من الواضح أن تسليم السلطة إلى حكومة مدنية في السودان أصبح أمراً لا مفر منه لإنهاء الأزمة السياسية التي تفجرت بسبب انقلاب 25 أكتوبر الذي نفذه عبد الفتاح البرهان وحميدتي، في ظل الضغوط المحلية باستمرار التظاهرات ومقاطعة القوى السياسية السودانية الفاعلة للحوار الذي أطلقته الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة إيقاد) في الخرطوم، وأرجئ لأجل غير مسمى، فضلاً عن الضغوط الدولية التي كان آخرها تأكيد الولايات المتحدة على لسان مساعدة وزير الخارجية الأميركي، مولي في، بأنها تضغط على المكون العسكري في شأن إجراءات تعزيز الثقة، وأبلغته ضرورة تقديم تنازلات ملحة، فحواها تسليم السلطة لحكومة انتقالية منتخبة بقيادة مدنية.
فهل السودان يتجه لأن يصبح دولة فاشلة بمفهوم التعريف العلمى لمنظور " الدولة الفاشلة" والتي تعنى حسب تصنيف موسوعة وكيبيديا وحسب تقارير منظمة الشفافية الدولية وتقارير التنمية البشرية 2013م هي دولة ذات حكومة مركزية ضعيفة لا يمكنها التحكم في اطرافها أو غير فعالة حتى أنها لا تملك إلا القليل من السيطرة على جزء كبير من أراضيها. ومستوى الرقابة والفعالية الادارية اللازمة لتفادي علي الذي يجري النظر في الدولة على أنها لماذا دولة فاشلة. وعلاوة على ذلك ، فإن إعلان أن دولة ما قد “فشلت” هو موضوع جدل عموماً، وعندما يتم رسمياً، قد يحمل عواقب سياسية كبيرة.
تصبح الدولة فاشلة إذا ظهر عليها عددٌا من الأعراض أولها أن تفقد السلطة القائمة قدرتها على السيطرة الفعلية على أراضيها والسيطرة علي الفساد المالي والاداري والاخلاقي أو أن تفقد إحتكارها لحق استخدام العنف المشروع في الأراضي التي تحكمها. وثانيها هو فقدانها لشرعية اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها واذا ا تخذته تتخذه بعنف ارتجالي. وثالثها عجزها عن توفير الحد المعقول من الخدمات العامة الصحة التعليم الاكل والشرب. ورابعها عجزها عن التفاعل مع الدول الأخرى كعضو فاعل في الأسرة الدولية وهو إن يصبح رئيسها غير معترف به دوليا واتي بانقلاب عسكرى ولا يمكنه التحرك والسفر. لدول خارج نطاق إفريقيا والدول العربية بحرية كسائر رؤساء الدول بسبب عقوبات دولية بسبب انقلابه أو حصار دولي مفروض علي الدولة .
تندرج الخدمات البلدية والصحية والتعليمية واطعام الشعب ضمن قائمة الخدمات الأساسية والتوزيعية للدولة. كما تندرج مستلزمات إقامة وإدامة أسس التوافق على شرعية الدولة كراعية لمصالح جميع سكان البلاد وليس مصالح فئة أو فئات معدودة ومحدودة منهم. وبالمقابل لم تعد مسؤولية الدولة ولا شرعيتها محصورة خارجياً في الحصول على اعتراف الأسرة الدولية الشكلي بها. تتزايد مستلزمات ذلك الاعتراف الدولي كما تتزايد الالتزامات التي يتطلبها استمرار ذلك الاعتراف في المحافل الدولية.
ولتجنب أن يصبح السودان دولة فاشلة وللخروج من عمق الزجاجة على الدولة في المقام الأول نزع السلاح من القوات شبه العسكرية كالحركات المسلحة والدعم السريع وإدراج جميع هذه القوات تحت منظومة الجيش السوداني القومى ( القوات المسلحة السودانية ) تحت قيادة واحدة والمعروفة بقيادة الأركان المشتركة و الإسراع بإجراء إنتخابات ديمقراطية حرة بمراقبة دولية وإقليمية ومحلية تشارك فيها جميع القوى الحزبية والتكتلات السياسية بدون إستثناء وحتى حزب المؤتمر الوطنى المنحل .. إنتخابات على جميع المستويات بدأ من رئاسة الجمهورية مرورا برئاسة الوزراء والبرلمان التشريعي وبرلمانات الولايات وانتخاب ولاة الولايات وتكوين حكومة مدنية بإدارة الشعب السودانى تسير إقتصاد وإدارة شؤون البلاد لفترة لا تتجاوز أربعة سنوات