في كتابه "اللمم والأمم" قال الصوام بن الحسين حدثنا القائد الجعفري ثنا ابن زيزفون، ثنا ابن الكربلائي محمد بن الأقثم قال: أراد الحاكم بأمر الله صيلون الوصفي غزو أرض السودان، فبعث آمره بن عدي المرداسي إليها فبقى فيها حُقة من زمان، ثم أرسل إلى الحاكم فوصفها بأنها أرض الشيطان فهي تراها قاحلة ولو زرع كل شبر فيها، جائعة ولو امتلأت بالسنابل، هواؤها ثقيل وإن شهُقت جبالها، أهلها شاحبون بائسون ولو دهنتهم أمطار من زيوت العطر. ترابها حار ولو غطه الثلج..سلطانها من لصوص ولو قادها المهدي المنتظر. وكأنما الله قد نفث فيها غضبة منه واحدة. ورغم كل ذلك فأهلها يشاقُّون أنفسهم، ضِراراً وبغياً، وتقبيحا وتسفيها، وهم أدنى البشر علماً وملمحاً من بين أمم الله. وهم إن استمعتهم لم تُسمعهم، وإن خالطتهم أحاطك الشؤم المستجر، ولفك النحس المستمر، في حديثهم الغمز واللمز، وفي حركتهم توهان واضطراب فهم بلا غاية صراح يحجون صوبها، ولا ترى فيهم إلا كذباً وإفكاً لذلك يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمنون به، ويؤمنون بما لا نفع فيه، كعُبَّاد الأصنام. فأرضهم حرها كبردها، وصيفها كشتائها، وأمطارها كجفافها، أشجارها شاحبة الخضرة، وصحراؤها ضاربة الفقر والندرة، خريفها لازب، وربيعها هارب، ويابسها كبحرها غارب. وأهلها أنَّى وجهتهم لا يأتون بخير. بأسهم بينهم شديد، وفيهم برودة حصوب، وفخر كذوب، وطوية خبيثة. وهذه الأرض، أي أرض السودان، مُزعة من جهنم. رجالها نواحون ونساؤها رواحون، ورجال دينها فجار، وفجارها أشرار، وهم لزقون لزجون أجمعين، لا تمسكهم من لسان، ولا تأمنهم على مِجان، ولو كانت من جلد نافقة نتنة. شحيحو النفوس، بخلاء العطاء، منانون إن أعطوا سراقون إن جاعوا، زناة إن شبعوا، ندابون إن هلعوا، فرارون إن أحدقوا في الزحف، لا يثبتون على قرار، متزلفون إن طَلبوا، مستكبرون إن طُلبوا، مهزارون في الجد، جادون في اللهو. سفهاء الأحلام. فإن حكمتهم فلا تحكمهم بالعدل، بل بالبطش والرهق، ولا تستفتهم ولا تستفت فيهم أحداً. سيفك عليهم بتار، ومنجلك فيهم حصَّاد قهار، فإن آبوا فلا تركن لهم طرفة عين، ولا تساومهم بلين، ولا تركن لهم فيطعمون إذ في قلوبهم مرض. فإن عزمت فتوكل على الله، وإن أمرت فأمر بما لا يستطاع لكي يستجيبوا لما يستطاع، ذلك أنهم قوم حصراء النفوس؛ يملون بسرعة، وتغشاهم الفزعة، فإن أمرت فعلِّ فيهم الوجعة، حتى إذا بلغوا الحد مما أردت فاوقفهم يفرحون. وإن شددت فامدحهم بما ليس فيهم يتهللون. قال الصوام، فأرس صيلون إلى المرداسي فقال: إنا فيهم زاهدون، فأتركهم وشأنهم وعد إليَّ من توِّك ولا تبطئن. فقفل المرداسي راجعاً، ثم قال، فاغتسلت سبعاً لسبعٍ، أي سبع مرات في سبعة أيام من شدة النجس. أ.ه
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق October, 05 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة