رجل في حياتي الجزء السادس

رجل في حياتي الجزء السادس


02-01-2022, 04:29 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1643686198&rn=0


Post: #1
Title: رجل في حياتي الجزء السادس
Author: اشراقة شاع الدين خلف الله
Date: 02-01-2022, 04:29 AM

03:29 AM February, 01 2022

سودانيز اون لاين
اشراقة شاع الدين خلف الله-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



مدي ومداد


ashraqtshaaldynshaaldyn@Gmil



استيقظ علي طرقات ، بطريقة منتظمة، وإيقاع موسيقي معهود طالما خبرته وخبرني، انها كلمة السر بيننا منابع للفرح، وإبتكارات للزمان ضد الإنكسار ،ومنابت القهر.
الراستا كومار ، يناديني، فصداقة الحرمان مدت وصل التقارب والتمازج بيننا، فلابد للإحزان ان تتفق ولا بد للحزآني ان يجتمعوا.
فكما للمتنفذين ظهر يحميهم، فاللشارع ظهور تجتمع لتتصدي . أجده كعادته شامخا كعمود الكهرباء الذي يطرق عليه، ضاحكا ، تزيده من ضوضاءها وذبذباتها ذبذبة تنسيه الهم، والحزن ،تقلع عنه عباءة الجمود، التي اكسبتها إياه الليالي الحالكات، والنهارات الغائظات . قائلا :
صحيتك يا مزة ؟!
الرصة شنو اشتهيت عضة الصباح .
واردف مستطردا ساخرا :
ولا اقول ليك لقويتي . ارد :
بالك رايق داير تهزر امي التاية في الحراسة لكن بتطلع الليلة عندها صرفة صندوق عند ميري بتمشي تدفع ليها الغرامة.
يرد :
نحن برضو عندنا طوبات كتيرة اليومين ده في فارات ، لكن دقسوا.
يتكلم عادة بصوت متهدج ، بكلمات متقطعة، وقاطعة ، وعيون شاردة ،تخفي ألم دفين، يريد لإبتسامته ان تمحوه. ويصمت فجأة ففي صمته إعلان بأن لا مجال لأسئلة أخري تعلم الآخر المتلقي بأنه لن يجيب .
قلت له :خلاص قد .حل مشاكلكم مع الغرباء بعد تجي امي بنجي.
رجعت الي المنزل ، واذا بالباب يفتح ، وامي التاية تدخل يبدو عليها التماسك او التظاهر بذلك لتخفي إنكسارها مني، وتخفي معه شحوبها، وإرهاقها البادئ علي محيأها. أمسكتها من عنقها ، وانا طروب، واحتضنتها بشدة
قائلة :
حمدلله علي السلامة. وبدأت بالرقص وهي تضحك ؛
يا بت خلاص امشي اجهزي نمشي المحل .
:لكن يا جلكينة ما ترتاحي يوم الليلة
فقالت :
انتي اولاد الشوارع المصاحباهم ديل جننوك كلامك كله بقي زيهم. وواصلت دون ان تسمع اجابتي ؛
ما ولعتي نار وما اكلتي شي عارفاك مكبسة في ورقك .
ياامي عشان زلابيتك البياكلوها ده خلاص قلبتي عليهم. فأشارت بيدها غير مبالية باجابتي.
: امشي البسي خلينا نمشي الزلابية مواعيده فاتت ، نشد الشاي والقهوة حنشتغل الليلة عشان خالتك سكينه ما عندها قروش الغرامة . نجمع ليها القروش ونرسل لاولاده اكل .
اليوم عادي ، ورتيب ككل الأيام ، الشاي، والجبنة، والزبائن المعتادين بقولوا لي امي التاية الحمد لله علي سلامتك .وسائق التاكسي المعتاد ان ياكل نصيبه من الزلابية ، ويحمل معه زادا للباقي من يومه . وعندما يتأخر عن موعده ،امي الناية تحتفظ له بنصيبه . اعتاد ان يحكي لها عن المواقف الطريفة التي تصادفه وعن أؤلاده وشقاؤتهم ، اصابه الإحباط عندما لم يجد الزلابية في انتظاره هذا اليوم.
والكل، يسال عن خالتي سكينة ،وزبائنها توزعوا ما بين امي التاية ، وميري ، حتي الكراسي تكدست والبعض ظل واقفا في انتظار شخص يغادر . وانا أرهقت من كثرت توزيع الطلبات . وكلما اتذكر براءة الطفولة التي إرتمت علي قدمئ البارحة. ودماؤها تسيل ، أصاب بغثيان، وحيرة ، تذهلني. من تسول له نفسه ان يصيب طفلٱ بأذي ؟! معتوها كان او جبان !؟!. فيخرجني زبونا قادما من حيرتي، فأترك البراءة تستنجد ولا مجيب . وألبي طلبا لزبون جاء في الحال. ولم أجد من احكي له عن الفظاعة ، والوحشية، عن الضياع ،والتيه ، عن قسوة العسس وإنفصالهم ، وإنفصامهم الشخصاني. فامي التاية مريضة لا تتحمل الفظائع. وميري دوما شاردة تفكر في اهلها الموجودين في معسكرات النزوح، والمفقودين .أراف ان ازيد وجعها وغبنها. وطيوبة تحرس البيت لامها الغائبة في متاهات الزمان . وعندما خففت الشمس من ثقلها علي الارض وغمض بريقها وخف لتؤذن بالرحيل شرعت تسحبه تدريجيا وتطويه لعطاء ومنحة قادمة تصحبها متغيرات كثيرات لأناس نضب عطاءهم ، وفتر كفاحهم . فجأة ،توقف الكارو ونزلت منه خالتي سكينة قفزت عليها بفرحة، اشبعها شوقا ، ومحبة. ووقفت امي التاية، تسلم عليها بالاحضان ، وكأنها لم تغادر منها هذا الصباح. وهي تقول :
حمد لله علي السلامة البركة المرقتي.
ولاحظت ان ميري أسرعت ، وخلصت حساب صاحب الكارو. دوما هي تفطن للأشياء الصغيرة ، وبعدها اغرقت خالتي سكينة بالدمعات .
فبدأت تحكي خالتي سكينة كيف اطلق سراحها قايلة :
ان الزبون صاحب السيارة الحمراء، جاءت به المصادفة الي القسم. ولما وجدها حلف ان يدفع الغرامة ، وتواصل سردها : انها حلفت عليه فرفض وقال لها عادي الناس بالناس ،وامي التاية تعقب :
كتر خيره الدنيا لسه بخيره . وغادرت خالتي سكينة لتتفقد صغارها. بعد ان حملتها امي وميري بمال لقضاء حاجتها .
نغادر الي البيت ، والظلام يرسل خيوطه ، والفرح يرسل خطاباته الئ الحصة نوم . وقررت الآ افكر ،ولا اكتب الإ المنام فأنا احتاجه أتوسمه شعاعا يغطي تعبي ، وارهاقي، ويحملني الي عالم الأحلام . فاذا بباب الشارع المواجه لغرفتي، التي بها بابين ، وكل باب يفتح علي فسحة ملحقة بباب يطل علي شارع . وصوت خافتا ، يناديني :
انا طيوبة ، افتحي الباب.
واذا بطيوبة تمسك بي وهي تبكي:
مالك يا بت في شنو؟ اسالها انا باستنكار وهي تواصل في البكاء :
انا تعبانة انا غلطت غلطة كبيرة.
: اهدي ، وأحكي ، تتكلم وبصوت متقطع :
ما عارفة ابدا ليك من وين انا ضعت يافاطمة خلاص. الراجل صاحب السيارة الحمراء بحاول اتكلم معاي طوالي بمشي منو وبطنشوا .مرة خت ورقة في يدي وقال لي ده رقم تلفوني متاكد حتحتاجي لي انا بساعدك اتصلي في اي وقت .لما امي اتقبضت وانت عارفة ما عندنا قروش غرامة وامي ممكن تقعد شهور .دقيت ليهو قال لي جدا انا بطلعه لكن عايز الاقيك قلت ليه انا بت مربية وما بحب اغلط قال لي وانا ذاتي ما بحب الغلط تعالي نتؤنس واحكي ليك عن نفسي وانا غرضي شريف . وصف لي مكان جاني فيه وركبت معاه العربية وصرخت انا باستنكار:
طيوبة اوع اكون لعب بيك.
وبدت تبكي بحرقة وتسترسل :
ان ما قايلة انه كعب غشاني قال لي حنمشي مكان هادي نتونس ولقيت نفسي في شقة ولما بكيت وقلت ليه عايزة امشي البيت صرخ فيني وقال لي انا سبب دخول امك الحراسة انا بقدر ادخله السجن مدي الحياة واشرد اخوانك لو ما عملتي العايزه وقال لي اي وقت اقول ليك تعالي تجي طوالي ومافي زول اعرف اي حاجة .
وشرعت ، تبكي بطريقة هسترية ، وتصرخ ما تكلمي امي انا ما عندي غيرك احكي ليه انا تعبانة ومتالمة ما بقدر امشي البيت خليني انوم معاك حاجة التاية ما تعرف. وتكومت علي السرير ، دافنة راسها علي اللحاف، كأنها تريد ان تدفن العار. وقالت لي :
ارقدي معاي ما تخليني براي .
تنتحب وهي تواصل قال لي :
استحمي وشوفي فستان اناسبك من الدولاب عنده كمية من هدوم النسوان اشكال والوان لقيت الفستان ده قدري . فاطمة انا خايفة منه .اعمل شنو ؟!!! تهذي بكلمات غير مفهومة ، حتي نامت . فانسحبت الي غرفتي ، وإتصلت بخالتي سكينة أبلغها ان طيوبة معي ، وانا طلبت منها المبيت . واخرجت الواني ، واقلامي لادفن فيها غضبي ، وارسم التعاسة ، والعذاب واسرد الضيم ، والقهر وأعلق صورتها مع الشهداء وحارس الوقت ليمزجوا دم بكارتها بدماء طهرهم ويعلنوا شهيدة جديدة. رجعت انام بجانبها ولا املك لها شيئا غير إعلان شهادتها .
حضنت طيوبة ، وحاولت النوم ،فإذا بحرارة جسدها ترتفع ،وتهذي بكلمات غير مسموعة . ايقظت امي التاية وجاءت منزعجة :
مالك يا بت
:طيبوبة عندها حمي سهراجة .
طيوبة جات متين وماله ؟!
فارد عليها ، والظلام يستر كذبي، ويغطي ملامحي . لانني لم اعتد ان اكذب فأرد عليها ،والأسي يغتالني :
المسمار الضربه من شهر وبتعتر منه زي التهب .
أحضرت امي التاية وعاء به ماء ، وقطعة قماش ، وشرعت في وضع الكمادات عليها، حتي استقرت حالتها ، ونامت ، والشمس ترسل عطاءها من جديد علي الكون لتجد شهيدة جديدة ، بشهادة الأكثر قهرا .
وحملتها امي التاية الي داخل غرفة الشهداء ، ووضعتها علي سريري ، فهي أول شهيدة حية تنام علي أسرة الشهداء. وسألتني امي التاية ان تدخل لي السرير التاني لانام عليه فاجبتها :
بنوم مع طيوبة في السرير.
فاضافت :
انا بمشي قدامكم كان بقت كويسة الحقوني .
ولساني يردد إنني انام مع شهيدة في وطن الشهداء الأحياء ! والشهداء الاموات! فلنغير إسمه اذن الي جمهورية الشهداء . شهداء العزة ،والكرامة ،شهداء الظلم ، والقهر شهداء الفقر، والمسغبة . وأرسلها الي عناية شهداء التأريخ الذين قدموا ارواحهم لبنات من أجل اساس مازال متصدعا ، متهشما ينخر فيه السوس ، وتأكله الأرضة ! فهل كفاحكم كان في غير موضعه !؟ أم ذهب هباء منثورا !؟ وهل تراكم الشهداء دليل علي إستبسالنا ؟! ام يدل علي عدم استقامتنا وعدلنا ؟!!! أم كلاهما ؟! فنحن ، نعيش علي نقيضين ، علي خطين متوازيين لا يلتقيان . وثالث خارج نطاقيهما ، يهوي التشبت بالإثنين تارة ، وبواحد تارات أخر علي حسب الطلب. ليملك كل شي ولا أظنه يملك غير العار ، والذل ، وفتات الموائد.


عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/31/2022


عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 01/31/2022


عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/31/2022