ما دخلت الحكومة في شيء إلا شانته. وزاد فساد الموظفين شناتها وقبحها وتدميرها للبيئة الاقتصادية وريادة الأعمال. إن أصغر مشروع يعاني صاحبه من ملاحقة الموظفين الفاسدين بحثاً عن العرقلة ومن ثم الحصول على الرشوة ثم غض الطرف. وهكذا أصبحت هناك ثقافة الرشوة في السودان وليس ظاهرة الرشوة. فالظاهرة حالة مستقطعة من سياقها الثقافي الطبيعي، أما الثقافي فهو ما أضحى نشاطاً معتاداً من أنشطة المجتمع. وهكذا يتم تدمير بيئة الأعمال، وروح المبادرة والمغامرة التجارية، وطرد الاستثمار المحلي والخارجي، وشعور المستثمر بتهديد مستمر من أصغر موظف يملك سلطة. لذلك فإن الحكومة المحدودة هي أفضل نظام يمكن تطبيقه في الدول شديدة الفساد كالسوءدان، بتحجيم تدخلها في حياة الأفراد وأنشطتهم. ويكون دورها حارساً فقط، وفي حدود لا تفتح أي باب للفساد. ويتم ذلك عبر أسلوبين؛ أسلوب تقزيم الأجهزة البيروقراطية وأتمتة النظام الإداري من جهة، ومن جهة ثانية يتم تقليل البيروقراطية إلى أدنى مستوى ممكن لها. كذلك تلعب الفدرالية دوراً هاماً في حكم أهل المناطق لمناطقهم، واستقلالهم عن الظل الإداري المركزي بقدر الإمكان. لقد أصبح السوءدان دولة ميتة تماماً وشبابه يعاني معاناة حقيقية من شح فرص الانتقال من شريحة داخل طبقته المسحوقة لشريحة أعلى ناهيك عن الانتقال إلى طبقة أعلى الذي أصبح محتكراً لأبناء النافذين والمرتزقة السياسيين. تمثل الحكومة المحدودة حماية للمواطنين من تعسف السلطة، ومحاربة عملية لثقافة الرشوة والفساد. وتقلل من الإنفاق العام، وتسرع من نشاط السوق، ولها فوائد أخرى كثيرة.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق December, 01 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة