المقصود بالحكومة في هذا الموضوع هو المجلس العسكري وجوقته، اذ لا توجد حكومة بالمعنى المعروف بلادنا منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 وحتى بعد اتفاق 21 نوفمبر بين البرهان وحمدوك بصفته " الشخصية ". اذن من يتخذ القرارات التي يعلنها البرهان يوميا بما فيها تعيينات وفصل من الخدمة المدنية والعسكرية وإعلان حالة الطوارئ وقرارات اقتصادية مثل اجازة الميزانية وزيادة أسعار الكهرباء التي جمدها ما يسمى بالمجلس السيادة، وزيارات خارجية، وداخلية، وغيرها. ما هي الجهة او المنظومة التي تقف وراء الانقلاب أو المجلس العسكري. الحقيقة المريرة أنها دولة التمكين بمؤسساتها المختلفة والتي عجزت حكومة الفترة الانتقالية طوال أكثر من عامين من تفكيكها ناهيك عن تصفيتها، وشغلت الناس بمصادرة الاراضي وغيرها من صغائر التمكين. نعم، حكومة الفترة الانتقالية أبقت على المؤسسات العسكرية والأمنية واستثماراتها الاقتصادية، بل تحولت هذه المؤسسات لعنصر للمناورات والموازنات السياسية بين أطراف شراكة الدم. هذه المؤسسات خلقها نظام الانقاذ المشؤم وسخر لها كل موارد الدولة، وحماها بالقانون والسلطة لاستخدامها في اليوم الاسود. وفعلا تهيأت لها المعطيات والاجواء لجر انفاسها واعادة تنظيم صفوفها خلال الفترة الانتقالية لمواصلة انقضاضها على الثورة في انقلاب 25 اكتوبر كامتداد طبيعي لانقلاب اللجنة الامنية في 11 ابريل 2019، ولكن هذه اللجنة الامنية لم تستفد من تجاربها السابقة فاستندت الى نفس الادوات وحتى الاشخاص الذين خبرهم ثم عزلهم الشارع السوداني خاصة بعد مجزرة فض الاعتصام واكد الشعب بانه لن ينسى ولن يغفر للمجرمين. من الغباء ان يظن البعض انهم اذكى من الاخرين، لقد ادعى وزير دفاع البشير في 11 أبريل بأن قيادة الجيش انحازت للشعب، ثم واصل عضو اللجنة الامنية السابق عمر زين العابدين ومسؤول الحركة الاسلامية في الجيش بأن ما تم ليس انقلاب وإنما " استجابة " وادعى الفريق خلا بأنهم أتوا (لحماية الشعب والسلطة والل ما دايرنها) وليس انتهاء بادعاء البرهان بأن انقلابه حركة تصحيحية. هؤلاء الادعياء فات عليهم ان شعب السودان قد خبر الانظمة العسكرية وكشفها (من قولة تيت)، تلك الانظمة التي التهمت معظم سنوات عمره بعد الاستقلال ولا تفوت عليه مثل هذه الخدع والترهات. ان سلطة الانقاذ البائدة والتي يحاول المجلس العسكري اعادة تدويرها تهاوت واندكت عروشها رغم تعدد الاجهزة العسكرية والامنية، العامة والخاصة، القومية والقبلية، والتي سخرت لها أكثر من 70% من ميزانية الدولة لثلاثة عقود وتبلغ استثماراتها 82% من الدخل القومي وما خفي من الاتفاقيات السرية العسكرية والامنية أعظم. يستند البرهان ومجلسه على نفس هذه الأجهزة والمليشيات رغم انها هربت في جولات المواجهة مع الشعب السوداني في 8 و9 و10 رمضان 2019، وغدرت بالمعتصمين في فجر 29 رمضان في مجزرة ما زالوا يتبرؤون منها ويلوذون بالفرار والقرار عند ذكرها. ان اضافة قيادات الحركات المسلحة المهرولة للمناصب لهذا الحشد العسكري الامني لن تمنحه القوة وتجربة هروبهم في شارع الستين كافية لذلك. فهؤلاء قد هربوا من مواجهة النازحين في دارفور بعد أن تربعوا على مقاعد السلطة الوثيرة باسمهم. الدرس الاساسي انه ومهما تزايد عدد وعتاد القوة العسكرية والامنية للانقلاب فان الهزيمة والعار والقصاص يلاحقها لإنها تستخدم سلاحها ضد المواطنين العزل، الثوار السلميين والذين ينادون بإسقاط الانقلاب والإتيان بالحكم المدني الديمقراطي. تستخدم ضدها الغازات السامة بكل الالوان؟ والرصاص المطاطي والحي ومدافع الدوشكا المضادة للطائرات وتوجيهها لصدور ورؤوس الشباب العزل، بل وتدهس اجسادهم بعربات صرصر العسكرية والتي تنتجها المصنوعات الحربية السودانية. وتستخدم الطائرات من غير طيار _ الدرون_ لإسقاط الغازات السامة وسط الثوار وتقتادهم لمقرات الاعتقال السرية حيث يتعرضون أيضا للتعذيب وتستخدم سلاح الاغتصاب، نفس الأدوات ونفس الرباطة وايضا نفس الشعب والشوارع التي كشفت عن جسارة وقدرات كامنة لدى الثائرات والثوار فتحولت مواكب تشييع الشهداء لكرنفالات ثورية يقودها اباءهم وامهاتهم واصدقاءهم، يتعهدون بمواصلة المشوار، تختلط في هذه المواكب الدموع بالغازات السامة والزغاريد بالهتاف الذي يشق عنان السماء والدعاء بالشعر. انها جسارة ومشاهد مخيفة للمليشيات الانقلابية الاجيرة، نعم مخيف ان يرتد البمبان إليهم او يرون بأعينهم كيف يلعب به الشباب مثل كرة القدم. لقد نزعوا الخوف من قلوب الثوار حتى اصبح امامهم الوطن او الموت دونه ومن اجله وكل يوم تنضم مجموعات ومدن واحياء وقرى ولجان لصفوف مقاومة الانقلاب، انهم يصنعون اعدائهم بأنفسهم وافعالهم. انظروا الى اين قاد الخوف والجبن قادة الانقلاب وميليشياته. أعلنوا الطوارئ، فخرجت المليونيات. ترسوا القيادة العامة بالحوائط المسلحة، فخرجت المليونيات. اغلقوا الشوارع بالتاتشرات المليئة بالجنود، فخرجت المليونيات. اعادوا الحصانات مهما كانت الجرائم، فخرجت المليونيات. نشروا الرباطة في الاحياء ووسط الثوار، فخرجت المليونيات. خرج علينا الخبراء الاستراتجيين المبعوثين من قبورهم بالاكاذيب واحاديث الافك فلعنهم المستمعون وخرجت المليونيات. اعتدوا على المستشفيات واعاقوا اسعاف الجرحى، فخرجت المليونيات. واخيرا قفلوا الكباري في العاصمة بالحاويات الضخمة وذلك كتطوير لتجربة زعيمهم "ترك" الذي اغلق الميناء والشوارع بالحاويات. هذه التجربة الفريدة من نوعها واظنها الاولى في العالم سوف تسجل في موسوعة جينيس، شكرا لهم فقد كبرت المليونيات واصبحت في كل المدن، وخطونا للامام تجاه الاضراب السياسي العام والعصيان المدني. نسى الاوغاد انهم وقبل اقل من 3 سنوات، قد اعلن مجلسهم العسكري نفسه بأن- : "اغلاق الطرق والحواجز جريمة كاملة الاركان" " واعاقة حركة المواطنين يمنعها القانون الدولي " جريدة الاهرام / الثلاثاء 6/4/ 2019 اي صبيحة مجزرة القيادة العامة. لماذا يرتكب هذا المجلس هذه الجرائم مرة تلو الاخرى. انه الخوف والذعر وعدم المصداقية، الخوف من الشعب. ليهم الخوف والكوابيس والخيانة ******* ونحن لينا الصباح
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/19/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة