حينما كانت أمي طيبة الذكر أمنة كانور " ضو البيت بلغة الدناقلة " تتاوق ساعة الظهيرةمن باب دارنا جوار حديقة عبود بحي الختمية أعلم تماما أن خالي محمد الزبير او محمدساتي ود صبير سليل الملك " صبير " قد حل ضيفا عزيزا مكرما .. وود الزبير كما يحلوا للبعض يمكننا ان نقول أنه هجين بين قبيلة الدناقلة دنقلا العجوزالقدار وديار الشوايقة قرية حزيمة والراحل الصول ضابط الكديت بمدرسة حنتوبالثانوية والد اسماعيل وعبد المنعم ومجدي ومنيرة .. عاش بعض طفولته بالقدار ثم حزيمة.. وكانت تربطه علاقة خاصة والرئيس الراحل جعفر نميري .. وهو رائد الثقافة والتنويركأول من أدخل جهاز الراديو لحزيمة و من أشهر صيادي طائر الوزين والقطا بأعالي خورالمحفور ايام طلوع البحر .. وخلال عمل والده بدنقلا ربما في مشروع الحفير الشهير تزوج جدتنا " الزلال " وفي ذلكالزمان كانت الأسر الكبيرة لا ترضى نزوح بناتها عن محيطهم ومراحهم .. وتم الطلاق وكانأن غادر الصبي رفقة والده .. ولكنه لم ينقطع عن صلة أرحامه خصوصا والدتي طيب اللهثراها عمل بفرقة عباس كعسكري من الطراز الانيق المنضبط والذي زاوج بحرفية الجندي الهمامما بين الجدية والصرامة والحنية والرقة .. كان مستنيرا وتربوي ومعلم بحكم عمله بمدرسة حنتوب الثانوية تلك البقعة التي حباهاالله بالخضرة والماء السلسبيل وبالادارات التربوية الحكيمة .. وحينما يحل ود الزبير بدارنا تترقب والدتي حضوري من العمل لتنبهني أن التحف ثوبيبحشمة .. كان يغرس يده في شعري ويمازحني " ما تكوني عاملة شعرك زي بناتالخرطوم " وقتها كانت الموضة وضع لفافة ترفع الشعر لاعلى.. أكون قد خلعتها وخبأتهاويسالني لماذا لا أمشط شعري فقد كان كامل الوقار والحشمة مشاط الشعر .. ويحرصحينما يحل الخرطوم ان يزور الاقرباء والاهل .. في احدى الاجازات رافقت شقيقتيوزوجها لمدينة حنتوب في رحلة ماتعة حيث الخضرة والجمال ومسكنه الواسع الذيتظلله الاشجار وصوصوة العصافير ورخاء المعيشة كان يأتي من المدرسة محملا باكياسالبرتقال والارنجة والجوافة وقبل ان يدلف لوضعها يناولني كيس قصب السكر .. اليومالثاني لوصولنا ارتديت نفس ملابسي الطويلة .. فضحكت زوجته " فاطمة "طيب اللهثراها وبلهجة الشايقية المميزة " المكروها ما عندك غيرها " .. والله الشنطة الكبيرة بتاعتيبس لو خالي هنا زجرني بزعل .. فضحكت حتى أدمعت عيناها ومنحتني الأمان .. فاذااليوم الثالث أدلل نفسي بفستان ربما " جكسا في خط ستة " فتضحك " المكروه ما أديتكاذن لقدر دى " ويبدوا أنني تماديت .. ومدرسة حنتوب افتتحت سبتمبر 1946 واتخذت الهدهد شعاراً وأُطلق على القارب(اللنش) الذي كان يربطها بمدينة واد مدني اسم (هدهد) وكان البريطاني لويس براون أولناظر لها وكرايتون واحمد محمد صالح مساعدان و هيئة التدريس نصر الحاج علي،وعبدالحليم علي طه، وأمين زيدان، والسني عباس، وعبدالله عبدالرحمن الأمين، و منالمصريين محمد راتب الصديق ومحمد محيي الدين ابو النجا، ومنير ونيس. والبريطانيينهولت (التاريخ) وماكبين (الجغرافيا)، واستايلز، وجونز، وبرت، ودوقلاس… وتقول سيرةحنتوب جلس لامتحان شهادة كمبردج نهاية عام 1946، 47 تلميذاً نجح منهم 32 واعتبرت مصلحة المعارف النتيجة مرضية للغاية وقد شرف مراسم افتتاح حنتوب الحاكمالبريطاني العام هيوبرت هدلستون وعقيلته حيث تفقدا طابور الشرف المكون من طلابالتدريب العسكري ثم قص الشريط الحريري بمدية " سكين " سودانية قيل أنها أثرية..أحد تلاميذ حنتوب زميلي بوزارة الشباب والرياضة كان يشابهني بجدية خالي ودالزبير ويقول لي كنا ونحن طلبة نرتدي حزاء الكديت " البود " وننام به لان إرتداءه ياخذوقت ومع صافرة الصول نكون صفوفا منتظمة وبرغم ذلك كنا نقوم بهذه التدريبات بمتعةحقيقية نستمدها من رجل منضبط يغازل الجدية بالابتسامة ويربت علي أكتافنا بحيويةأبوية … رحم الله " ود صبير " وبارك الله قريته حزيمة وأعاد الله لحنتوب مصنع الرجالسيرتها الباهية . عواطف عبداللطيف [email protected] صورة.jpeg
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق December, 24 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة