قبل سنوات وعقب الثورة راجت شائعة بأن الجيش دفع قرابة ستة ملايين دولار لتحسين صورته لشركة غربية، ويبدو أن الستة ملايين دولار قد ضاعت هباء بتصرف غير حكيم. فصورة الجيش ازدادت سوءً منذ ذلك الوقت وحتى اليوم. هناك وهم كبير يقع فيه الناس وهو أن الإنفاق المالي يمكن أن يحقق لك استقطاباً جماهيرياً، في الحقيقة هذا غير صحيح بالمرة، وأعتقد بأن مستشاري حميدتي من قليلي الخبرة قد أوقعوه في ذات ما وقع فيه الجيش قبل أربع سنوات. فالبارحة مثلاً ذهبت إلى محفل موسيقي، واكتشفت أن المنظمة القائمة عليه مدعومة من حميدتي، ويبدو أن حميدتي أنشأ العديد من المنظمات الإنسانية لاستقطاب الجماهير وتحقيق رضى شعبي عنه بعد تعرضه للتشويه خلال السنوات الماضية. وقبل سنتين تقريباً انفق حميدتي آلاف الدولار لإنشاء صفحة على الفيس بها العلامة الزرقاء، ورغم أن العلامة الزرقاء لا تحتاج لإنفاق الآلاف لكنني متأكد أن من خدعوا حميدتي قد نالهم نصيب من المال. والآن هل يجدي كل ذلك الإنفاق من حميدتي لاستقطاب الجماهير؟ دعنا نبدأ من صفحته على الفيس والتي لا أعتقد بأن هناك من زارها ليستقي منها خبراً منذ إنشائها، وهذا الفشل، يمتد حتى للملايين الدولارية التي ينفقها حميدتي على المناشط الثقافية والفنية والفقراء...الخ. إنه ليس فشلاً بل تضييع للمال، والمثل السويدي يقول: من يشتري شيئاً لا يفيده إنما يسرق نفسه. والسؤال الذي لا بد أنه دار في ذهن كل من يقرأ تأكيدي لذلك الفشل هو: لماذا الفشل؟ الإجابة بسيطة كل البساطة، فالاستقطاب الوقتي يجب أن يكون لمهمة وقتية، فمثلاً الانفاق على المثقفين والأدباء والأعمال الخيرية، تحتاجها الأجهزة الاستخباراتية لأغراض وقتية أي تجنيد مصادر معلومات. فالمخابرات تدفع لهذا وذاك لتحصل من هذا وذاك على معلومات، هذا هو الاستقطاب الوقتي، والذي لا يصلح أبداً لتحسين صورة أي شخص (طبيعي أو اعتباري). على سبيل المثال، يعج مكتب حميدي بالمتملقين والمتزلفين والمتسولين للحصول على سيارة أو مال، ولكن هل يعني هذا أن حميدتي قد ضمن له أنصاراً مستقبليين؟ بالتأكيد لا. يقوم حميدتي بتعيين مستشارين وعساكر، فهل هذا يحقق له اي ضمانات مستقبلية، وللإجابة على هذا السؤال، نفترض أن حميدتي تعرض لأي نكسة كالموت مثلاً، سنرى حينها أن كل هؤلاء الذين يحصلون على مال منه سيبحثوا عن البديل. فلو استطاع الجيش استقطاب موسى هلال وإقصاء حميدتي، فكل هؤلاء المتسلقين سيذهبون لموسى هلال ويتزلفون ويتملقون،سواء كانوا فنانين أو أدباء او ستات الشاي والفقراء،..الخ فكل هؤلاء لا يرتبطون مع حميدتي سوى بالمال، وعلاقة المال دائماً وقتية. لأنها تدور مع المال وجوداً وعدماً. فإذا كان هناك دفع مال فأنا معك وإن لم يكن هناك دفع مال فلا شأن لي بك. وهذا نفس خطأ الكيزان عندما قال نافع لمبارك الفاضل حين سأله هذا الخير أين ذهبت أموال البترول؟ فرد نافع: بنشتري بيهو الزيك. فصفعه مبارك. شاعت هذه القصة عام ٢٠١٠ تقريباً وقيل بأن قائلها هو عوض الجاز. لكن المهم ليس صحة أو عدم صحة القصة، بل المهم هو العبرة منها، فعندما سقط البشير، هرب منه جميع من حاول استقطابهم بالمال. حتى الكيزان، اندسوا وصمتوا، ولولا انقلاب البرهان يوم خمسة وعشرين، لما سمعنا من كوادرهم كلمة واحدة بل استمروا في صمتهم المطبق منذ الثورة. إذاً؛ المال لا يخلق أي رابط حقيقي يفرض الوفاء والولاء. إنه رابط هش، ينسحق تحت أول اختبار صلادة حقيقي. ولو كان المال يمكنه استقطاب الجماهير إلى ما لا نهاية بسبب الوفاء، لكان العديد من الرأسماليين قد استخدموه للوصول إلى السلطة. لذلك أعتقد بأن الفائدة الوحيدة من انفاق حميدتي، هو أنه يساعد الكثيرين مِن من يحصلون على تلك الأموال في قضاء حاجياتهم.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 05/08/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة