يقول الإمام أبو الحسن الماوري- من فقهاء مذهب الامام الشافعي في العهد العباسي، في كتابه في السياسة الشرعية بعنوان الأحكام السلطانية والولايات الدينية في عقد الإمامة أنها أي الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع، وقد أٌختلف في وجوبها ، هل وجبت بالعقل أو بالشرع، فقالت طائفة وجبت بالعقل لما في طباع العقلاء في التسليم لزعيم يمنعهم من التظالم ويفصل بينهم في التنازع والتخاصم، ولولا الولاة لكانوا فوضى مهملين وهمجاً مضاعفين، وقد قال الأنوه الأودي، وهو شاعر جاهلي: لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا. وقالت طائفة أخرى بل وجبت بالشرع دون العقل، لأن الإمام يقوم بأمور شرعية قد كان مجوزاً في العقل أن لا يرد التعبد بها، فلم يكن العقل موجباً لها، وإنما كان أوجب العقل أن يمنع كل واحد نفسه من العقلاء عن التظالم والتقاطع، ويأخذ بمقتضى النقل في التناصف والتواصل فيعتبر بعقله لا بعقل غيره، ولكن جاء الشرع بتفويض الامور الى وليه في الدين، قال الله عز وجل: ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). ففرض علينا طاعة أولي الأمر فينا وهم الأئمة المتأمرون علينا. وروي عن أبي هريرة : سيليكم بعدي ولاة، فيليكم البر ببره، ويليكم الفاجر بفجوره، فأسمعوا وأطيعوا في كل ما وافق الحق. فان احسنوا فلكم ولهم، وإن أساءوا فلكم وعليهم. فإذا ثبت وجوب الإمامة ففرضها على الكفاية كالجهاد وطلب العلم، فإذا قام بها من هو من أهلها ففرضها على الكفاية. وإن لم يقم بها أحد خرج من الناس فريقان: أحدهما أهل الاختيار حتى يختاروا إماماً للأمة، والثاني أهل الإمامة حتى ينتصب أحدهم للإمامة، وليس على من عدا هذين الفريقين من الأمة في تأخير الإمامة حرج ولا مأثم. ولكل فريق شروط معتبرة فيه. فأما أهل الاختيار فالشروط المعتبرة فيهم ثلاثة: أحدهما: العدالة الجامعة لشروطها، والثاني: العلم الذي يتوصل به الى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها، والثالث: الرأي والحكمة المؤديان الى اختيار من هو للإمامة أصلح وبتدبير المصالح أقوى وأعرف، وأما أهل الإمامة فالشروط المعتبرة فيهم سبعة، أحدها: العدالة على شروطها الجامعة، والثاني: العلم المؤدي الى الاجتهاد في النوازل والأحكام، والثالث: سلامة الحواس كالسمع والبصر واللسان ليصح معها مباشرة ما يدرك بها. والرابع: سلامة الأعضاء من نقص يمنع من استيفاء الحركة وسرعة النهوض، والخامس: الرأي المفضي الى سياسة الرعية وتدبير المصالح ، والسادس: الشجاعة والنجدة المؤدية الى حماية البيضة وجهاد العدو. والسابع النسب: وهو أن يكون قرشياً. وهذا الشرط مختلف عليه. الإمامة تنعقد من وجهين: أحدهما باختيار أهل العقد والحل، والثاني بعهد الإمام من قبل. في الأول اختلف العلماء في عدد من تنعقد به الإمامة، قالت طائفة لا تنعقد الا بجمهور أهل العقد والحل في كل بلد، وقالت أخرى أقل من تنعقد به الإمامة خمسة يجمعون على عقدها وقد استدلوا ببيعة سيدنا ابي بكر الصديق رضى الله عنه بخمسة من الصحابة ثم تابعهم الناس، وقالت طائفة تنعقد بواحد لأن العباس رضي الله عنه قال لعلي رضي الله عنه امدد يدك أبايعك فيقول الناس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بايع ابن عمه فلا يختلف عليها أثنان.
حسين ابراهيم علي جادين مستشار قانوني
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 05/09/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة