[email protected] Ibrahim Adam Idris إستراتيجية شدة الاطراف والاستثمار في البؤساء/ الشعوب الاصيلة ( وقود الحرب).
يُلاحظ الآن بروز وتنامي ظاهرة إستباحة الآخر بحُجة ما يسمى الشعوب الاصيلة وتسخيرهم كوقود وضحايا حرب اهلية، و هو أسلوب سادي تنتهجه بعض الُنخب السودانية مسلكًا لعرش الحكم وهي إستراتيجية غابرة عادة ما يلجأ إليها الطغاة. ما يحدث من اقتتال على اُسُس قبلية في جنوب كردفان والنيل الأزرق على مرأى ومسمع جيوش الدولة السودانية و المجلس السيادي الانقلابي، الحركات المسلحة، مايسمى بالأحزاب السياسية، قوى اليسار وأحزاب السفارات والناشطين السياسيين والحقوقيين والصحافة الحرة، والمجتمع الدولي؛ دليل صارخ على سيطرة الفكر العشائري السادي على النُخب السودانية وعدم مقدرتهم على صنع الحياة لشعوبهم وفشلهم في وضع لبنات دولة.
حينما أرادت جماعة الإسلام السياسي فرض التوجه الاسلاموي العروبي على السودان وتثبيت الحكم الشمولي وإقصاء أولئك الذين لايشبهونهم في كل شئ كانت الوسيلة أن إستغلوا الدين وجيشوا عاطفة الانسان السوداني البسيط على كره الآخر (الجنوبي) حتى بُتر الوطن وكانت النتيجة عُنف. ثورة ديسمبر المجيدة أتت بالحركات المسلحة وبعض الناشطين السياسيين والأكاديميين والعسكريين والمليشيات المسلحة وأمسكتهم زمام الحكم باسم اتفاق جوبا.
استبشر الشعب السوداني بهم خيرًا؛ كيف لا وشعار الثوار كان ( حرية سلام وعدلة، يا عنصري يا مغرور كل البلد دارفور) شعارات لامست وجدان الشعب لأنها تدعوا إلى الاعتراف بحقوق المواطنة وبناء دولة القانون، لا الحواكير والمُناصرة بالقبيلة وادعاء الأصالة. قد تجلى في هذه الأيام ضعف وعقم عقلية النخب السودانية على الابتكار حتى في التدمير؛ حيث انتهجوا نفس نهج السلاميين وهو سياسة الاستثمار في البؤساء وشد الأطراف، وذلك بتمييز أبناء الوطن الواحد إلى ما هو أصيل و دون، وتجييش عاطفة بعض القوميات المتعايشة مع غيرها سلماً لقرون على أنها أصيلة وهي من شعوب الله/السودان المختار؛ ولتاكيد ذلك يجب عليهم قتل وسحق من هم ليسوا بالأصالة المدّعاة وفقًا لمعايير الطغاة.
وبمباركة صامتة من الجميع وللجيوش القابضة على السلطة النصيب الأكبر، إلا أن سكوت الناشطين بالأخص ما يسمى بلجنة أطباء السودان والتي كانت منشغلة برفد قنوات الجزيرة بالرصد بمجرد وقوع عبوة غاز مسيل للدموع على ثائر وسط الخرطوم ، هي الآ ساكتة و ساكنة عن آلاف القتلى والمهجَّرين في النيل الأزرق وجنوب كردفان، حيث بؤساء الهمج، النوبة والهوسا والمسيرية الزرق يتقاتلون فيما بينهم بُحجة أن البعض يرى انه أصيل، وأن النُخب/ الطغاة يرون أن هولاء البؤساء عليهم قتل أنفسهم، كما يفعل الغرب بالأمم الضعيفة بفتنهم في أنفسهم والسودان نموذج ( شريحة وقرت).
وكانت الأصالة الواهمة وسيلة شيطنة الآخر وتجريده من كل شئ، من آدميته، إنسانيته، إنكار حقه في الحياة، تجريده من حق المواطنة بوصفه غير اصيل، وحتى سلبه عقيدته ودينه إستنكار شكله ولونه. هذه هي الخطوة الأولى نحو استباحة حياة الآخر ، وبعدها لا أحد يستنكر كل ما يلحق بهذا الآخر من أذى؛ ذلك لأن قوة الشر بررت ذلك. وهذا ما انتهجه ما يسمى بالإسلام السياسي تجاه قوميات وشعوب جنوب السودان؛ حيث تم تجريدهم من عقائدهم وحضاراتهم، وثقافاتهم ثم تشريدهم وقتلهم حتى لا يستمتعوا بما كتب الله لهم من حياة. وعليه فإن جميع أنواع وأساليب تنميط وتجريد الآخر من آدميته و حقوقه وسجيته التى أوجده الخالق عليها يُعد جريمة و استنكاراً لصنع الله ويجب أن تُقاوم بشتى السبل والوسائل. إلي أولئك البؤساء: ستظلون في قاع البؤس وحضيضه حتى تصلوا إلى مستوى النضج الذي يعلمكم بأنكم في القرن الـ٢١ وعقلية الجاهلية ما باتت مجدية والحقوق تنال بالمواطنة فقط، والسيادة بالعلم وليس الجلوس على كراسي تدار برموت كنترول.
*بقلم: المستضعفين في الأرض. --
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق October, 20 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة