منذ انقلاب ٢٥ أكتوبر الماضي ظلت البلاد تشهد أزمة سياسية بين شركاء الحكم لم تراوح مكانها حتى الآن، رغم سعي المبادرات الاممية والإقليمية والوطنية للوصول إلي حل لهذه الأزمة، وترفض في مقابل ذلك قوى الثورة أي محاولات للتسوية عقب الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، والتي أنهى على ضوءها الشراكة مع المدنيين. وفي ظل تعقيدات المشهد وفشل البرهان في الجمع بين الفرقاء السودانيين علي طاولة واحدة لتجنب البلاد من الانهيار، توصل البرهان أخيرا إلي استنتاج بأنه يجب عليه التنازل عن بعض السياسات التي اتخذها سابقا، حيث قرر رفع حالة الطوارئ في البلاد وإعطاء الشعب حرية التعبير، مع الأفراج عن المعتقلين من الثوار والسياسيين في محاولة منه لإستمالة الشعب السوداني ومغازلته بهدف كسب ثقته مجددا. بينما رفض نائبه حمدان دقلو هذا القرار وقال في تصريح له الأحد الماضي أن هناك متهمون ينبغي أن تستكمل إجراءاتهم وفقاً للقانون، ويجب تحقيق العدالة وتنفيذ حكم القانون على كل مدان وإطلاق سراح من لم تثبت في حقه أي جريمة، نلتمس من هذا الرفض الذي جاء من حميدتي حقيقة الصراع الذي اشتد في الأيام الأخيرة بين البرهان وحميدتي، ويتجلي من خلال قرارات البرهان محاولته لإظهار حميدتي في وضع حرج أمام الشعب السوداني، بهدف قلب الطاولة عليه من خلال الحشود الشعبية التي لن تتردد في الخروج للتظاهر والمطالبة بإبعاد حميدتي، حيث ستكون هذه الخطوة الأولى نحو موجة جديدة من الاحتجاجات وأعمال الشغب التي سينسب البرهان ضحاياها لحميدتي وستكون ذريعته لإشراك الجيش في ضمان "الأمن والاستقرار" وذلك بإزاحة حميدتي وأنصاره عن السلطة.
كما يجدر بالذكر بأن البرهان وقع في 19 أبريل / نيسان من هذا الشهر على اتفاق سياسي واسع النطاق مع الأحزاب السياسية و الحركات المسلحة علي غرار حزب الأمة القومي بقيادة فضل الله برمة ناصر و تجمع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر وغيرهم من الأحزاب المدنية الذين وقعوا عليها سرا، إن هذا الإتفاق الذي وقعه بعض الأطراف سرا يهدف في الحقيقة إلي تقسيم معسكر حميدتي وعزله عن كل التحالفات والتكتلات السياسية والعسكرية، في حين يشكل تعزيزا ودعما قويا للبرهان في سبيل تنحية وعزل حميدتي عن المشهد السياسي السوداني.
وبهذا سيصبح موقف حميدتي هشا للغاية، ما سيسهل علي البرهان بإجماع أنصاره الجدد الذين وقعوا علي المبادرة السياسية علي زحزحة حميدتي وإبعاده عن السلطة، ولن يطول الأمر للقيام بهذا العمل، وهو ما جاء في تصريحات البرهان بتشكيل حكومة جديدة قبل العيد.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 04/22/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة