Post: #1
Title: مدنية الحكم ثورة Revolution تحدث من خلال تطورٍ ونشوءEvolution (2)
Author: الفاضل إحيمر
Date: 01-17-2022, 03:41 AM
02:41 AM January, 17 2022 سودانيز اون لاين الفاضل إحيمر-أوتاوا- كندا مكتبتى رابط مختصر
الفاضل إحيمر – أوتاوا 15 يناير، 2022 (1) إن مدنية الحكم قرارٌ يتبعه مسار، ولو أنه قضت ونادت به ثورة “revolution”، فإن إنفاذه يكون من خلال تطور "نشوءِ" ممنهج ممرحل “evolution”. علاوة على ما سلف ذكره من أن العسكريين استعانت بهم أحزاب أو فئات للوصول للسلطة وأعانتهم على البقاء فيها والتمكين لهم في الداخل والخارج، الأمر الذي ينغي أن يتخذ جميع ما من شأنه أن يحول دون أن يتكرر، فهناك عناصر وعوامل أخرى لا بدَّ من الإنتباه إليها وتوفرها حتى لا يكون "حلم العسكريين في السلطة كحلم إبليس في الجنة" فقط بل حتى يدركوا عن يقين راسخ ويعوا من خلال قناعة تامةٍ أن استيلاءهم على السلطة أمرٌ ليس واجباً عليهم وأنه في كل الظروف ومها تدهور الحال غير لازمٍ ولا هو بالمرغوب أو المطلوب وفي حكم المحال. إن مدنية الحكم وجعل ذلك واحداً من ركائز وثوابت الحياة السياسية في السودان ومبدأً اصيلاً في الحكم لا حياد فيه ولا تراجع عنه، تتأتى من خلال إصلاح الحياة السياسية وإرساء وتمتين أسس الديمقراطية وتعزيز الحاكمية التي تجيء وتستمر وتذهب بطرقٍ شرعية. دون الإسهاب غير الضروري في ذلك، إن سلَّمنا بأن ذلك يبدأ من القاعدة فإن جهات ومؤسسات عديدة مسؤولة عن توعية الشعب بحقه ودوره في أن يختار هو وبالطرق التي يقرها من يحكمه وكيف يحكمه. ذات المؤسسات مسؤولة عن أن توفَّر له سبل وآليات ذلك بدءاً من إبداء الرأي بحرية والتصحيح والانتقاد وإنتهاء بالعزل عن السلطة والابعاد. وإن تطرقنا بعد ذلك للمؤسسات الوسيطة بين الشعب والسلطة، أحزاباً، كانت، منظمات، اتحادات أو نقابات، فإنه عليها أن تعي دورها وأن تضطلع به بشرفٍ وأمانةً ومسؤولية ووطنية وأن تكون هي قلاع الديمقراطية المتينة وحصونها المكينة، تقبل بكل ما تأتي به لها كان أو عليها. وليكن المعيار في هذا هو ألا تناضل الفعاليات، أيَّاً كانت من أجل الديمقراطية فحسب بل أن تلتزم وتعمل بصدقٍ وتجرّدٍ بما ناضلت من أجله. وبطبيعة الحال، لن يتحقق هذا إلا عن طريق إصلاح، بل إعادة خلقٍ لكافة مؤسساتنا الديمقراطية وأطرها بدءاً بالدستور وقوانين الإنتخابات والأحزاب والاتحادات والنقابات وغير ذلك بما يتفق عليه. (2) يصاحب هذا عملٌ وجهدٌ كبيرين في المؤسسة العسكرية، عقيدة وقواعد وقوانين وضوابط، وصولاً إلى أن تكون قناعة من ينال شرف الانتماء إليها هي أن يحمي الدستور والثغور وأن يوجه سلاحه لإعداء الشعب منتهكي سيادة البلد والحدود لا إلى صدور أبنائه وبناته فليس هناك ما هو من الأولى أشرف وأقدس وليس ثمة ما هو من الثانية أجبن وأبخس. والعشم والرجاء أنه لو ما كل المنديين ملائكة فليس كل العسكريين شياطين وإننا لنرجو أن يخرج الله من صفوفهم من يعزُّ الوطن وحده ولا يبغي غير ذلك شيئاً“. إن العسكرية السودانية، ولا أقول عنها مؤسسة إذ أن ذلك سيكون اسماً على غير مسمى، العسكرية السودانية أو بالأحرى العسكريات التي ترقص حول بعضها رقصة الموت أطراف الليل وتتشارك الفراش آناء الليل غير أن كلاً منها ينام مفتوح العينين، يد في الوساد والأخرى على الزناد، العسكرية السودانية العريقة ذات الأرث من الشرف الباذخ والصيت الحسن الممتد زماناً ومكاناً، هي الآن في أسوأ حالاتها وفي الدرك الأسفل. إن كان قادتها يعرفون ذلك فإنها مصيبة وإن كانوا لا يعرفون فالمصيبة أكبر وأنهم محض مكابرين. هكذا عسكرية، وإن سلَّمنا بدور العسكريات في إصلاح البلاد، ليست بالكفؤة لأن تقدم للسودان شيئاً، ففاقد الشيء لا يعطيه. هكذا عسكرية محتاجة لأن تنقلب على نفسها وأن تبدأ بإصلاح ذاتها. ومثلما رأت العسكريات أنه من واجبها أن تهب لإنقاذ البلاد من إخفاقات المدنيين فلتسمح للمدنيين أن يغيثوا البلاد من تخبط العسكريين. يقيناً تحتاج ما يسمى تجاوزاً مؤسسة عسكرية لثورة حقيقية داخلها وإصلاح يبدأ بالجوهر قبل المظهر وليبدأ ذلك بأن يقبل العسكريون أنهم بادئ ذي بدءٍ مواطنون مثل غيرهم لهم ما للجميع من حقوق وعليهم ما على غيرهم من واجبات وأن يدركوا أنهم ليسوا بالأوصياء على الشعب والقيمين عليه وإن أبا. لقد استفحلت أدواء وعلل هذه المؤسسة مما جعل لا علاج لبعضها سوى الدواء المر بل الكي والبتر. (3) على الرغم من أنه قد انقضى على تطبيق الديمقراطية كخيار حكمٍ مئات السنين وأن العديد من الدول تباهي بعراقة ممارستها في هذا الصدد، فإنها لا تزال تتجشم الكثير من الصعاب في التطبيق مما يجعلها مدركة لأنها محتاجة لأن تحدث بين الحين والأخر بعض التعديل وتُقدم على بعض التبديل حتى تتفادى الجمود وتضمن لنظام الحكم الذي ارتضت التطور والصمود. فكيف بديمقراطيتنا نحن التي لم تشب عن الطوق وما زالت طفلاً يجبو وفي سنين الفطام، ولأسباب سبقت الإشارة إليها من إنعدام الوطنية والمسؤولية وتقديم المصالح الفئوية والشخصية، وئدت، المرة تلو الأخرى في المهد صبية. إن أردنا أن نختار الديمقراطية طريقاً للحكم ومنهجاً للتداول السلمي الحضاري للسلطة، علينا أن نتوقع الكثير من التحديات والصعوبات والعقبات وأن ندرك أننا ونحن نسلك دربها سوف تتعثر منا الخطى وتدمى الأقدام غير أنه لا سبيل سواها لتحقيق الشعار أو المطلب الثاني: "حرية عدالة وسلام" ولن ينهض بلدنا بسواها أو يمضي، على دروب الأمن والرفاهية والاستقرار، خطوة واحدة إلى الأمام. (4) قبل أن أنهي المقال، أذكر أنه على أهمية وخطورة ما تناوله، فإن البلد مواجهة بتحديات جسام تجعل من الذي تمَّ التطرق له شجرة واحدة تحول دون أن ندرك ونري، قبل البصر بالبصيرة، أنها تخفي وراءها غابة تزدحم وتكتظ بأشجار، سوف تتكاثر وتنمو وتتجذر ما لم نعجل باجتثاثها من القرار، وبأخطار أخر جلائل عظام وتعج بفتنٍ لن تصيب الذين ظلموا، عسكريين أو مدنيين، خاصة، فيا ليتنا نفيق قبل أن يعمَّ الحريق، ونجعل ما يصيبنا الآن يقوينا وليس يقتلنا. لو أن التحدي الذي يواجهنا الآن "كيف نكون" فإن الذي نغفل عنه أو نتغافل هو "أن نكون أو لا نكون". وترد على خاطري هذه الأيام كثيراً الآية الكريمة (بسم الله الرحيم) * (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴿٥﴾ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ). صدق الله العظيم.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/16/2022
عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 01/16/2022
عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/16/2022
|
|