى وصلنى فيه وتدرك تماما لماذا يعاقبنا آلله سبحانه تعالى بالموبقات السبع فقر وجوع ومرض وحروب وفيضانات وفتن وصراعات وغلي أسعار وانهيار للاقتصاد والعملة وانتشار ال################ه والمفسده..... .
وفى إحدى الحفلات استطاعت إحدى الفنانات أن تجمع مبلغ ألف جنية بالقديم مليار بالجديد فى أول أغنية لها وتجمهر حولها كل من هب ودب والمتردية والنطيحة، وما أكل السَّبع فاذا أقيمت إحدى الجمعيات المجتمعية أو التطوعية جمع تبرعات لإنقاذ متضررين من فيضان أو وباء ألم بهم أو لإنشاء مدرسة وحفر بار مياه فقلة من هم يستجيبون أو بالكاد يتبرعون...
السودان بلد جل شعبه تحت خط الفقر المدقع تحاصرهم الأزمات يمنة ويسرا وبالكاد توفر الأسر محدودة الدخل وجبة واحدة فى اليوم لأطفالهم أم النسبة المتبقية ميسورة الحال فهم لايتجازون 15% من نسبة السكان...
وليس بعيدا عن هذه الظاهرة المذكورة أعلاها فقد دمرت الكثير من القيم الاجتماعية السودانية، إذ أنّ الواقع السياسي غيّر مؤشرات المجتمع، حيث سيطرت الحياة المادية على سلوكياته وصارت الرّشوة هي البوابة لتسهيل الأمور، وعرفت الشخصية السودانية مصطلح (الحلاوة) في أيّة خدمة يقدمها شخص للآخر بينما كان السودانيون في الماضي يسخرون من هذا السلوك الذي ينتهجه بعض (جيران السّودان). واليوم صار سلوكاً سودانياً لا حرج فيه عند الأغلبية، حيث يتم الاتفاق على نسبة العمولة في أداء (التسهيلات) اسم (الدّلع) للرشوة قبل تقديمها، وللأسف في بعض المؤسسات المالية يستغل ممتهنو التسهيلات علاقاتهم مع المسؤولين داخل المؤسسة في ممارسة مهنة التسهيلات التي تضاعف من دخلهم الشهري حيث يختلط الحلال بالحرام. لم يقف انهيار الأخلاق في محطة الرشوة والمحسوبية ورفع (المعانا) والولاء قبل الكفاءة، بل الفساد الأخلاق والسياسي أصبح في حالة تمدد مستمر ونزل من القمم العالية إلى القاعدة المجتمعية.
الفساد المجتمعي الموجود الآن يحتاج إلى مدرسة قيمية ترده إلى حيث تكمن القيم، وتخرجه من أزمة تراجع الأخلاق لأن أول خطوة لإنهيار الدولة يبدأ بإنهيار القيم الأخلاقية. وما سقطت دولة في وحلِ الانحطاط إلا وكان الفساد الأخلاقي في المجتمع، والسياسي والمالي بداية النهاية للسقوط في الهاوية.. إذاً الـ(30) عاماً من نظام الإنقاذ و(3) عاما بعد ذهاب المخلوع البشير وحقبة المدنية الزائفة لم تشوه الخارطة السياسية للحكم فحسب، بل شوهت حتى الخارطة الأخلاقية، وإحصائيات المدمنيين خير شاهد، وملجأ المايقومة لمجهولي الأبوين، وارتفاع نسب الطلاق، والجرائم في الصّحف الاجتماعية والسياسية التي وصلت إلى درجة بيع لحوم الكلاب للمواطنين.. وهلم جرا ....... وللقصة بقية
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة