إنه حقا لمن سخريات القدر ، أن يعترض مجلس السيادة ، الغير منتخب أصلا علي تدخل بعض البعثات الدبلوماسية في الشأن السوداني ، بينما الذي يدير البلاد فعلا ويبرم الإتفاقيات (إتفاقية جوبا للسلام مثالا) قوي إقليمية ودولية معروفة ، ولا يتم ذلك إلا بمعرفة ومباركة وتعاون مجلس السيادة نفسه الذي ثبُت أنه هو أيضا به قوة " داخلية" محتلة ، بالنظر إلي أعضاءه ، العسكريين والمدنيين الغير منتخبين أيضا ، والمُوصي بتعينهم لأسباب وأغراض ودوافع معينة ، لا مجال لذكرها هنا.
هذه إذن سيادة مزعومة ، حتي لو كانت " إنتقالية" ، لم يقرها دستور ولا سلطة قضائية مستقلة وإنما أُدرجت في وثيقة دستورية معيبة، تم نقضها من رئيس المجلس الإنتقالي ، بعد ما منح لنفسه سلطات مطلقة ، في الحل والعقد ، لا معقب عليها وإتخذ من القرارات والمواقف ما لا تجوز إطلاقا في سلطة " إنتقالية" مؤقتة ، حتي إنك لا تعرف ، أهي من سلطات القائد العام أم من سلطات رئيس مجلس السيادة ‼ مما أوصل البلاد بسبب هذا " التخبط " والإذدواجية إلي حالة من الإحتقان والتردي ، لم تشهد حقبات الحكم المتعاقبة مثله من قبل ، حتي وهي في أحلك ظروفها‼.
معلوم أنه يُتداول في الفقه الوضعي مصطلح " السيادة" كنوع من التحديد " الهلامي" المعني ، كسلطة الدولة وسلطة الشعب ويدرج ذلك في الدستور ، وعادة لا يعمل به ، كحالتنا المجربة سابقا مع الحكام والدساتير الدائمة والمؤقتة إلا أن المصطلح بحالته هذه لا تقره الشريعة لأن الحق المطلق والسلطة السيادية لكل المخلوقات ، كما هو معروف ، لله وحده عز وجل ، لذلك ، يعمد الحكام وأصحاب السلطات من ذوي النوايا السيئة ، إلي القسم علي كتاب الله للإقرار " شكلا" أن هناك تقييد ما من سلطة أعلي ولكن ، في الواقع المطبق ، يختلف الوضع تماما والشواهد ، لا تحصي ولا تعد!.
لا بد أن يسجل مجلس السيادة الحالي وهو يعترض علي إنتهاك سيادته أنه قد قام ولا زال ، خلال " تسيده" المزعوم ، بالمخالفات والإنتهاكات الآتية ، التي ترقي إلي جرائم يعاقب عليها القانون الآلهي قبل الوضعي:
1-قتل الأنفس بغير حق في الإعتصامات والمظاهرات السلمية التي دائما ما تطالب بتسليم السلطة للمدنيين وعودة العسكر إلي الثكنات.
2-أكل أموال الناس بالباطل بالسيطرة علي الموارد وقصر الإستفادة منها علي فئات ودول لا تستحق.
3- العبث بميزان العدالة وعدم إيفاء الكيل لمستحقيه من عامة الشعب ومنعهم من الإستفادة من نعم الله في أرضه والتضييق عليهم في معايشهم ، مما ينذر بتهديد مستقبل الأجيال الحالية والقادمة بالضياع والتشتت.
4- تخصيص ميزانية مبالغ فيها للصرف علي أعضاء مجلس السيادة وتوفير كافة مستلزمات الرفاه لهم، لدرجة التخمة ، وذلك دون أي مخرجات أو مهام تذكر.
5-تدمير بنية المنظومة العسكرية لقوات الشعب المسلحة ، الضامن الحقيقي لحماية أمن وسلامة البلاد والمحافظ علي سيادتها وذلك بإستبدالها بقوات من خارج المنظومة العسكرية المعروفة ، ومنحهم مزايا ومرتبات خرافية من خزينة الدولة ، بالرغم من إختلاف عقيدتهم العسكرية ، بل وجنسيات بعضهم الغير سودانية .
6-إقحام البلاد في حروب خارج الوطن ، لا ناقة لنا فيها ولا جمل مقابل منافع مادية وحظوات شخصية ، مما يهدد مستقبل علاقات حسن الجوار مع تلك الدول .
7-السماح لدول إقليمية ودولية بالتغلغل والعبث بسياسات الدولة الداخلية والخارجية ، بل وإستيراد أدوات قمع وبرمجيات متطورة منها للسيطرة علي المظاهرات الشعبية.
8-منح ولايات معينة " حكما ذاتيا" دون الرجوع إلي أو مشاورة أصحاب المصلحة الحقيقية لتلك الولايات ، مما يعتبر مهددا أمنيا وعلي نفسي الخطي ، بداية لتفكيك الدولة السودانية تباعا.
9-إستمرار التعاون مع أذناب النظام البائد ودعمهم وحمايتهم حتي في مظاهراتهم الغير سلمية.
10-عدم القدرة علي السيطرة علي الوضع الأمني بالبلاد وتفشي البلطجة المسلحة والإعتداء والنهب والإغتصاب وتهديد حياة ومصالح عامة الناس.
11- عدم القدرة علي السيطرة علي الحركات المسلحة وإبعادها من المشهد السياسي ، بل ومن العاصمة والعجز عن إدراجها ضمن منظومة القوات المسلحة.
12-التعتيم علي نشاط وميزانية مجلس السيادة والحكومة الإنتقالية المكلفة وعدم نشر البيانات والقرارات الهامة في الجريدة الرسمية ( الجازيت) عن السنة الحالية 2022م...
13-الإصرارعلي التشبث بالسلطة بالرغم من صدور مطالبات شعبية عدة بضرورة التنحي وتسليم السلطة العسكرية لقادة أكفاء ، مستقلين وتهيئة الكيانات المدنية الوطنية ، بكافة مكوناتها لإستلام السلطة لاستكمال الفترة الإنتقالية .
حمدت الله كثيرا أن لاقيت بالأمس ود عمنا ، اللواء …؟ ، خريج الدفعة ؟2 والذي أحيل للمعاش قسرا مع كثير من زملاءه الوطنيين وجدته صامدا ، يمارس حياته كمواطن عادي.( ومن دفعته وأقرانه ، منهم من يمتهن الزراعة ومنهم من يقود الهايس والأتوس ومثلهم من الدكاتر والبروفات الأجلاء).
المجد والخلود لشهداءنا الأبرار ، الذين أخجلونا ببذل دمائهم رخيصة علي تراب هذه الوطن والبشارة لذويهم ، أن الأجر مُدخر ومُحتسب بإذنه تعالي والتحية للجرحي مع الدعاء لهم بعاجل الشفاء ولرجال المقاومة الأشاوس ، الذين لم يلحقوا بإخوانهم بعد وهم علي دربهم سائرون والصبر والصمود لشعبنا الأبي ، فما الصبر إلا بالله وما النصر إلا من عنده وإنه لقريب ، بإذنه تعالي.
الدمازين في : 29/01/2022م.
محمد عبد المجيد أمين ( براق )
فضلا : برجاء مراجعة مقالي الموسوم ب "حاكموا الذين أخلوا بالقسم".نشر في 17/5/2015م.
والآخر …." آخر الضباط العظام" نشر في 12/04/2020م.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/28/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة