( في مثل بقول المتسبل تبكيه الريشه ) وهذا هو بالضبط حال البرهان في خطابه العاطفي أمام قوات المدرعات في الشجرة وأمام القوات الخاصة المتخرجة في وادي سيدنا ، فالرجل لم يهتم كثيراً بالإنقلاب إياه ولم يوليه أدنى إهتمام كما فعل في انتقاده للمكون المدني وعلق عليه كل جرائم الكون مع مدح ٍ مريب لقواته وحشر حميدتي حتى يثبت التناغم بين جنودهما ضارباً بعرض الحائط كل الاتفاقيات والعهود والمواثيق التي تمت بشهود ٍ إقليميين ودوليين للوثيقة الدستورية ( رغم المآخذ عليها ) بالشراكة في الفترة الإنتقالية للإعداد والتحضير للحكم الديمقراطي المدني الذي اختاره الشعب في ثورته الديسمبرية نفس خطاب السيسي ونفس الرائحة وطريقة الطهي وتقديم الوجبات المستنفدة التي درج عليها العسكر يريد البرهان جر أنموذج السيسي المصري لتطبيقه في السودان ولكن لا السيسي ومخابراته ولا حتى البرهان استطاعوا أن يفهموا طبيعة الشعب السوداني ، فالشعب السوداني ليس للبيع ولا للتقليد ولا يمكن التذاكي عليه لا من الأحزاب ولا الحركات المسلحة ولا الجيش أو الشرطة أو الدعم السريع وإذا مرر الشعب السوداني أمراً فذلك لأنه يريد أن يمرره ربما لإتاحة الفرصة ومزيد ٍ من الفرص والتنازلات لتصحيح المسار أو الإعوجاج وليس فطنةً من هذا أو ذاك ولكن ما أن يكتمل أمامه المشهد بعدم جدوى ما يقدمه من فرص تلو أخرى فعندها يريكم ما لا قبل لكم به فلا تزايدوا على وعي الشعب وصبره وأَنَاته . خطاب البرهان الممتليء حد التخمة برسائل التهديد والوعيد المبطن وغير المبطن للمكون المدني الذي ألقاه أمام ضباط وجنود المدرعات في الشجرة مردود عليه ، فلقد قفز البرهان فوق كل الحواجز والحقائق قفزة واحدة ليخرج لنا بخطاب معد سلفاً ربما لإنقلاب أو لإنقلاب مضاد بالحجج الواهية والمكررة من جانب عساكر السودان للقفز على سدة الحكم فهم لا يحتاجون لسبب إذ يمكنهم إختلاق مليون سبب في ثلاث دقائق فعقلية العسكر مختلفة ثلاثمائة وستون درجة عن التفكير المدني الحر ولا يجب أن يحدد العسكر طريقة التعاطي السياسي للمكون المدني لأنهم ببساطة مدنيين أقحاح وفي السياسة ليس هناك أوامر ولا رتب ولا درجات وكل شيء وارد وكل شيء أيضاً غير وارد ، وفي السياسة خذ وهات وتجاذبات ومشادات وخاصة بعد إحتلال الكيزان للسياسة فترة طويلة مع عدم وجود خبرات أو وعي تام لممارسة العمل السياسي الحر وأيضاً ليس هناك مؤسسات جاهزة أو متوفرة وصالحة للعمل السياسي ، لذا ليس من حق البرهان ولا حميدتي ولا كل المنظومة العسكرية والأمنية والشرطية أن تحدد مسارات وطريقة حكم البلد أو من يقوده فواجب تلك القوات الذي تتقاضى أجراً عليه معروف ومعلوم يجب أن تلتزم به ، ومن المفترض أن تكون هذه القوات وقياداتها خارج المدن والقرى والشوارع والمخططات السكنية والأحياء ولا يحق لها أبداً التواجد بعتادها وعدتها المهولة هذه وسط المدنيين كما نرى ونشاهد اليوم ، ويمكنك أن تلاحظ ذلك زلة لسان البرهان أثناء خطابه في وادي سيدنا بالأمس قائلاً ( سلاح المدرعات موجود فيهو أكتر من عشرين دبابه واكتر من أربعين أو ستين مدرعة ديل لو مرقن في الخرطوم دي ما كان في زول تاني يقيف .... ما كان في زول أصبح فيها... ثم بسرعة استدرك ما قاله وواصل ... غيركم إنتو ديل ... موجهاً حديثة للجنود ... إنتو الحتتصدو وإنتو الكنتو حتموتو ... الحاجات كلها كان ح تقع فوق راسكم ) هذا الكلام الخطير للبرهان يعيدنا إلى التخطيط الدموي الذي حدث في القيادة حين ذهب الناس مطمئنون وفي اعتقادهم أنهم في يد أمينة أمام آلة القوات المسلحة ولكنهم فوجئوا بغدر ٍ لم يفيقوا منه حتى اللحظة ولم يتم التحقيق فيه والوصول إلى الجناة الحقيقيين ناهيك عن محاسبتهم ولكن البرهان وجنوده يريدوننا أن نصدق خطاباتهم العاطفية في خدمة الشعب وحمايته والعمل لرفاهيته !! تقافز البرهان المشوش من اليمين لليسار ومن أسفل إلى أعلى يدل على تخبط واضح في الأهداف ونزاع نفسي داخلي في قلب الحقائق ومحاولة يائسة لتمرير أجندته على الرأي العام السوداني بنفس خطابات البشير ونافع وعلي عثمان وقوش ( وبتاع ربرب ربرب رب رب داك ) لا زال البرهان ممتليء حتى خياشيمه بأسلوب العهد المباد ولم يستطع أن ينتقل بعقليته وعقلية من حوله في هذه الفترة الإنتقالية إلى رحاب الديمقراطية والعمل السياسي الحر ولكنه يريد من المكون المدني أن يتغير ويصبح عسكرياً وينفذ الأوامر والتوجيهات كما يأمر ويوجه ، وفات عليه أن المكون المدني ومن خلفه الشعب السوداني كله ليس له رغبة في التحول إلى العسكرية أو تحويلكم أنتم إلى مدنيين فأنتم وعسكريتكم وواجبكم في جانب والمدنيين وسياساتهم المدنية الحرة في الجانب الآخر . رسائل البرهان في خطابه أمام جنود المدرعات تحمل رسائل خطيرة منها أنهم هم ولا غيرهم من يقود هذه البلاد كما يريدون وأينما يريدون وهم من يحددون بوصلة الإتجاه السياسي للدولة وهم من يقرون ويؤكدون حقيقة العبور من زيفه وهم ( كعسكر ) يحددون ويوصمون من يشاؤون بالوطنية أو العمالة تماماً كما كانت تفعل الإنقاذ ، وهم من يرسمون شكل نظام الحكم ومن يقود الدفة ، يريدون أن يكونوا لنا آلهة وما علينا إلا السمع والطاعة والصلاة لهم ! البرهان في خطابيه ( تحت الشجرة ومن خلف الوادي ) يهدد الجميع ويتوعد رافعاً إصبعه كنافع ( بتاع لحس الكوع ) والبشير وعلي عثمان وكل تعساء الإنقاذ بخطاب يفتقر إلى المنطق والأخلاق والوطنية ويريد إعادة الزمن وعقارب الساعة إلى الوراء وأن ينسى الشعب كل الدماء المهدورة والاغتصاب والسجون والتعذيب ومجزرة فض الاعتصام ليحدثنا عن رواتب الجند وتعاملهم بحكمة ولغة ( العاجبو عاجبو والما عاجبو إن شاء الله ما يعجبو ) التي أطاحت بالكيزان رغم كل جبروتهم والقوة التي كانت معهم ودون مسائلة من أحد بل وحماية تامة وحصانة من الرئيس مباشرة .
عبدالماجد موسى/ لندن ٢٠٢١/٩/٢٤
Sent from Yahoo Mail on Android
عناوين مقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم الموافق 24/9/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة