إلى متى نظل ومعنا آخرون ، تنطلي علينا ذات الخِدع التي يُوقِعنا فيها السياسيون ، ولا نتوب ولا نرعوي ، ثم ما نلبث إلا وأن نقع في نفس الحُفرة أوالمطب الذي وقعنا فيه بالأمس القريب ، فالسياسيون خصوصاً أولئك الذين تنسحب من حولهم الأضواء فجأةً أو بالتدريج ، يحتاجون كل فترةً وأُخرى أن يلتفت إليهم الرأي العام حتى يلمع نجمهم من جديد بعد أن خبا ، وطبعاً لاسبيل إلى ذلك بغير الإعلام ، هذا الذي تعدَّدت أشكاله ومضامينه ، من حيث المؤسسية ومن حيث الإلتزام بأخلاقياته المهنية أوعدم الإلتزام عند معظم من ولجوا إلى هذه المهنة عبر التخصُص أو مُستأنسين بمجرَّد الموهبة ، هذا فضلاً عن ما أطل على العالم من إعلام الخواص والذي مكَّن كل الناس من الإستفادة من إمكانيات النشر الإعلامي عبر وسائط التواصل الإجتماعي الإلكتروني ، بقدرٍ في بعض الأحيان يجعل تلك الحِراكات الإعلامية الفردية والإفتراضية ذات تأثير أعمق من المؤسسات الإعلامية الماثلة في الواقعه الحقيقي ، كل ذلك يجعل السياسيين الباحثين عن الشُهرة أو إعادتها إذا ولّت إضافةً إلى (تلذُّذهم) بمتعة شغل الرأي العام ولو بأمور سفسطائية وبالدارجي (لا بتودي ولا بتجيب) ، هكذا فعل مبارك الفاضل في الأيام الأخيرة السابقة لنشر هذا المقال حين صرَّح عن تأييدة وإستعداده المعنوي لإمكانية التطبيع مع إسرائيل ، وللأسف فأن الآلة الإعلامية الرسمية والخاصة وتلك التي يديرها الأفراد عبر حساباتهم التواصلية تستجيب ، لتنجح الخطة المُتعلِّقة بأن يشغل مسئول أو نافذٍ ما الرأي العام فيما لا يفيد ولا يتناسب مع (خصوصية وخطورة) المرحلة التي تعيشها هذه البلاد المغبونة وشعبها المغلوب على أمره ، ليت السيد مبارك الفاضل يشغل الرأي العام بإنجازاته وتحقيقه الإيجابي لأي نسبة من برنامجه ومخططه وواجباته المُتعلِّقة بالمنصب الوزاري الذي يتوَّلاهُ حالياً ، أو على الأقل ليته يشغلنا بالهموم العامة المُسيطرة على أفئدة وعقول الناس من فقرٍ ومرض لا إمكانيات مادية للبسطاء في درء آلامه ، أو ما يواجهه التعليم الحكومي من حروب وتغوَّلات وتحديات في مواجهة سوق المدارس والجامعات الخاصة ، والغلاء وما أدراك ما الغلاء والكثير من الهموم والمآسي التي أصبح حصرها مستحيلاً من ما يُعانيه هذا الشعب الذي ظل وما زال يتحمَّل (هرطقات) المسئولين والنافذين فيه ، وهم يدورون بلا وعيٍ ولا إكتراث خارج إطار آمالة وطموحاته وحقوقه المُهدرة ، مالنا ومال إسرائيل ونحن عاجزون حتى الآن عن تحقيق هويِّتنا الداخلية المُعقَّدة الأشكال والمضامين بما يجعلنا نلِج الأبواب الصحيحة والمنطقية لتخطيط علاقاتنا الخارجية ، ثم مالنا ومال هذا وبين أيدينا ملفات (التطبيع) الوطنية الداخلية بين الحكومة والمعارضة الحقيقية مُلتهبة وثائرة وبين طيَّاتها جِراحٌ وغبائن شتى يدفع أثمانها المُرة أهلنا في دارفور وأبيي وحلايب والفشقة وغير ذلك الكثير من المآسي .. عودوا إلى رشدكم يا هؤلاء .. ودعوا الناس تنشغل بهمومها الأساسية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة