عنـدما بلغنا خبر بيـع نسـخ من امتــحانات الشــهادة السودانية لطلاب أردنيين عبر سماسرة أصـابنا الجـمود والحـرج وسـاد هـرج ومـرج وكان النـاس بين مصـدق ومـكذب للخبــر. فالخبر إذا صح وثبت فهو لايقف عند حد الفضيحة ولكنه خبر سرطاني . فالسودان هذا الجسد الذي كان قويا ذا منعة وصلابة ومهابة، وعرف ببزوغ فجر التعليم فيه قبل الكثير من دول المنطقة، حتى عرف خريجو جامعاته بأنهم كوادر نابغة، أصابه الورم السرطاني في كل أجزائه وفي جميع مجالاته. واليوم يصل السرطان إلى موضع هو الأكثر حيوية وفاعلية في جسد الوطن إيذانا بدنو الأجل .. وهو مجال التعليم .. فماذا ننتظر ؟ المحزن المؤلم أن ولاة الأمر في هذه الحكومة قد تعودوا واستمرأوا خداع المواطن السوداني بتغطية وستر الفساد فالوزير يثبت فساده وجرمه ويفتضح أمره في المساء ثم يطل علينا في الصباح عبر أجهزة الإعلام وكأن شيئا لم يكن. لا بل يظهر في ثياب المرشد والواعظ والوطني . ولا يذكرنا بشيء سوى / برز الثعلب يوما في ثياب الواعظين يحدث هذا في غياب تام للسؤال والحساب والعقاب. لست هنا لأخوض في معترك المسؤولية عن الفساد فهذه رحلة بلغت حينا من الدهر ظل شيئا مذكورا وممجوجا .. قرابة الثلاثين عاما من عمر البلاد ولكنني بحكم تخصصي في مجال التعليم أطالب بالتوقف عند هذه الحادثة الفضيحة وألا تمر مرور الكرام. وأريد أن أستدل على رجحان صحة بيع الامتحانات بحادثة تابعتها بدقة أيام عملي في بحث الدكتوراه / عام 2005 / والذي كان عن التجربة الدولية في مجال التعليم عن بعد وانعكاسها على السودان ودول المنطقة العربية وأفريقيا. وقد استعرض البحث الحادثة في فصل العقبات التي تواجه التعليم عن بعد وهي أن دولة الأردن ينتشر فيها سماسمرة يتقاضون مبالغ من الطلاب على أن يجدوا ليهم فرص تعليم جامعي عن بعد/ في دول معينة. وللأسف كان السودان أحدها. حيث قام السماسرة بتقاضي مبلغ ألف دولار من كل طالب على أن تصلهم المواد من السودان وأنهم سوف يؤدون الامتحان إما في السودان أو الأردن عبر السفارتين السودانية في الأردن والأردنية في الخرطوم. ووعدوهم بأن أمر امتحاناتهم سيكون ميسرا عبر إدارات الجامعات السودانية وتحديدا جامعة السودان المفتوحة والذي حدث أن هؤلاء الطلاب، عندما أنهوا فترة الدراسة ولم يظهر الوسيط /السمسار/ بدأوا يتساءلون ويسألون السفارة السودانية في الأردن عن امتحاناتهم .. فردت السفارة بأن لا علاقة لها بالأمر. بعدها اتصلوا بالسفارة الأردنية في الخرطوم والتي نفت هي الأخرى علاقتها بأي تنسيق لطلاب أردنيين لدراسة في السودان. وعندما حققت الجهات المسؤولة في الأمر اكتشفت أن هؤلاء الطلاب ليسوا مسجلين أصلا في الجامعات السودانية. لتكتشف لاحقا أنها محاولة فاشلة نفذها السماسرة الأردنيون بتعاون وسطاء سودانيين. وهذا إن دل على شيء إنما يدل أولا على أن هذا النوع من التعاون الإجرامي بين الطرفين ذو تاريخ وليس جديدا . ثانيا : كيف نضمن أنه لم تحدث ممارسات شبيهة خلال كل هذه الفترة / عشر سنوات/ خاصة وأن ديدن الحكومة المعروف التغطية على الجرائم والفضائح ونفيها وسترها عن المواطن المغلوب على أمره . وليس ظهور وزيرة التعليم لنفي الخبر إلا صورة من هذه الصور الخداعة الماكرة .. وهي لا حول ولا قوة لها .. إذ لابد أن تنفي بحسب الأوامر الصادرة إليها وفق سياسات عليا وإننا من واقع مسؤولية في مجال التعليم وبحكم تخصصنا في المجال نرفع صوتنا إلى حكومة المؤتمر الوطني رافضين الزج باسم السودان ووزارة التعليم السودانية في مثل هذا الفساد والإجرام. وإذا كان الشعب السوداني قد صمت إزاء فساد الحكومة الآخر وتحمل أذاها وإساءة سمعتها لوطننا فليتأكد هؤلاء أن الأمور لن تقف عند هذا الحد وسوف تتفاقهم وتتطور إلى حد المطالبة القانونية بحماية مقتنياتنا العلمية والأكاديمية وحماية درجاتنا الأكاديمية التي نحملها إذ تعد هذه الممارسات وصمة عار في جبين التعليم في السودان وفي أخلاقيات الإنسان السوداني. ويكفينا أذىً ومرارة ما تناقلته وكالات الأنباء العربية وحتى الغربية من أن حوالي (300) طالب ثانوي أردني قدموا إلى السودان للجلوس لامتحان الشهادة الثانوية العامة لسهولة حصولهم على أسئلة الامتحانات ، ومن ثم الحصول على الشهادة الثانوية التي تمكنهم من الالتحاق بالدراسة الجامعية في الأردن وربما في السودان كذلك. أليس هذا مما يصبغ وزارة التعليم السودانية بصبغة الحكومة لدى المجتمع الدولي لتلحق الجامعات بنفس سوء السمعة الذي لحق بها في المحافل الدولية. ولا نستبعد أن ترفض أي جامعة في العالم يقف أمامها خريج سوداني شهادته بحجة أن السودان أليس هذا مما يفقد أي شهادة تصدر عن وزارة التعليم السودانية مصداقيتها ؟
السلام عليكم يا دكتور : أرى أنك تتحدث وكأن هناك من يسمعك , بكل أسف لم يجد ما تقول آذانا صاغية ...الموضوع برمته تم بتدبير من جهات عليا بناءا على ما استشهدت به من واقعة سابقة ... لقد استشرى الفساد في بلادنا ولا حياة لمن تنادي ولا نقول غير (حسبنا الله ونعم الوكيل)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة