هذه حرب عبثية، المنتصر فيها خاسر، والخاسر الأكبر هو الوطن، كفانا مذلة، أين كان السودان في سابق عهده، وإلي أين غدا الأن؟
خلفية إنشاء قوات الدعم السريع.
جاء تقنين الوضع العسكري لقوات الدعم السريع علي عجل، علي خلفية تأمين مشاركة النظام البائد في حرب اليمن والمتمثل بوجود قوات برية كبيرة وغطاء جوي سوداني، علماً بأن معظم المقاتلين السودانيين هم من مليشيا (الدعم السريع)، وهي ذات المليشيا، التي رفضت القوات المسلحة السودانية في وقت سابق ضمها إلي صفوفها بإعتبارها مليشيا لا علاقة لها بالقوات المسلحة ونظمها العسكرية المتعارف عليها، وما عرفت به القوات المسلحة السودانية من أسس راسخة ؛ الا أن هذا الموقف تغير بشكل جذري، فأعتبر قادة القوات المسلحة الحاليين، الدعم السريع جزء أصيل من الجيش السوداني، ويأتي من رحمها.
ولغرض تقنين وضع الدعم السريع سارع المدير السابق لمكتب الرئيس المخلوع، الفريق طه عثمان الحسين بالدفع بقرار في العام ٢٠١٣ أقنع بموجبه الرئيس آنذاك بالتوقيع عليه، لتصبح قوات الدعم السريع تابعة أولاً لإدارة العمليات بجهاز الأمن السوداني، وتمرير قانون لاحق في البرلمان المعين في العام ٢٠١٧ لإتباع تلك القوات مباشرة لرئاسة الجمهورية، شأنها شأن أي حرس جمهوري تحت إمرة رئاسة الجمهورية.
مع العلم إن قرار كهذا لا يستقيم قط مع مباديء سيادة الدول، والنهج والممارسة العسكرية في بلد كالسودان، الذي يعتبر من بين أكثر الدول رسوخا في الممارسة العسكرية، والجندي السوداني يعد مضرب مثل في الانضباط العسكري، إستحق الفريق طه علي جهده الضال، وضعا المقرب الأكثر مصداقية لدي الرئيس المخلوع آنذاك، لتمريره هذا القرار، بجانب "منحه جنسية احدي الدول الداعمة لمشاركة السودان في حرب اليمن"، ولمزيد من ضمان حمايته مستقبلاً من المساءلة القانونية، في حالة إنقلاب الأوضاع السياسية، وربما المساءلة الجنائية عن فترة تقلده لمنصبه الحساس، والذي استغله لتحريك وتوجيه مجريات الأحداث السياسية والأمنية ومصير البلاد كيفما يشاء، ولاحقاً مكافأة له، جري تعينه مستشاراً للشؤون الأفريقية في بلاط تلك الدولة.
ومن ثمة أعلن بليل، عن مشاركة السودان بقوات برية في الحرب في اليمن، قرار لم يشاور أو يعلم به حتي وزير الخارجيه، فسمعه في صبيحة اليوم الثاني من الاعلام.
حرب عبثية تدور رحاها في وطننا.
تقول المعلومات الشحيحة المتوفرة، بأن الحرب بدأت بفتنة تستهل القضاء علي قوات الدعم السريع بضربة عاجلة، وبمؤامرة تجرهم إلي مدينة مروي حيث تجري القوات المصرية مع وصيفتها السودانية مناورات عسكرية، الشعب السوداني بدأ ينتقد الوجود العسكري المصري في مروي ويتسائل ما السبب. ومن ثمة ارتفعت وتيرة المطالبة بابعادهم وعدم استباحة سيادة السودان أبعد من احتلال حلايب وشلاتين، وتضيف تلك المعلومات، بأن الإسلاميون سوقوا لهذا الأمر للدعم السريع ودفعوا به الي ذلك، فبلع الطعم، فدخل الدعم السريع المدينة، "ولكنه يؤكد بأن دخوله جاء بأوامر تحرك وموافقة من قيادة الجيش السوداني"، وهنا ارتفعت اصوات داخل الجيش تستنكر دخول الدعم السريع وتدعي علي انها مخالفة للأوامر العسكرية، واصدر الجيش السوداني بيان تشير أصابع الإتهام الي أنه مدسوسا من الاسلاميين يحذر السودانيين من مغبة تحركات الدعم السريع، يبتدئ "الى أن بلادنا تمر بمنعطف تاريخي وخطير ، وتزداد مخاطره بقيام قيادة قوات الدعم السريع بتحشيد القوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن، وذلك "حسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية الخميس الماضي"، كما جددت القوات المسلحة في بيان أخر لها "تمسكها بما تم التوافق عليه في دعم الإنتقال السياسي وفقا لما تم في الإتفاق الاطاري، وحذر بيانها "القوى السياسية من مخاطر المزايدة بمواقف القوات المسلحة الوطنية" ينتهي، وهنا تبدو ملامح السعي لبناء قضية رأي عام في مواجهة الدعم السريع، بيد أن الدعم السريع قال من جهته، "انه دخل المدينة بموافقة وتنسيق مع الجيش السوداني".
وبالرجوع الي وجود القوات المصرية في قاعدة مدينة مروي، لم يأت صدفة، فلربما، أن حقيقة وجودها في المدينة جاء تحت مظلة وذريعة اجراء مناورات مشتركة، لكنها كانت خدعة، ومؤامرة متفق عليها من القيادات الاسلامية في الجيش السوداني، التقت فيها رغبة مصر لمساندة الحكم العسكري، وعدم السماح بالتحول المدني، "فالسياسة ليست ثابته، بل فيها المتغير، الا المبادئ"، فلا غرو أن هناك العديد من الملفات ستتغير ضمن سياسة السودان الجديدة تحت مظلة الحكم المدني، اولها انهاء عقود تجارية ضخمة وطويلة الأجل، يستفيد منها الجيش المصري بتوريد الجيش السوداني الاف الاطنان من اللحوم والمنتجات الغذائية السودانية، التي تعيد مصر تصديرها بالاستفادة من قيمتها الاضافية كمنتجات مصرية، وذلك مقابل استمرار سند مصر للحكم العسكري، وقد يسائل البعض، هل تدعم مصر الاسلاميين في السودان، فالعسكريون السودانين اسلاميون حتي النخاع، وهم من يسيطرون علي سدة الحكم ومقاليد في السودان حتي بعد سقوط البشير؟ الاجابة ان لمصر "موقف ثابت لم يتغير قط"، لا دعم فيه للاسلاميين، وهذا أمر يتصل بالواقع المصري، وتاريخ موقف مصر من الاسلاميين فيها، ولكنه ليس بخاف أن مصر تقف ضد التحول الديموقراطي في السودان، والدليل علي ذلك ان الولايات المتحدة والرباعية والترويكا استبعدوا "بعد استنفاد جميع الفرص لاقناع مصر بالانضمام الي كل من السعودية والامارات اللتان كان لهما موقف مشابه من دعم العسكريين في السودان لاسباب واجندات مختلفة"، فتغير موقف الدولتين الأخيرتين، وبقي الموقف المصري علي حاله، أي أن لمصر موقف معارض للتحول والانتقال المدني في السودان، وكما اسلفنا. فإن العديد من الملفات الثنائية لا محال سيتغير موقف السودان فيها تحت الحكم المدني، وعلي رأسها الموقف السوداني من ملف سد النهضة، فالسودانيون يعوون ان مصلحة السودان ترجح الاسهام في تكلمة سد النهضة الاثيوبي باعتباره اكبر مشروع تنموي للطاقة الكهرومائية وسيعود بالنفع علي السودان، لاسباب عديدة، اهمها تنظيم جريان الماء في نهر متمرد كالنيل الازرق، واستدامة مستوي تدفق الماء فيه، وتمكين السودان من التحول من الزراعة الموسمية التقليدية الي الزراعة الحديثة والمستدامة، وتوسيع الرقعة الزراعية علي ضفتي النهر من تخوم ولاية القضارف علي الحدود مع اثيوبيا الي ملتقي النيل الازرق بالنيل الابيض وعلي طول مجري النيل من الخرطوم وحتي مشارف الحدود مع مصر، بالاضافة الي ابرام عقود "تمت بالفعل" مع اثيوبيا لامداد السودان بما يحتاجه من طاقة، وهذا سيكون بمثابة دعم كبير للتنمية في السودان، وما ذلك يؤمن أستراتيجية السودان في الاستناد علي الأهمية القصوي "للأمن المائي " ، ومن جهة اخري فان الحكم المدني حتما سيضغط لاسترداد حلايب وشلاتين من مصر، وهو ملف مودع لدي مجلس الامن، ويجدد كل عام.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق April, 14 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة