رجل في حياتي الجزء الرابع

رجل في حياتي الجزء الرابع


01-25-2022, 04:26 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1643081165&rn=0


Post: #1
Title: رجل في حياتي الجزء الرابع
Author: اشراقة شاع الدين خلف الله
Date: 01-25-2022, 04:26 AM

03:26 AM January, 25 2022

سودانيز اون لاين
اشراقة شاع الدين خلف الله-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



مدي ومداد


ashraqtshaaldynshaaldyn@Gmil



وكأن الدنيا تدور بي ،
وسريري يحلق في الهواء ، وتحته نيران ملتهبة تكاد تلامس لحافي ، وجنود يرتدون جميع انواع الكاكي بالوان وأشكال مختلفة ، يريدون ان يحرقوني ، وانا أركض نحو الحائط. أجد نفسي ملتصقة بصورة حارس الوقت وأصرخ مخاطبة إياه :
لا تتركهم يحرقوني، إفعل شئيا من أجلي . فاستيقظ مذعورة ،وانا ممسكة بغطائي ، متفحصة غرفتي ، فهي كما تركتها ليلا ، سريري يتوسط الغرفة تحت مروحة السقف مباشرة ، المروحة التي لا تدور الإ بعد ان أحركها بعصي ، وفي الركن الأيمن منضدة قديمة ، في شكل صندوق كانت تستخدمها امي التايه، تحفظ فيها أدوات الشاي، والقهوة ، استغنت عنها ، فجمعت فيها كتبي ، واقلامي ، وورق متناثر .وخزانة ملابس خشبية لعلها شهدت معركة كرري ، وابوابها عجزت عن الإمساك بها فاهترأت ورغم ذلك أسندها بهم، واسندهم بها ليتحالفوا علي الصبر، و صور الشهداء كما هي تزين جدراني حتي فاضت بها الجدران . فاصبحت أكدسهم مع بعض، وكل صباح أغير الرصة ، ليجدوا مساحة حرية، لم يجدوها أحياء ، فآليت علي نفسي أ ن أمنحها لهم ، وهم اموات. حرية تكفي لإبتساماتهم. فالإبتسامة، ورد وزعوه بينهم بوحي رباني ، وشفافية ، تنضح نورا من وجوههم ، ترسم علامات للنقاء ، توحي اليك ، بكلمة جامعة ترسم حروفا لكلمات باقية ما بقي الدهر ( أبقوا عشرة علي الوطن ) وصورة ، حارس الوقت ، التي رسمتها من مخيلتي ، تتحيز مساحة كبيرة وضعتها ليلا. كان هو الوحيد الذي لا يحمل إسما . كيف بحلم أن يفزعني.؟ كيف لجنود ان يخترقون حياتي واحلامي .؟! ربما حراس الوقت يمتعضون من إلصاق صورته علي حائطي او ربما ، هم القتلة ، يخافون صور الشهداء ، و لا يريدون لذكراهم ان تخلد ! يريدون قتلهم مرتين ! أم يستكثرون عليهم الخلود الرباني والإنساني ؟! واذا بصوت امي التاية تريد الدخول فهرولت مسرعة اليها قايلة :
امي إن غرفتي ، منطقة مغلقة ، ومتحررة بأمر الشهداء ، لا يمكنك الدخول .فضحكت وهي عائدة :
خلي جنك ده انا ماشة المحل الحقيني اتاخرنا علي الزبائن .
وانا ،بالمحل، مازال تفكيري في ذلك الحلم الغريب. والمكان مكتظ بالزبائن من كل الأنواع والأشكال. ياكلون الزلابية ويشربون الشاي ويضحكون وكأن هذا المكان، لم يشهد أول الأمس ملحمة كبري. وإستبسال من شباب المقاومة ، وأعلام ملطخة بالدماء، ونساء الناظر إليهن ، يتكهن بأنهن يخلون من الهموم . وجثامين ، موزعة علي الأرض، بترتيب يوحي اليك بإنها تهوي النظام، حتي في تسليم أرواحها، وإختيار امكنتها ، وتنزف لا لجرح فيها فجروحها من كثرت نزف الهوان والبطش آبت النزيف، فآثرت أن تنزف هذه المرة كرما ،وجودا . لتعتق بروح المسك والعنبر، قذارات الحاكمين ،وتعلم دروب القادمين لئلا يخطئوا الطريق . وامي الحاجة، تغطي الزلابية بفوطته البيضاء من الذباب وهو الكائن الوحيد الذي لا يعنيه الا فضوله لا يشعر ببؤسك، او حزنك، بفرحك، او بنشوتك يحط علي كل شي غير مبال. يسترزق حتي من دماء الشهداء ،ونزيف الجرحي. فعلي المنظمين للمد الثوري أن يضعوا حدا لتوقيفه إنه يفسد لقاء الأحبة بربهم ويشوش علي مداخل الروح ومخارجها ما أكثر الذباب في وطني . ظللت، أجمع أكواب الشاي ،وصحون الزلابية الصباحية . واذ بصوت ينادي :
يا فردة ،يا منقرضة . ألتفت، فاذا بكابور ينادي علي ،وهو وراء سيارة، كانت تربض خلف مكاننا. فاذهب، اليه بكيس من الزلابية، وكوب شاي .فيضحك وهو، يشير الي رجل، يجلس طرف، في بنبر في محل خالتي سكينة قائلا :
السانداك ، ابعدي منه . أجيب قائلة :
قول صباح الخير ولا اي شي . والراجل داك بشرب من خالتي سكينة طوالي هو صاحب العربية المتكي عليها انت ، مالو .؟
كابور : زول لغم !
واذا بامي التاية تناديني وهي تشير لي بيدها ( يعني تعالي) .
يعلق وهو مغادرا بسخرية :
حرس الصيد بناديك . ويذهب مبتعدا .
يمر اليوم ككل الأيام غسيل صحون، وطلبات شاي ، وقهوة ،وخالتي سكينة وامي التاية، يتبادلون اطراف الحديث من علي البعد امي الناية :
دحن الليلة ما صرفت الصندوق وميري الماسكة الصندوق ما جات .
تجيب خالتي سكينة : بكون حصل ليها ظرف بتجي .وتواصل مستطردة :
مخير الله يا التاية شوفي الاسعار ده كل صباح بتزيد ده حال شنو ده .
التايه :والله الوليدات ديل عندهم حق امرقوا الشارع الحالة بقت بطالة.
وطيوبة ابنة خالتي سكينة واسمها طيبة ويلقبونها بطيوبة وهي اسم علي مسمي لم تتعداه. أنيسة وحدتي ، في وحشة المكان، ذهبت لشراء السكر ، وانا، في مكان مزدحم بالناس، واستشعر الوحدة. اريد ،ان امكث بغرفتي ،بعالمي الذي أصنعه من خيالي، ورسمي، ودفاتري حيث أجد السكينة ،ويبدد تفكيري ، صوت عربات البوليس، وهي تحاصرنا. والعساكر يرفعون في الكراسي، والكوانيين في العربة . وامي التاية تستعطف الضابط :
ياولدي انا مرة كبيرة
ومريضة وده اكل عيشي اشتري حبوب الضغط والسكري بشنو ؟!
والضابط يصرخ فيها :ما عايز كلام كلامك ده قوليهو في القسم ياما حذرناكم وانتوا ما بتسمعوا الكلام . وخالتي سكينة، ترفع في ثوبها ، الذي تدل ، وهي تصرخ حسبي الله ونعم الوكيل فيكم كرهتونا البلد .وامي التاية تقول لي :
ارجعي البيت انا بجي بسرعة.
وصوتها ،يمتلئ حسرة، وأسي ولا أظن انها كانت واثقة من كلامها بأنها ستأتي بسرعة ، ولكن لتصدر لي الطمأنينة. والمكان ، الذي كان عامرا قبل قليل بالاصوات، والمزاح، والصخب. ضج، وعاث بالزيت المسكوب علي الأرض، والشاي، يلطخ التراب. وبعض المارة ، يتوقف للفرجة ، وجزء من الذين يعرفون التاية، وسكينة، يناقشون الضابط ان يتركهم هذه المرة . والعربة تتحرك وانا مصدومة لا ادري أابكي ام أضحك من زمن لا نملك فيه شيئا، وارض لا نملك فيها شبرا ، كأننا غرباء، وامي التاية، تشير لي بيدها، وفهمت من وحي إشارته، بأنها تريد ان تؤكد لي قوله مرة اخري .. اذهب للبيت سأعود سريعا .


عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/24/2022


عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 01/24/2022


عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/24/2022