لم يتوقع أكثر السودانيين تشاؤما أن تصل الأوضاع العسكرية والأمنية في البلاد، ما حدث صبيحة يوم السبت الخامس عشر من شهر أبريل الجاري، ظانين ظنا حسنا أن قائدا المكون العسكري الفريق عبدالفتاح البرهان ونائبه الفريق محمد حمدان دقلو، أعقلا من أن يشعلا حربا بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، يقضي على الأخضر واليابس في البلاد، لكن وقع الفأس في الرأس، كقدر محتوم، لارتهان مصير البلاد لحكم العسكر لعقودٍ عددا. اشتعال المواجهات الشاملة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، لا يحتمل حياد المواطن السوداني، في رفض مبدأ الحرب كأسلوب بغيض لحسم الخلافات بين القائدين، وكذلك من الصعوبة بمكان لأي وطني غيور، أنّ يجد مساحة رمادية، للتحّصن بها، والتمّلص من واجب الوقوف إلى جانب القوات المسلّحة السودانية، والتي في الحقيقية هي تتسربل بوشاح القومية، لتمرر عودة حزب المؤتمر الوطني، لتعود البلاد إلى ربق حكم الإسلاميين بكل جبروتهم، وقهرهم وتسلطهم على رقاب الناس، أو مساندة قائد الدعم السريع كقائد مليشي ولدت قواته من رحم القوات المسلحة، والذي يقف بصلابة ضد عودة حزب المؤتمر الوطني للحكم، كما يقف سندا منيعا للمكونات السياسية الداعية إلى عودة العسكر للثكنات، وتأسيس الحكم المدني-الديمقراطي. هذان الخياران، يمثلان بجد امتحان عسير، وبلاء عظيم للشعب السوداني، لم يمر بمثله من قبل خلال تاريخه السياسي الحافل بالمحن والإحن. صبيحة يوم السبت الخامس عشر، وجد الناس أنفسهم، بين أن يكونوا وطنيون (عاطفين) ليختاروا بين عودة الكيزان للحكم، بدلا عن دعم القائد المليشي القادر واقعيا على صد كتائبهم المسلحة، ومنع عودتهم لحسابات خاصة به. يقينا، من اكتوى بعذابات الإسلاميين، لن يدعم عودتهم، تحت أي مصوغ، إن كان صادقا مع نفسه، ذلك أن استعادتهم للسطلة، تعني الموت الزؤام والفناء الرخيص ولا شيء غيرهما، وأنّ تقدير الحفاظ على الأنفس، مقدم على ما سواه، والمضطر مباح له "النبيلة"، ولا مناص من ترك العاطفة والمثالية الوطنية جانبا، ذلك أنه المساعدة في عودة الكيزان، ليس خيارا. القوات المسلّحة السودانية، هي من صنعت قوات الدعم السريع، وحزب المؤتمر الوطني هو من شّرع لقانونية تأسيسها والتصاقها بالجيش السوداني القومي، رغم اعتراض القوى السياسية، استعانت بها، لضرب مكونات مسلحة، ثم استقوت بها في انقلاب الـ 25 من أكتوبر، ولما شبّ عن الطوق، يستنجد قائد الجيش السوداني، الراعي الرسمي لمنظومة الاسلاميين، بالمواطنين الذين كانوا ضحايا لطموحاتهما، للوقوف إلى جانبه، ضد نائبه، باسم الوطن و القوات المسلحة الرسمية! في محاولة استغفال مفضوحة. مما لا شك فيه، استحالة أن تسع البلاد أيٌ من الفريقين البرهان وحميدتي، بعد أحداث السبت المشؤومة، حتى إن انتصر أحدهما على الآخر، رغم أنهما لم يكونا خيارا الشعب من أساسه، والآن لا صوت يعلو فوق صوت قعقعة السلاح، والمشهد الليبي بملامح سورية الذي كنا نظن أننا بمنأى عنه، يتشكل الآن في الخرطوم بكل أسف. نأمل ألاّ يطول أمد الحرب، لتمتد ساحات الخراب، وألاّ يعشعش البأس ربوع البلاد بما صنعت أيدي الإسلامين الآثمة. ما يعّقد المشهد الآن، توّرط كتائب الظل المسلّحة للإسلامين، في اندلاع المواجهات الحالية، تحريضا وتخطيا، ومشاركتها ميدانياً في ساحات المعارك، بمباركة القائد العام للقوات المسلّحة السودانية الفريق البرهان، الأمر الذي يجعل من التهدئة أو التسوية شبه مستحيلا. إيزاء هذه الفتنة الكبرى، والبلاء العظيم، والذي وجد المواطن السوداني نفسه في ساحته مكرها، أن يؤثروا السلامة، ويقولوا من داخل منازلهم، لا للحرب، نعم الدولةـ المدنية، إن كان ذلك ممكنا وآمنا، وإلاّ فعليهم بأضعف الإيمان. //أقلام متّحدة//
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق April, 14 2023